العلاقات المصرية الأمريكية ذات أبعاد ثلاثية ، أي أنها ( علاقات إستراتيجية ) و ( علاقات وطيدة ) و ( علاقات تاريخية ) .. ففى ( 17 سبتمبر 1978 ) تشاركت _ مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية _ معاً فى صنع السلام فى الشرق الأوسط وتم توقيع إتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية فى منتجع كامب ديفيد بولاية ماريلاند ، وهناك وضع الرئيس الراحل أنور السادات يده فى يد مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وصنعوا معاً السلام أمام جميع وسائل الإعلام العالمية وكانوا حديث العالم بأسره .. ومنذ توقيع إتفاقية كامب ديفيد _ وطوال السنوات الماضية _ كانت وجهه نظر "مصر" فيما يخص كافة القضايا بالشرق الأوسط هو رأي صائب وواقعي هكذا يعتقد الأمريكان دوماً ، فالثقة بين الجانبين مُتأصلة ، وعلاقات المؤسسات المصرية بنظيراتها الأمريكية لا غبار عليها ومتوافقة إلي أبعد حد .. ولهذا يُدرك الأمريكان بأن "مصر" هى القوة الفاعلة فى جميع قضايا الشرق الأوسط ، ليس هذا فقط بل هى القوي المؤثرة أيضاً لما تمتلك من مكانة عربية وإقليمية ودولية ولما تمتلك من رؤية صائبة للأحداث ورؤية مُستقبلية .. ولهذا أقول ( إن التفاهمات المصرية الأمريكية لا تنتهى ، وهناك إستمرار لتبادل وجهات النظر حول قضايا المنطقة ، وأيضاً هناك علاقات إقتصادية تتصاعد وتتزايد ) .. ومنذ أحداث ( 7 أكتوبر 2023 ) تشاركت مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية ومعهما "قطر" فى المفاوضات التى تتم _ ومازالت _ بين إسرائيل وحركة حماس وبذلتا جهوداً مُضنية لخروج إتفاق الهدنة الأول للنور والمرحلة الأولي لإتفاق الهدنة الثاني للنور .. والمؤكد أن "مصر" لديها ثوابت تاريخية وتُدعم القضية الفلسطينية ولن تتركها لأن هذا دورها التاريخي ، "مصر" ترفض تصفية القضية الفلسطينية ولم توافق علي تهجير الأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم ، "مصر" تتمسك بقرارات الشرعية الدولية المُناصرة لحق الشعب الفلسطيني فى دولة مُستقلة وعاصمتها القدسالشرقية علي أراضي ما قبل ( 5 يونيو 1967 ) .. الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية يحق لنا وصفه بأنه ( متوازن ) و ( ثابت ) ، لا يتغير مهما تعرضت لضغوط من هنا أو هناك ، فالحق لا يتجزأ ، والعدل لا يغفل حل الدولتين ، الولاياتالمتحدة تُدرك تماماً بأن "مصر" لديها ثوابت لا تحيد عنها أبداً ، جاء الرئيس الأمريكي جو بايدن" ورحلت إدارته وإنتهت مُدته ومازالت "مصر" ثابتة علي موقفها ، وجاء الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب" بإدارته الجديدة وقالت مصر كلمتها التى لم تتغير ولن تتغير ، ليس هذا فقط بل جاء نواب الكونجرس الأمريكي _ جمهوريين وديمقراطيين _ إلي "مصر" وسمعوا نفس وجهه النظر المصرية بكل صراحة بل تم إصطحابهم إلي معبر رفح _ وبصحبتهم السفيرة الأمريكية بالقاهرة هيثرو مصطفي _ وشاهدوا تراكم شاحنات المساعدات الإنسانية أمام المعبر وتأكدوا من أن هناك تصميم مصري على إنقاذ الفلسطنيين فى قطاع غزة .. حينما جهزت "مصر" خطة إعادة إعمار غزة كان الهدف هو إعادة الإعمار والأشقاء الفلسطينيين متواجدون علي أراضيهم ، بلا تهجير ، كان هذا إعلاناً عن طوق النجاة للقضية الفلسطينية لذلك تم السعي للحصول علي تأييد الأشقاء العرب وتم ذلك بالفعل خلال القمة العربية الغير عادية والتى عقدت بالقاهرة فى ( 4 ) مارس الماضي ، عند هذه النقطة أصبحت الخطة المصرية بمثابة خطة عربية ونالت تأييداً واسعاً من كل من ( منظمة التعاون الإسلامي ) و ( البرلمان العربي ) وعدداً من دول الإتحاد الأوروبي ومنها ( بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وأسبانيا ) .. هذا هو الموقف المصري الذي أُعلن للجميع ، تم نقله للدول الكبري ، سمعته وشاهدته جميع دول أسيا ، اقتنعت به دول أوروبا ، تضامنت معه دول أفريقيا .. ورغم ذلك ما زالت التفاهمات مستمرة بين الولاياتالمتحدة الإمريكية ومصر فى هذا الشأن ، الرئيس السيسي خاطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال كلمته فى القمة العربية الأخيرة والتى عُقدت فى العراق الشقيق _ منذ أيام _ قائلاً بالنص ( إنني أطالب الرئيس "ترامب" بصفته قائداً يهدف إلى ترسيخ السلام ببذل كل ما يلزم من جهود وضغوط لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة ، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية جادة _ يكون فيها وسيطاً وراعياً _ تفضى إلى تسوية نهائية تحقق سلاماً دائماً ، على غرار الدور التاريخي الذى إضطلعت به الولاياتالمتحدةالأمريكية فى تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل فى السبعينيات ) .. وفى ظل التفاهمات المصرية الأمريكية والتى لا تنتهى ، جاء إلى "مصر" ( مسعد بولس _ كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والشرق أوسطية والشئون الأفريقية ) وإلتقي بالرئيس السيسي ، وخلال اللقاء أكد "مسعد بولس" على عمق العلاقات الإستراتيجية بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية وحِرص مصر على تعزيزها في مختلف المجالات بما يتفق مع مصالح البلدين ، وحِرص الولاياتالمتحدةالأمريكية على إستمرار الجهود المشتركة مع مصر لإستعادة الهدوء الإقليمي بما يخدم مصالح كافة الأطراف .