سعر الخضراوات والفاكهة مساء اليوم 15 يونيو 2025    ميرتس: الحرب في الشرق الأوسط ستكون من أبرز القضايا في قمة السبع    رابطة الدوري الإنجليزي تعلن موعد الكشف عن جدول مباريات موسم 2025-2026    خاص- ريبيرو يشرح لزيزو سر تغييره أمام إنتر ميامي    الأرصاد: انخفاض درجات الحرارة 2 درجة على أغلب الأنحاء    محافظ المنيا يؤكد: خطة ترشيد الكهرباء مسئولية وطنية تتطلب تعاون الجميع    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى الجولان والجليل ومنطقة حيفا    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    السيسي يصدق على إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء الشهداء    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    رئيس الوزراء العراقي: العدوان الإسرائيلي على إيران يمثل تهديدا للمنطقة    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    مانشستر يونايتد يواجه ضربة بسبب تفضيل جيوكرس لأرسنال    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    تحريات لكشف تفاصيل اتهام موظف بسرقة أدوية فى الطالبية    ليس لأبراج تل أبيب.. مقطع مزيف للقصف الصاروخي في إسرائيل ينتشر على مواقع التواصل    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    نقابة المهن الموسيقية برئاسة مصطفى كامل تنعى نجل صلاح الشرنوبي    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    المتحف المصري الكبير يستقبل الزائرين.. وإلغاء قرار الغلق بداية من اليوم    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    أنظمة عربية اختارت الوقوف في وجه شعوبها ؟    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة الشريعة بين الأحكام والمبادئ
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 11 - 2012

تدير جماعات الإسلام السياسي معركتها بخصوص ما ورد في الوثيقة الأولية للدستور من النص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, علي ضرورة استبدال لفظ أحكام بلفظة مبادئ; أو علي الأقل تعرية الشريعة من النص علي المبادئ والأحكام. وهنا فإنه يلزم الوقوف علي ما تحتج به هذه الجماعات من وجوب هذا التحويل لدلالة الشريعة من المبادئ إلي الأحكام, ثم تفكيك هذه الحجج علي نحو يكشف عما يسكنها من الخلل والعوار.
يستند التبرير السلفي لوجوب حذف لفظة مبادئ من مادة الشريعة في الدستور إلي أن استخدام اللفظة يقصر الشريعة حسب قول أحدهم علي القواعد العامة من الحق والخير والعدل, التي يتوافق فيها الإسلام مع البوذية; وبما يعنيه ذلك من أن الرجل لا يريد بالشريعة ما يربط الإسلام بغيره من أديان أهل الأرض التي تتوافق جميعا علي الأمور الكلية المشتركة, ويريد بها ما يفصله عن غيره من الأديان, من الأمور والأحكام التفصيلية الجزئية. وللمفارقة, فإن هذا الفهم ينتهك ما ينزع إليه القرآن الكريم من نسبة فعل التشريع( ومنه الشريعة) إلي الله وحده, مع صرف دلالته- بحسب المفسرين الثقاة إلي الأصول الكلية المتوافق عليها بين الأنبياء وأهل الأديان جميعا; وهو ما جعل الإمام الشاطبي يؤكد, في الموافقات في أصول الشريعة, أن هذه الأصول مراعاة في كل ملة. وإذ يمضي مطلب جعل الشريعة أداة فصل بين الناس في اتجاه معاكس للقرآن, فإنه لا يبقي إلا أن يكون تعبيرا عن بناء عقلي ونفسي لا يري في العالم إلا ساحة للانقسام والتمايز.
ومن حسن الحظ, أنه إذا كان القرآن قد جعل ما يشرعه الله مخصوصا بما يجمع بين بني البشر من الكليات, فإنه قد جعل ما يفاصل بينهم من الأحكام التفصيلية الخاصة من فعل الفقه الذي اختصه بالإنسان. ولعل ذلك ما يكشف عنه التداول القرآني للجذرين شرع, وفقه; وأعني من حيث يجعل فعل تشريع الدين مختصا بالله وحده( في قوله: شرع لكم من الدين- الشوري,13), وذلك فيما يجعل فعل التفقه في الدين مردودا إلي البشر( في قوله: منهم طائفة ليتفقهوا في الدين- التوبة,122).
والحق أن داعية السلفية لا يرفض لفظة مبادئ في مادة الشريعة, لتعلقها فحسب بالكليات المشتركة التي تصل الإسلام بغيره من الأديان, بل لكون هذه المبادئ تؤشر فقط علي ما هو قطعي الثبوت والدلالة; وبما يعنيه ذلك وعلي قول أحدهم من أن ما هو ظني الثبوت والدلالة والذي يمثل علي قوله القدر الأعظم مما يقول إنها الشريعة سوف يوضع خارجها. ولهذا فإنه يريد تعرية الشريعة عن لفظة المبادئ, ليتسني له إلحاق هذا الظني بها. وحين يدرك المرء أن الظني هو ما يتميز بانفتاح دلالته وحركيتها, وعدم قطعيتها, فإنه سيتحقق من أن الله قد أراد له أن يكون ظنيا ليصبح موضوعا لفعل التفقه في الدين الذي ينسبه القرآن الكريم إلي البشر; بحيث يكون متروكا لهم تحديد دلالته, بحسب ما يناسب طبيعة وعيهم وواقعهم, وتفعيلا لمبدأ رفع الحرج.
وبالطبع فإن الناتج عن فعل تفقه البشر( في هذا الظني الدلالة) لابد أن يكون عاكسا لواقع تاريخهم; وعلي النحو الذي يمكن معه القول إن السعي الملحاح من جانب دعاة السلفية إلي نقله من مجال الفقه( ذي الطابع الإنساني) إلي الشريعة( ذات الأصل الإلهي), إنما يقدم الدليل العملي الواضح علي ممارستهم الأثيرة في تحويل التاريخ إلي دين. وليس من شك في أن فرض هذا التاريخ السابق علي الناس, كدين واجب الاتباع, سوف يضع الناس في الحرج الذي ينطق القرآن الكريم صريحا بأن الله لا يريده أبدا للبشر, وذلك في قوله: وما جعل عليكم في الدين من حرج. ويرتبط هذا الوضع للناس في الحرج بحقيقة أن ما يكون به الصلاح في وقت بعينه, قد لا يستجلب الصلاح نفسه في غير هذا الوقت; وبما يعنيه ذلك من أن صلاح الشئ مرتبط بوقته, وليس أمرا مطلقا أبدا. ولأن أحدا قد يحتج بأن الفقه هو وضع إلهي, وبالتالي فإن صلاحيته مطلقة خارج الوقت; فإنه يلزم التأكيد من جهة ألا أن الفقه, بما هو نتاج فعل التفقه في الدين, مردود حسب القرآن نفسه إلي الناس, وليس إلي الله, وذلك فضلا عما بدا من استحالة تفسير تعدد الوحي, وهو فعل الله حقا, لا مجازا, إلا عبر قاعدة ربط الصلاح بالوقت.
فقد بدا أن تفسير التعدد الحاصل في فعل الوحي هو مما يستحيل تماما إلا عبر ربط الصلاح بالوقت; وإلا فإنه ستتم نسبة النقص إلي الله( جل شأنه), فإنه لو قيل: إن الوحي الثاني أصلح من الأول( من دون ربط هذا الصلاح بوقته), لكان( هذا الوحي) الأول ناقص الصلاح; فكيف يأمر الله به( وهو الناقص)؟, قلنا والقول للرازي في مفاتيح الغيب إن( الوحي) الأول أصلح من( الوحي) الثاني بالنسبة إلي الوقت الأول, والثاني بالعكس منه. وهكذا لا يتورع من هو في وزن الرازي عن التعامل مع الوحي( وهو فعل إلهي), بحسب قاعدة ربط الصلاح بالوقت, لكيلا يصار إلي نسبة النقص إلي الله.. فهل يجوز ربط الصلاح بالوقت في حال الوحي( وهو فعل الله لا محالة), بينما لا يكون ذلك جائزا في حال الفقه( وهو فعل الناس بامتياز)؟.
إن ذلك يعني أنه, وعلي فرض أن الفقه هو وضع إلهي, فإن ذلك لا ينبغي ألا يحول دون ربط صلاحه بالوقت, قياسا علي ربط صلاح الوحي وهو فعل الله الصريح بالوقت, وإذ يحيل ذلك إلي اعتبار الله( جل شأنه) للسياق الإنساني المتغير, وذلك فيما يصر هؤلاء- عن عمد أو جهل- علي إهدار هذا السياق بالكلية, فإنه لا يمكن قبول ما يزعمون من أن هذا الإهدار هو من أجل إعلاء كلمة الدين; وذلك إلا أن يكون دين سلاطين الاستبداد, وليس أبدا دين الله الذي هو أكثر رحمة بالعباد!.
المزيد من مقالات د.على مبروك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.