تعليم الغربية: لا إجبار في اختيار نظام الثانوية العامة والبكالوريا اختيارية    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد    وزير الخارجية: الحكومة حريصة على تقديم الدعم والرعاية لأبناء الوطن بالخارج    فتح باب التقديم الإلكتروني للمدن الجامعية بأسيوط    بالفيديو.. أستاذ تاريخ يوضح أسرار ثورة يوليو 1952    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم الخميس 24 يوليو    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 24 يوليو 2025    وزير الري يبحث حالة المنظومة المائية وموقف المرحلة الثانية من تطهيرات الترع    وزيرة التخطيط: المشروعات الصغيرة والمتوسطة أثبتت قدرتها على التأثير في اقتصادات الدول النامية    شركات صينية تنشئ 3 مصانع للملابس والمنسوجات بالقنطرة باستثمارات 65.5 مليون دولار    صحة غزة: دخول شاحنات أدوية من منظمة الصحة العالمية لمستشفيات القطاع    إعلام إسرائيلي: وحدات خاصة تشارك بالبحث عن منفذ عملية الدهس في كفار يونا    على خطى اليابان.. الاتحاد الأوروبي يقترب من صفقة تجارية مع الولايات المتحدة    إصابة 9 جنود إسرائيليين في عملية دهس.. مروحيات ووحدات خاصة لضبط منفذ العملية (صور)    راشفورد يكشف الفرق بين برشلونة ومانشستر يونايتد    مصطفى شلبي يعلن نهاية مشواره مع الزمالك ويوجه رسالة للجماهير    إنفوجراف| الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الجمعة    غرامات وسحب تراخيص لمخالفي تركيب الملصق الإلكتروني    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    حسين فهمي ضيف شرف الدورة الثانية من جوائز الباندا الذهبية    حملة «100 يوم صحة» تقدم 12 مليون و821 ألف خدمة طبية مجانية خلال 8 أيام    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    جامعة القاهرة تطلق جائزة التميز الداخلي للجامعات 2025 تأهيلًا للمشاركة في جائزة التميز الحكومي    مندوب فلسطين: تصويت الكنيست الإسرائيلي للسيادة على الضفة الغربية انتهاك للقانون الدولي    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 24 يوليو 2025    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    «زي النهاردة».. محمد سعيد باشا الذي «كان يحب المصريين ويكره الأتراك والشراكسة» حاكمًا على مصر 24 يوليو 1854    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    سيناء في «قلب جهود التنمية»    قصف إسرائيل ومطار «بن جوريون» خارج الخدمة مؤقتًا    لطلاب البكالوريا 2025.. تعرف علي كليات مسار الآداب والفنون    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة بطريق "الإسماعيلية- العاشر من رمضان"    تنسيق الجامعات 2025 علمي علوم.. كليات تقبل من 60% ومؤشرات الحد الأدنى للقبول    أرخص الجامعات الأهلية في مصر 2026.. المصروفات الكاملة وطرق التقديم (القائمة المعتمدة)    «صفقة قادمة».. شوبير يشوّق جماهير الأهلي حول المهاجم الجديد    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «تحسه واحد تاني».. خالد الغندور يهاجم زيزو بعد التصرف الأخير    سعر السمك والجمبري اليوم الخميس 24 يوليو 2025 بالأسواق    نهاية سعيدة لمسلسل "فات الميعاد".. تفاصيل الحلقة الأخيرة    روسيا: تعليق عمل مطار سوتشي 4 ساعات بسبب هجمات أوكرانية    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    تايلاند تعلن إغلاق المعابر الحدودية مع كمبوديا وتستدعي سفيرها مع تصاعد التوترات    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    أحمد نبيل فنان البانتومايم: اعتزلت عندما شعرت بأن لا مكان حقيقى لفنى    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    سيف جعفر: فيريرا يتعامل معنا بشكل مثالي.. والصفقات الجديدة إضافة قوية    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    تصرف مفاجئ من وسام أبوعلي تجاه جماهير الأهلي.. الشعار والاسم حاضران    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص قصيرة جدا
بوابة الأهرام
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 11 - 2012

وقفت من تعدت سن الإحالة إلي مقبرة الأفيال علي بوابة الأهرام تنظر إلي موظفي المدخل القابعين علي مكاتب التطلع تبحث عن وجه تعرفه أو يعرفها كي تلتقي أعينهما فتشعر بألفة تخرجها من وحشية صرير ماء النافورة الحديدية التي قصد بها خريرا في ديكور جمالي مودرن فلم يفلح زعمهم‏, فتشاغلت بقراءة لافتات الندوات المزمع عقدها فوجدتها لا تخرج عن خط سير مانشيتات الصحيفة, وكي لا تغدو عقبة في طريق مسيرة الشباب تقهقرت للخلف لتجدهم يمرون بها, وكأنها الشبح اللامرئي, مندفعين بتلقائية للدخول في ماكينة الرصد والتفتيش ليخرجوا منها لا يلوون علي شيء, وتمنت لو أنها احتضنت بوابة الأهرام بذراعيها وناظريها وغسلتها بدموعها المنسابة علي جدران داخلها ليتذكران معا أيامهما الحلوة ونجومهما التي لمعت وأضاءت وعلمت وهدت واحتوت, فلم يعد المرور المرير متاحا الآن لا للحكيم ولا لمحفوظ ولا لإدريس ولا للويس ولا لأنيس.. بوابتها لن تطرقها من بعد لا بنت رشدي ولا بنت الشاطئ ولا بنت خوري ولا بنت مختار بهيرة التي رحلت ومعها ضحكة الأهرام.. المدخل الذي أدخل يوما علي الرحب والسعة والسرور والحبور عبدالناصر يصحبه السادات, ويدور في أروقته محمد نجيب من بعد فك الحظر عنه, وكل من إحسان وعبدالصبور والملاخ والجمال وبهجت ولبيب وزايد وفرنسيس وأنطون لن يغدو بعد الآن معبرا للمستكاوي والشرقاوي وعبدالباري وجاهين وبهاء الدين.. بوابة الأهرام لم تعد بابا لعم حسين ولا لسلامة ولا لندامة, وكل من راح منها مارجعشي!
لقمة العيش
عقصت له الكرافتة الحمراء التي تتماشي مع القميص الأبيض والبذلة الكحلي, وداخل غطاء بلاستيك أنيق علقت بالطول أكثر من طاقم بمكملاته, ولم تنس الساعات السينييه التي تبدو علي الشاشة عندما ينزلق الكم أثناء الحوار المشتعل حول الدستورية, والتعليق المتوازن علي أحداث سيناء والمعابر والعريش, وفقرة بصبح عليك لأخذ الرأي السديد في مواعيد الغلق وإطفاء النور, وبرامج بامسي عليك الممتدة للثانية حول النكفية والمواقع الإباحية ولحي ضباط الشرطة وتطوير مناهج التعليم... طبع علي وجهها قبلة زوجية لم يزل فيها رمق, ومضي لنضاله اليومي كضيف تليفزيوني مزمن, وخبير استاتيكي لا فض فوه يظهر متجددا في كل لقطة تتعقبه فيها الكاميرات الصديقة بين استوديوهات مدينة الإنتاج, تماما مثل جماعة الكورس الإسلامية في المسلسلات الدينية التي تستدعي علي الفور عندما ينادي عليها البطل: يا قوم!
المفعول به
اتجمعوا بالفوران واللسان والشعور بالظلم والهوان والفيس بوك والإنترنت والشات وحملوا اللافتات وصرخوا بأعلي صوت في الميدان: ارحل... و..رحل.. بعدها حطوا اللافتات وانحطت قواهم بفعل فاعل ومفعول به, وتسلل في جنح الليل البهيم من مسح ثورتهم من فوق الحائط.. وقدر الله وما شاء فعل..
سؤال وجواب
يسكن معه في نفس الدور, ويقفان معا في الصباح أمام الاسانسير, ويهبطان معا إلي أرض الشارع, ومن بعد تمتمة مضغمة يدير كل منهما ظهره للآخر كل في طريق.. وعادة ما يلتقيان أمام الاسانسير ظهرا كأنهما علي موعد مسبق ليصعدا معا إلي الدور السابع فيفتح الأول الباب للثاني ويخرج من بعده, وقبل توجهه لشقته يستدير ليلقي بسؤاله الروتيني: احنا رايحين فين؟!.. والغريب أن تشويح الجار بيده وثنيه لشفته السفلي لتحت علامة للاستسلام واليأس يبدو كما الإجابة المثالية المفحمة الدامغة علي السؤال العويص!
الاجتماع الدوري
سمع هس أنت وهو وهو وهي.. الصبح عندنا الدستورية والسبت من طلعة الفجر مندسين بمشيئة الرحمن مع بتوع وقفة المقطم, وماتنسوش فتحة الصدر في عابدين, أما المطاوي والسيوف والسكاكين وكافة السلاح الأبيض والذي منه منك له تطلع كلها في غمرة, ومطلوب عشرين تلاتين يقرفوا لنا الراجل المتربس بتاع القوالين, ونص دستة منكم تكون بذقون يستنوا علي ناصية زعزوع أبو قلم, وسباعية قرف لبتوع الجرانين, واختاروا ما بينكم في عين العدو خمسة في وقفة استطلاع علي ناصية الكاتدرائية, و30 ماكينة موتوسيكل لزوم الزوغان من الميادين, وأربع أوتوبيسات للنقل ما بين البنادر والمحافظات مع ضرورة حجز ثلاث صفوف قدام للنسوان, و200 لافتة بذكر الرحمن, وخمسميت مولوتوف علي أهبة العمل اللي مايخيبشي وماتطلعوش المرة دي علي الأسطح فاهمين مش عاوزين الدور ده قناصة ولا مصابين, ومزنوقين في عيال مخلصة مبرشمة جتتها منحسة ورد سجون, والجمعة لا مؤاخذة عندنا صلاة ومش مهم الوضوء, تفزوا تقوموا علي حيلكم لما يقفوا وتركعوا لما ينزلوا علي ركبهم وتهزوا راسكم يمين وشمال إيمانا واحتسابا وترفعوا صوابعكم لفوق كمثل ما بنرفعها لما تفوت جنازة, وفي النهاية علي الناحيتين آمين.. فاهمين.. المسألة مش كيمياء ولا أيتها حاجة.. المسألة طالبة يادوب مفهومية.. ثم إنكم خايفين من إيه الحكومة قالت علينا كلنا ثوار وأنا شخصيا ثوران علي أبويا وأمي والبلد دي واللي يتعرض لي, وماتخافوش فلوسكم عندي من غير حمرقة لا من جهتي ولا من جهتكم بس عايز شغل علي ميه بيضاء زي المرات اللي فاتت.. افرنقعوا بمعني غوروا ووروني عرض أكتافكم واسمعي يا بنت الرفضي تعالي لما أشوف لك سكة تصرخي فيها وتقولي الحقوني اتحرشوا بي وأنا عايزة من الداخلية حقي أنا اتعريت!
حدوتة مصرية
تمددت علي قدمي جدتها تحكي لها حكاية الشاطر حسن: خرج الشاطر من الصبح يدور علي شغل قالوا له حين ميسرة وفوت علينا بكرة.. راح القسم يطلع فيش وتشبيه قالوا له فوت علينا بكرة.. راح البنك يستلف قالوا له فوت علينا بكرة.. راح ديوان المظالم قالوا له فوت علينا بكرة.... إنت نمت يا روح ستو؟!.. لا يا ستو مستنية لما ييجي بكرة..
استقالة
قلعت النظارة ومسحتها ولبستها وقلعتها وشهقت بأنفاسها في زجاج الضفتين, وبمسح دائري لمعت العدسات وتأكدت من نقائها في الضوء, وعادت تلبسها وتقلعها, ودعكت بظهر يدها عينها اليمين وبعدها عينها الشمال, ولبست النظارة وقلعتها وركنتها علي ذراعيها حتي لا ينخدش الزجاج, وذهبت تغسل وجهها بالنابلسي فحرقت الرغوة عينيها فطستهما بالماء, وجففت ببشكيرها الخاص كل عين علي حدة, ونظرت تجاه الشباك لعل وعسي لكن الذبابة الطائرة لم تزل تزاول طيرانها العبثي في كل اتجاه, فابتلعت قرصين بانادول ولبست النظارة وسحبت ورقة بيضاء شاهقة لتكتب في المستهل: السيد رئيس مجلس الإدارة.. وما أن استدارت للسطر الثاني لتتقدم بطلب بموافقته علي الاستقالة حتي حطت ذبابة عينها فوق السطح الشاغر لتتأرجح ما بين الإدارة وطلب الاستقالة!
مجرد سؤال
قبع ما بين ماما وبابا علي الكنبة يتطلع ثلاثتهم لشاشة التليفزيون وفجأة مال علي ماما يسألها: هو الريس ناوي مايرحمشي مين؟! وبيقول ليه اتقوا شر الحليم؟! مين اللي مزعله يا ماما؟.. يكونشي المجرم اللي بيقول عليه؟!!
حق الرؤية
هبطت من العربة بحذائها الصغير الجديد فلمحته وحده في منتصف حديقة النادي وفي يده الهدية وعلي وجهه لأول مرة نظارة طبية.. حددت في لمحة مكانه ومشت إليه مبرمجة دون أن ترفع عينيها عن الأرض وتوقفت أمامه.. أخذها في حضنه وهصرها وأمطرها بقبلاته الشرقانة وناداها باسمها مرات في أذنيها وهي بين يديه.. وحشتيني قوي يا روح بابا.. ومثل كل مرة يغيظها بسؤاله: بتحبي بابا قد إيه؟!.. مطت شفتيها كما الابتسام ونظرت ليده.. للهدية.. جبت لك عروسة يا روح بابا بتغمض وتفتح وتضحك وتعيط وتغني وترقص كمان.. صدمته نفس نظرة أمها عندما كانت تتهمه بالكذب.. سحبها من يدها التي لا تحمل العروس ليجلسها أمامه يتأمل بشغف نهم طريقتها الطفولية في تناول قمع بسكويت جيلاتي الفراولة المفضل لديها.. سحب كفها الصغير اللزج ليحبسه عائما داخل بحر كفه الضخم, ولأول مرة يلحظ ساعتها الملونة.. وبقينا يا حبيبتي خلاص بنعرف في الساعة؟!.. أيوه وفاضل نص ساعة بس علشان أنا رايحة مع ماما وعمو مدحت نزور خالو محمد وطنت سميحة!
قبلي وبحري
تزوجها كما قال الإسلام لجمالها ومالها فبقي الجمال لكن إرثها من المرحوم والدها استولي عليه أشقاؤها الذكور سلو بلدهم في الصعيد, وهددها الزوج ابن بحري بالطلاق إذا لم تطالب بحقها.. وهي.. لم تطالب حتي هذه اللحظة!!
الشباك
فتحت شباك أودة النوم لقت عمارة سد.. فتحت شباك الصالون طلعت عمارة سكت علي الهواء.. والسفرة شباكها فتح علي عمارة جديدة شفطت بقية الهواء.. قنفذت في وسط الصالة لقت الهواء مخنوق ما بين الحيطان الأربعة.. نزلت للشارع لقت الإشارة واقفة والناس كلها حالها واقف!
لعب العيال
تزوجها علي سنة الله ورسوله منمنمة وقطقوطة ونغشة وتموت في الدغدغة والهزار, وفرحانة فرحة مجنون بدولاب الهدوم الجديد وقطع المصاغ وصباع روج تطلي به شفتيها بجسارة سن التاسعة اللاهي أمام أنظار الجميع.. قعدت ترص الخواتم وحدها في العلبة القطيفة الناعمة, والحلقان في العلبة الحمراء الساتان, وطلع في مخها تنقل محتويات كل علبة للأخري تبعا للفصوص والبريق, ولما زهقت سابتهم كلهم تلهو بهم القطة في دحرجة علي الأرض, وقامت تمضغ لوحين شيكولاتة ونوجة وخرطة بسيمة وصباعين كفتة وتقرقش أرواح وملبس لوز وجزراية, مما أدي إلي ارتباك معوي ارتفعت حرارتها من جرائه لفوق الأربعين.. العريس سلفي كبير السن عميق الخبرة سمته الصبر مزاجه في الحلال أن يأخذ صغيرة السن يربيها في كنفه تحت عينه, يشكلها يشفرها يهندسها يخليها يطريها يروضها يطوعها يفردها ويثنيها وينضجها علي مهل فتصبح متعة للأكال... طرح الغطاء علي البنية المفرفرة وانقلب نام محبطا وصحي متطلعا للمخدة بجانبه فلم يجد العروس.. نزلت تلعب في الشارع مع العيال!
شجرة البامبو
كان غاوي من صغره فلسفة, حتي الزواج لم يقف عائقا في طريق فلسفته للأمور التي منها شرحه لزوجته الحاضرة الغائبة نظرية معجزة شجرة البامبو الصينية التي تظل من بعد زراعتها نحو أربع سنوات لا يري لها علي وجه التربة من أثر فيما عدا برعم صغير يخرج من البصلة, وفي تلك السنوات تضرب الشجرة بجذورها المتينة في الأرض, وفي السنة الخامسة فقط يصل ارتفاع الشجرة فجأة إلي ثلاثة أمتار وأكثر.. أنصتت الزوجة في البداية تحسبا لعدم الإخلال بوئام المشهد الزوجي العاطفي الذي تسكن فيه تحت امتداد ذراع المتفلسف علي ظهر الكنبة, لكن تصاعد رائحة احتراق يد الكسارولة النفاذة القادمة من باب المطبخ جعلها تقلع البامبو من جذوره وتكسر الصيني!
حادي بادي
وقف أمير الأمراء يوما في الصحراء فرأي علي مرمي البصر قصرا تتلألأ جدرانه تحت ضوء الشمس من بعيد فهتف في الفيمتوثانية كما أرشميدس.. وجدتها.. وهزه الوجد طربا ليردد أغنية عبدالوهاب.. هاهاتها.. لكن الاستجابة لوضع اليد التعسفي تبعا للنظام الهمايوني قوبلت بالرفض من قبل أصحاب القصر الحقيقيين.. مجموعة الشباب التي بنت وشيدت وهندست وعلت في البناء وباقي لها علي حفل الافتتاح شهرين.. ونظرا لاتساع هوة الخلاف الذي تدخلت فيه جميع الأطراف علي أعلي مستوي.. البعض منهم علي سبيل لم الشمل المبعثر قال: سيب للعيال يا أبيه حتة.. ولا قضمة.. طيب دخلهم معاك من البرد.. وهو انتم شفتم في مصركم برد.. ارمي لافتتهم وعلق علي الواجهة علما باسمك قصر عبدالعال.. وهو أنت بتقول فيها, القصر ده قصري, وهندسته علي كسمي, وإطلالته علي رسمي, ودعيت لافتتاحه نخبة جهابذة الكون.. اسمح لي أليس هناك بعض من تجن من طائر البطريق علي بيض السلاحف وأفراخها؟!!!.. اللي مش عاجبه إمارتي يهاجر يسافر يا أخي, يلقط رزقه فيما وراء البحار زي أنا ما سافرت, مجرد مصري لا غير, ورجعت بالجهد الجهيد عالمي.. طيب سيبهم يذاكروا في أودة البواب؟!.. الأودة دي بالذات شغلتها المربية ناني.. طيب إلعبوا سوا في الحوش؟!.. يا أفندم أنا جاي أقيم نهضة عقول, مش جاي ألعب السيكا.. اعتبرهم أولادك.. أولادي يا افندم في بلاد بره.. هذا.. وتورمت الأمور.. وأدي بداية بطرد الشباب لقارعة الطريق تحت سقف الخيام, وقيام أمير الأمراء بفتح حساب في البنك لجمع التبرعات لصالح موقفه مهددا بمغادرة البلاد إذا لم تمتد عباءته فوق البروج والسقوف وكافة المنشآت والاسطبلات من أول المدخل لآخر مخرج.. والأمر الآن لم يزل معروضا أمام القضاء الحائر, والحيرة نار, وحادي بادي كله علي دي.. علي شباب يريد عودة إنسانية لبيته ومعمله وعمله, وعلي أمير الأمراء الذي لم يحفر بئرا في الصحراء!
نكبة دمشق
كان أحمد شوقي يخاف في منفاه أن ينساه أهل مصر, فهو الذي قال إن مصر بلد كل شيء فيه ينسي بعد حين.. وكتب عن حكومة سمحت بنفيه وطن توالت عليه حكومات وحكومات تعمل فتهزل ولا تحسن من ضروب الإصلاح إلا أن تولي وتعزل.. وكأنما كان شوقي بيننا هذه الأيام أيضا عندما كتب عن نكبة دمشق في عام1911:
لحاها الله أنباء توالت..
علي سمع الولي بما يشق
يفصلها إلي الدنيا بريد..
ويحملها إلي الآفاق برق
تكاد لروعة الأحداث فيها..
تخال من الخرافة وهي صدق
وقيل معالم التاريخ دكت..
وقيل أصابها تلف وحرق
ألست دمشق للإسلام ذخرا..
ومرضعة الأبوة لا تعق
نصحت ونحن مختلفون دارا..
ولكن كلنا في الهم شرق
ويجمعنا إذا اختلفت بلاد..
بيان غير مختلف ونطق
وللحرية الحمراء باب..
بكل يد مضرجة يدق
هجرة الأزهر
في وسط الحي العتيق العريق واقف يرتعد بقي له يومين يرفع رأسه للمئذنة ويبكي الدمع الهتون.. يمر به الخلق مرور الكرام, فالكل ظنه مجذوبا ينظم المرور. أحدهم دس في جيبه جنيها بواقي زكاة الأضحي, وشيخ معمم استعاذ بالله وقال له يا ابني يرحمنا ويرحكم الله, ولما زاد العويل طرأ علي أحد المشاة السؤال: سبب البكاء يا عمنا؟!.. أشار له من بعيد للمئذنة وقال خائف علي أزهر الألف عام بإسلامه الوسطي يغادرنا يهجر بلدنا يسافر بعيدا عن هنا ويروح منا في شربة ميه معكرة واقفة لنا اليومين دول في الزور!!.. يا راجل المئذنة باقية والجدار باق واوعي تكون فاكر إن اليونسكو في نيته نشره حتة حتة ويرجع يجمعه لنا علي الشاطئ الآخر كمعبد الفيلة!.. والله يا مصريين السكينة سرقاكم والمشكلة لا تكمن لا في المأذنة ولا في الجدار ولا في ألف ألف عام, وإنما في الهجرة المزمعة المجهزة لعلمائه وشيوخه بكافة تخصصاتهم الدينية والفقهية لبلد عربي مستنفر الآن لتلبية جميع المتطلبات يعرف ويفهم ويجل معني الإسلام الوسطي ودعاته, هذا في حال إذا ما جار دستورهم الجديد علي وسطية الأزهر, والكلام يا ابني ليس من عندي لكنه من عنديات فضيلة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق علي شاشة التليفزيون أمام ملايين المشاهدين.. هنا لم يعد الباكي وحده من يبكي بل اتسعت دائرة البكاء حتي غدت بحيرة من دموع تفيض وتتسع قادمة في سونامي هادر من وسط العاصمة!
الخال موجزا
أتي الخال من الصعيد الجواني يحمل زاده وزواده ومواويله وأشعاره وسلاح وطنيته, وذخائر شعبيته, ودعائم صفائه, وحلو معشره, ففتح البندر للموهبة المتفردة ذراعيه ليجلسه من أول رسائل حراجي القط لأمه فاطمة علي القمة, وتغنت بأشعاره حناجر الذهب والماس ما شاء للغناء أن يبقي علي ظهر الأرض ما بين القاهرة وأبنود.. وكما جاد فكر الأبنودي بمعلقات الدواوين عاد لنا من بعد ثورة الخامس والعشرين يوجز معاناتنا اليومية بالعبقرية الأبنودية مع صباحات جريدة التحرير في سطرين اتنين لا غير.. وكان آخر ما أوجزه الخال صاحب النغم الساكن الثائر في الأعماق قوله:
أنا ماشي في غيطان كاكي..
أصلي فيه ورايا جيش
لا باسمع شكوة الشاكي..
ولا الفقراء في إيدهم عيش
وفي صباحية أخري:
هل كنت بتفكر في عين أحمد..
نشتها يا واطي كيف بقصد وبدقة
ولا جريت تجيب كلاب تشهد
إن أحمد اللي حدف عينه علي الطلقة
ملاغيم
في مسألة الدستور وما يضمه من مواد مفخخة يهرولون بها في سباق الماراثون لوضعها في حيز التحقيق من بعد زيت وصابون الاستفتاء الشعبي سأل المواطن الحيران الزهقان الطهقان الندمان: طيب والمادة الرابعة؟!.. ملغمة.. والتاسعة؟!.. ملغمة.. والعاشرة؟!.. ملغمة.. والرابعة والعشرين؟!.. ملغمة.. والتاسعة والأربعين؟!.. ملغمة.. والواحد والخمسين؟!.. ملغمة.. والثامنة والستين؟.. هذه بالذات عززت بأطنان الألغام, فوق وتحت الحزام, لكونها كانت تنص في عهود الظلام بالمساواة بين الرجال ولا مؤاخذة الحريم!... والثانية والتسعين؟!.. ملغمة.. والمائة واثنتان؟!.. ملغمة.. أي أنه قد تم زرع الألغام بأسلوب سطر ونسيب سطر.. ونشوف فيهم يوم..
النهي والمعروف
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء فانقطع الطريق عليهما بالمعروف والنهي عن المنكر.. وعينك ما تشوف إلا الظلام القادم!!
المتحولون
التقيا بعد شوق بالأحضان والسلام والسؤال عن جميع الأصدقاء والأحباب والأقارب والخلان.. وآخر أخبار أحمد؟.. متحول.. وإبراهيم؟.. متحول.. طيب وعبدالعظيم؟.. متحول.. والأستاذ عبدالكريم؟.. متحول.. وجاركم الفقيه؟.. متحول.. ومحسن الثورجي؟.. متحول.. وصاحبتك أم لسان طويل؟.. اتحولت أول إمبارح.. وأنا وأنت؟.. صبرك علينا الكل جاي!!
عتاب
الرجل الذي كان يوما ملء الساحة بحضوره ومنصبه ومنصته وقوانينه وسيادة قراره نظر بعتاب إلي الضابط بالرتبة المتضخمة الذي كان يوما يقوم بحراسته الخاصة.. قال له: هاين عليك يا ابني تحط الحديد في إيدي.. بعدها صعد الابن المرتبك برتبته المتضخمة ليركب البوكس من الخلف جالسا فوق الكنبة الصاج الضيقة بجوار الرجل الكبير المريض المقيد الذاهب معه إلي قاعة المحكمة ليقف من جديد خلف القضبان!
المخلص
راحوا يسألون أكبر عاشق لأغاني عبدالحليم حافظ.. ما هي أكثر أغنية تحب أن تسمعها الآن من العندليب؟
أجاب بلا تردد: اللي شبكنا يخلصنا!!
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.