ما بين ضغوط تحالفها مع التيار السلفي الذي يريد توسيع جبهة تيار الإسلام السياسي لتضم جماعات السلفيين الجهادية, وضغوط الهجمات المسلحة التي تشنها هذه الجماعات علي مواقع الأمن والجيش في سيناء, تقف جماعة الإخوان المسلمين في موقف لا تحسد عليه, وهي تري سيناء تنصرم من أيدي سلطة الدولة المصرية لتصبح أسيرة جماعات العنف والتطرف, توجه ضرباتها بصورة تكاد تكون يومية الي قوات الأمن والجيش تحت دعاوي الثأر لعدد من قتلاها, رغم انها هي التي بادرت بالعدوان عندما قتلت فصيلا كاملا من قوات حرس الحدود في عز شهر رمضان, ويكاد يكون جوهر مهمة هذه الجماعات هو إضعاف أمن سيناء, وإضعاف أمن مصر القومي وتدمير سلطة الدولة علي جزء حيوي من اراضيها, وخلق ذرائع تبرر تدخل الخارج في الشأن المصري وتعطي للإسرائيليين أسبابا مختلقة تجعلهم طرفا في قضية أمن سيناء بدعوي ان ما يجري في سيناء يمس أمن الاسرائيليين, ووضع سلطة الحكم ممثلة في جماعة الإخوان أمام خيار صعب ومعقد بعد ان قدمت نفسها للعالم اجمع علي انها القوة الاكثر اعتدالا بين تيارات الإسلام السياسي القادرة علي مواجهة جماعات العنف والتطرف التي تستطيع ضمان أمن المنطقة واستقرارها, وحماية مصالح الاخرين فيها, وإقامة حائط صد منيع ضد جماعات الارهاب! ومع الاسف أثمرت هذه الضغوط حالة من الشلل والعجز وغياب الرؤية الصحيحة أقعدت جماعة الإخوان عن أية مبادرة جادة لوقف العنف المتصاعد في سيناء, ووضعتها في حالة حيص بيص, لا هي قادرة علي إجراء مصالحة مع هذه الجماعات التي تفرض شروطا صعبة يصعب علي المجموع الوطني قبولها, ولا هي عازمة علي القيام بواجبها المسئول تجاه أمن سيناء والتصدي لهذه الجماعات احتراما لسيادة الدولة وحكم القانون. وبدلا من أن تحاول الجماعة ترميم الجبهة الداخلية وإجراء مصالحة وطنية توحد قوي الداخل ضد الأخطار المحدقة بأمن سيناء, تصر الجماعة علي تعميق حالة الاستقطاب الراهنة في المجتمع وتفصل الدستور الجديد وفق مصالحها وقياساتها, وتعيد فتح جروح قديمة لم تندمل بعد, وتشغل الناس بقضايا تافهة لا علاقة لها بأولويات العمل الوطني, متناسية أن الاخفاق في تحقيق أمن سيناء يعني فشلا ذريعا في تحقيق أمن مصر القومي يصعب إخفائه أو السكوت عليه, في ظل حالة الغضب والقلق من جانب كل المصريين علي مصير سيناء. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد