قانون الإيجار القديم .. جلسات استماع للملاك والمستأجرين يومي الأحد والاثنين (تفاصيل)    تشكيل باريس سان جيرمان المتوقع أمام ارسنال في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    تحذير شديد بشأن حالة الطقس .. استعدوا لموجة ساخنة ذروتها 3 أيام (تفاصيل)    قرار من التعليم بشأن إلغاء الفترة المسائية في المدارس الابتدائية بحلول 2026 (تفاصيل)    بتغريدة وقائمة، كيف احتفى رونالدو باستدعاء نجله لمنتخب البرتغال (صور)    قبل جولته بالشرق الأوسط، ترامب يحسم موقفه من زيارة إسرائيل    استشهاد 25 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 7-5-2025 مع بداية التعاملات    موعد مباراة تونس والمغرب في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    مشاهد توثق اللحظات الأولى لقصف الهند منشآت عسكرية باكستانية في كشمير    مسئولون أمنيون باكستانيون: الهند أطلقت صواريخ عبر الحدود في 3 مواقع    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    الجيش الباكستاني: ردّنا على الهند قيد التحضير وسيكون حازمًا وشاملًا    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    الهند: أظهرنا قدرا كبيرا من ضبط النفس في انتقاء الأهداف في باكستان    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقطاب والتشرذم لا يصنعان النهضة
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 11 - 2012

لا توجد دولة في العالم حققت تقدمها ونهضتها في ظل استقطاب وتشرذم تياراتها السياسية‏,‏ ففي مثل هذه الحالة التي تشهدها مصر لا يمكن لمناخ هكذا أن يشكل بيئة مواتية لانطلاق عملية النهضة والتحديث وبناء مصر الجديدة, التي نريدها وقامت من أجلها ثورة25 يناير.
فمناخ الاستقطاب وتعدد الرؤي وتصادمها حول الكثير من القضايا الوطنية, التي يجب حسمها مثل الدستور وشكل مصر المستقبل, يفتت الجهود والطاقات ويوجهها لاتجاه معاكس لطريق التقدم, كما يشكل قيودا أمام توجيهها في الاتجاه الصحيح, كما أن التيارات السياسية لا تزال تدير اختلافاتها, والتي تحولت إلي خلافات وخصام, بمنطق المباراة الصفرية, فإما أن أكون فائزا وأحصل علي كل شيء ويكون الآخر خاسرا ولا يحصل علي أي شيء, وغابت ثقافة الحلول الوسط ومبدأ التسوية الذي يعرفه منطق السياسة في أن يحصل الجميع علي مكاسب وخسائر بدرجات مختلفة وفقا للأوزان النسبية ودرجة النفوذ والتأثير لكل تيار. ومن هنا فإن تكلفة الاستقطاب تعني استمرار غياب الرؤية المشتركة التي تمثل قاسما موحدا لكل التيارات والاتجاهات, وهو الشرط الضروري لانطلاق عملية التقدم, وتجعل المجتمع أسير الدوران في فلك القضايا الفرعية, وتجاهل القضايا الكبري والأولويات الملحة التي ينبغي توجيه الجهود والأنظار صوبها وهي كيف نعيد بناء مصر وبأي آلية وبمن هل الدولة فقط أم كل قوي المجتمع؟ خاصة مواجهة مشكلات العشوائيات والأمراض والبطالة والفقر والأمية وإعادة هيكلة الاقتصاد وتحديثه.. وغيرها من القضايا التي قامت الثورة من أجلها.
ولذلك فإن قضية مثل كتابة الدستور والجدل الذي يدور حولها منذ شهور, قد أخذت بأكثر مما تحتمل, فرغم أن الدستور يمثل البناء الهندسي لإعادة صياغة المجتمع في جميع جوانبه, إلا أن تفاعلات تلك العملية قد انحرفت عن مسارها الصحيح في ظل تخندق كل طرف داخل حصنه وتصوراته غير المرنة, ويدير الأمر من منظور عقائدي وأيديولوجي وكأنه في معركة مصيرية, وليس من منطق وطني يقتضي التجاوز علي الشكليات والتحرك للأمام بحصر نقاط الخلاف, وهي لا تتجاوز عشر مواد, والعمل بروح مخلصة وصادقة في تجاوزها للوصول إلي توافق وطني بشأنها, خاصة أنه لا يوجد تباين جوهري بين مختلف الأطراف علي أن الهدف من الدستور هو تكريس الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية ومنع الاستبداد, والأخير هو الأهم لأنه الضامن للحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية, فلم تكن مشكلات الدساتير السابقة في النصوص, حيث كانت كلها تؤكد الحرية والعدالة واستقلال القضاء والإعلام وغيرها, لكن الاستبداد السياسي قد فرغها من مضمونها وجعلها مجرد حبر علي ورق, كما أن الحديث حول أزمة الهوية والمادة الثانية يمثل افتعالا واضحا من مختلف الأطراف, فالدستور لا ينشأ الهوية وإنما هي حالة يعيشها المجتمع تشكلت عبر قرون وقبل إنشاء الدساتير.
ولذلك تمثل حوارات الرئيس مرسي الحالية مع رموز العمل الوطني ومختلف القوي والتيارات السياسية لحسم الخلاف حول الدستور والقضايا الأخري, مبادرة إيجابية تتطلب شرطين لإنجاحها, وهما أن يكون هناك حوار حقيقي من أجل المصلحة الوطنية, وليس محاولة فريق فرض رؤيته والمبالغة فيها, وتعظيم المساحات المشتركة وتقليل مساحات الاختلاف, وأن تتخلي الأغلبية عن فرض هيمنتها وتتخلي الأقلية عن ديكتاتوريتها, وأن يترجم هذا الحوار إلي برنامج عمل واضح تتفق عليه جميع الأطراف لإنهاء حالة الاستقطاب الحالية والتشرذم.
ولاشك أن العقبة الحقيقية الآن في مصر هي في أزمة النخبة, فبدلا من أن تكون قاطرة نهضتها وحشد طاقاتها وتعبئة مواردها, وتتباري في طرح الأفكار الخلاقة والحلول الإبداعية لمشكلاتنا المزمنة, أضحت مصدر نكبتها وتعثرها وتعميق جراحها, كما أن هناك فجوة بين النخبة والمجتمع, ودخلت في صراع فيما بينها ومعارك أيديولوجية وتصفية حساباتها التي خرجت إلي السطح بعد الثورة بعدما كبتها النظام البائد إبان حكمه, ويغذي هذا الصراع غياب إطار مرجعي وقواعد لعبة تحكم تفاعلات الجميع, حيث كل طرف يدير الصراع بمنطقه وقواعد لعبته, ولذلك تحول الاختلاف من عامل ثراء وتكامل وظاهرة صحية تشهدها كل مجتمعات الدنيا, إلي عامل صراع وتطاحن, والمحصلة النهائية خسارة الوطن والمواطن وتعثر البدء في مشروع بناء مصر الجديدة.
إن الشرط الضروري في تحقيق النهضة أن يستشعر الجميع مسئوليته الوطنية والتاريخية ويتخلي عن منطق الإقصاء ورفض الآخر, وليدرك الجميع أنه في سفينة واحدة وأن الكل مواطنون في هذا المجتمع, سواء إسلاميين أو يساريين أو ليبراليين أو ناصريين وسواء مسلمين أو مسيحيين, وأن تكلفة استمرار تلك الحالة سيكون باهظا علي الجميع, والشرط الكافي هو الالتفاف حول هدف واحد ورؤية مشتركة لإعادة بناء مصر وتوظيف مواردها البشرية والمادية ومساهمة الجميع في عملية البناء, وبدون هذين الشرطين ستظل مصر أسيرة للمربع الأول ولحالة الاستقطاب والتشرذم التي لا تصنع نهضة وإنما خصم من تاريخ مصر وفرصتها في أن تكون دولة عصرية تتناسب مع إمكاناتها وتاريخها وثورتها.
المزيد من مقالات احمد سيد احمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.