لا يمكن لأي مواطن مصري واتته فرصة ان يقرأ او يراجع المسودة الاولي للدستور, مهما تكن خبرته او حصافته, ان يتعرف علي ملامح الدستور الجديد او يتفهم هويته او يتفهم أهداف بنوده. لان المسودة يعتريها عيوب بالغة السوء اهمها غياب مواد كثيرة مهمة بدعوي انها لا تزال قيد الدراسة, وحذف مواد كثيرة لأسباب غير واضحة, فضلا عن الاعتراضات العديدة علي عدد من فقرات بعض بنود الدستور, تم وضعها بين قوسين, تلغي جوهر النص وتفسد اهدافه وتعطل تنفيذه!.., ولا اعرف ما هي المبررات لإطلاق مسودة معيبة علي هذا القدر سوي الهرولة وسوء التقدير وغياب القدرة علي تنظيم عمل مهم اول شروط نجاحه الوضوح والشفافية والصياغة المنضبطة التي لا تلجأ الي التعميم المخل والصيغ العامة التي يمكن تفسيرها علي عدة أوجه! والمثير للدهشة ان تطالب المسودة في صدر صفحتها الاولي كل مواطن بإضافة او شطب او تغيير ما يراه ضروريا في مسودة الدستور, وان يقول رأيه لان من حقه ان يشارك علي حين تبدو المسودة ناقصة وغامضة وغير مكتملة, حذف منها كل ما يتعلق بالسلطة القضائية, فضلا عن تعذر الحصول علي نص كامل حتي من خلال الموقع الالكتروني للجنة التأسيسية رغم انها وعدت بإتاحة النص الكامل لكل المواطنين, وبرغم ان مشروع الدستور ينطوي علي عدد من الضمانات المهمة التي تصون الحريات العامة والخاصة, إلا ان المواد المتعلقة بحرية الصحافة والرأي تنطوي علي اخطار عديدة خاصة اذا تمت الموافقة علي التحفظات الواردة في نصوص المسودة التي تطالب بإلغاء حصانة الصحف من الانذار والوقف والانتهاء إلا بحكم قضائي, وتفتح الابواب من جديد امام عودة دعاوي الحسبة في جرائم النشر بعد ان كان حق الادعاء في هذه القضايا وقفا علي النائب العام, كما تنطوي صياغات معظم البنود المهمة في مشروع الدستور علي تحفظات عديدة تنظمها جمل اعتراضية تكاد تقتل روح النص, فالمساواة بين المرأة والرجل مقيدة بعدم الاخلال بأحكام الشريعة, وحق رئيس الجمهورية في العفو عن بعض الاحكام او تخفيضها مقيد بالشرط نفسه وهكذا دواليك في بنود عديدة! لقد كنا نتصور ان النص الكامل للمشروع سوف يكون متاحا لكل مواطن كما وعد القائمون علي اللجنة التأسيسية, وأن مراجعة بنود الدستور سوف تجري علانية في جلسات تذاع علي الهواء صوتا وصورة, لكن يبدو ان القائمين علي عمل اللجنة لا يؤمنون بالعلانية ولا يكترثون كثيرا بالرأي العام. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد