لا أحد يستطيع أن يتوقع أبعاد الأزمة التي تواجه مجمع كهرباء الكريمات, الذي يعاني أزمة شديدة بسبب نقص إمدادات الغاز وهو المصدر الوحيد لتشغيل المجمع, فضلا عن أزمة المازوت التي ضربت المحطة البخارية. وأفقدت الدورة المركبة نحو1250 ميجاوات من إجمالي طاقة المجمع التي تقدر بنحو2900 ميجاوات وقد تزايدت مخاوف المواطنين في مختلف المحافظات بعد الإعلان عن قطع الكهرباء عن محافظات بالكامل بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المجمع, وهو ما لم يرد علي لسان المهندس جابر دسوقي رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر, الذي أعلن فقط أن مجمع الكهرباء بالكريمات قد خرج منه وحدات الدورة المركبة بقدرات تصل إلي نحو1350 ميجاوات لعدم وجود غاز, و أن كميات المازوت المتاحة بالمحطة لا تكفي لمدة يوم واحد في كل من محطات الكريمات البخارية, وسيدي كريري, وعتاقة, وغرب القاهرة. وتأتي المخاوف بعد الإعلان عن معلومات تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة نقلا عن مصادر بوزارة الكهرباء والطاقة من أن وزارة البترول قد بعثت بخطاب إلي شركة كهرباء مصر تعلمها فيه بقطع امدادها من المازوت عن محطة الكريمات لمدة5 أيام, اعتبارا من أمس الأول الاثنين, الأمر الذي سيؤدي إلي خروج المحطة بالكامل عن الخدمة بسبب نقص الغاز والمازوت, مما يؤدي إلي فقدان الشبكة القومية للكهرباء2900 ميجاوات منهم1250 ميجاوات من محطة الكريمات التي تعتمد بالكامل علي المازوت والغاز الطبيعي, وأنه في حالة عدم انتظام توريد الوقود إلي محطات الكريمات البخارية وسيدي كرير, وعتاقة, وغرب القاهرة, فإن الشركات ستكون مضطرة إلي تخفيف الأحمال خلال فترة الذروة المسائية. مبادرات لحل الأزمة وبشكل عام, فإن الدكتور أكثم أبو العلا وكيل وزارة الكهرباء والمتحدث الرسمي للوزارة يؤكد ل تحقيقات الأهرام أن وزارة الكهرباء مسئولة عن إنتاج الطاقة الكهربائية فقط بشرط توافر الوقود( غاز أو مازوت), مشيرا إلي أن المهندس محمود بلبع وزير الكهرباء والمهندس أسامة كمال وزير البترول قد اجتمعا أول أمس لمناقشة أزمة محطة كهرباء الكريمات, وقد أبدي وزير البترول تعاونه لحل الأزمة, وأن تكون الأولوية لتزويد محطات الكهرباء بالمازوت. ويضيف المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء أن مجمع محطات كهرباء الكريمات تعمل بالغاز الطبيعي, باستثناء المحطة البخارية التي يمكن أن تعمل بالغاز أو المازوت المحطة البخارية بالكريمات نحو1250 ميجاوات من إجمالي قدرات مجمع الكهرباء بالكريمات الذي يقدر بنحو2900 ميجاوات, ونفي ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن اعتزام الشركة القابضة للكهرباء قطع التيارعن محافظات بأكملها خلال الأيام المقبلة. توليد الكهرباء والحال كذلك, فإن الدكتور إبراهيم زهران خبير الطاقة العالمي أكد أن الخبراء يصرخون منذ سنوات مطالبين بوقف تصدير الغاز, مشيرا إلي أن محطة الكريمات تعد أكبرمحطة لتوليد الكهرباء في الشرق الأوسط, فهي تنتج نحو3400 ميجاوات, وهو ما يقترب من الكميات المستهدف إنتاجها من مشروع الضبعة النووي الذي يضم4 محطات وينتج4 آلاف ميجاوات. وتعتمد محطة كهرباء الكريمات كما يقول الدكتور إبراهيم زهران- علي3 خطوط لتوصيل الغاز, بهدف استمرار تشغيلها, والآن تكمن المشكلة في عدم توافر الغاز الذي يمكن ضخه في الخطوط مما يؤدي إلي توقف المحطة عن العمل, وهي نفس الأزمة التي تعانيها محطة كهرباء النوبارية, مشيرا إلي أن طاقة إنتاج الكهرباء في مصر تقدر بنحو28 ألف ميجاوات, بينما لا يزيد إنتاجنا من الكهرباء علي23 ألف ميجاوات, ومن ثم فإن فجوة الإنتاج التي تقدر بنحو5 آلاف ميجاوات لا يتم إنتاجها بسبب نقص الغاز, الأمر الذي يضطر مسئولي الكهرباء إلي قطع التيار لتخفيف الأحمال, مع أن مسئولية توفير المنتجات البترولية تقع علي عاتق الهيئة العامة للبترول وفقا للمادة رقم3 من القانون رقم20 لسنة1976, كما أن ما يساق من تفسيرات وتبريرات للأزمة الحالية هو هروب من المسئولية. أزمات الغاز والمازوت وترجع أزمة الغاز في مصر وفقا لخبير الطاقة العالمي الدكتور إبراهيم زهران- إلي التصدير بشكل رئيسي, فنحن ننتج نحو6 آلاف مليون قدم يوميا نصدر منها نحوثلث الكمية علي العديد من الدول المجاورة كالأردن وسوريا ولبنان, فضلا عن محطتي إسالة الغاز في دمياط وإدكو اللتين تصدران إنتاجهما إلي العديد من الدول من ابرزها إسبانيا وفرنسا وإيطاليا, موضحا أننا نصدر الغاز بأسعار زهيدة مقارنة بأسعار تصدير الغاز في إيران وروسيا التي تصل إلي نحو13 دولارا للمليون وحدة حرارية.. أما مشكلة المازوت وهو البديل عن الغاز لتشغيل محطات الكهرباء فتكمن في أننا ننتج نحو4 ملايين طن مازوت علي أقصي تقدير, ونستهلك6 ملايين طن, كما أن سعر المازوت يتجاوز8 أضعاف تصدير الغاز, كما أنه يلوث البيئة, ولأن إنتاجنا لا يكفي, فنلجأ للاستيراد من الخارج, وهو ما يؤدي إلي حدوث أزمة في محطات الكهرباء قد تتوقف بسببها عن العمل, ومن ثم فإنه من الضروري وقف تصدير الغاز لتوفيره لمحطات الكهرباء. 3 محطات كبري ولمن لا يعرف, فإن مجمع الكريمات يحتوي علي3 محطات كبري باستثمارات تزيد علي10 مليارات جنيه, وتحتوي المحطة الأولي علي2 توربينة بخارية قدرة كل منها627 ميجاوات بإجمالي قدرة1254 ميجاوات, وتعملان بالغاز الطبيعي أو المازوت, ومحطتان أخريان تحتوي كل محطة منهما علي توربينتين قدرة كل منهما250 ميجاوات, بالإضافة إلي توربينة بخارية, للاستفادة من الطاقة المفقودة, وتولد نحو500 ميجاوات, وتبحث وزارة الكهرباء والطاقة إضافة3500 ميجا وات إلي الشبكة القومية للكهرباء بكل من محطة أبو قير2 وغرب دمياط2, وشمال الجيزة, والعين السخنة, ومحطة كهرباء بنها, لمواجهة العجز المتوقع للعام المقبل والذي من المقرر أن يصل إلي3250 ميجاوات, بجانب مواجهة زيادة الاستهلاك, فضلا عن دراسة تحويل الوحدات الغازية إلي وحدات مركبة, خاصة أن نظام الدورة المركبة يزيد من كفاءة الوحدات الغازية, لا سيما أنها تعمل دون وقود, وتستفيد من عادم الوحدات الغازية في تشغيلها, مما يتيح إنتاج ثلث الطاقة المنتجة من المحطة دون استخدام وقود إضافي. ترشيد الاستهلاك وتتزامن أزمة الكريمات, مع مطالبات وزارة الكهرباء والطاقة بضرورة ضمان وصول إمدادات كافية من الوقود اللازم لتشغيل المحطة, فضلا عن مطالبة المواطنين بترشيد الاستهلاك, وهو ما يتفق مع ما دعا إليه المجلس الأعلي للطاقة في اجتماعه أخيرا برئاسة الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء, والذي أصدر عدة توصيات من بينهاتكليف الوزارات المعنية بتقديم ملخص الدراسات المتاحة الخاص باحتياجات السوق من الكهرباء والغاز للاستخدامات المختلفة وكيفية تلبية الطلبات وذلك لتضمينها في إطار إستراتيجية الدولة للطاقة,وقيام وزارة الكهرباء بدراسة إجراءات ترشيد استخدام الكهرباء ومن ضمنها تحويل وسائل النقل إلي استخدام الغاز الطبيعي لعرضها علي المجلس في اجتماعه المقبل, وقد أقر المجلس الأعلي للطاقة مجموعة من المشروعات والسياسات يتم تنفيذها علي المدي المتوسط والطويل من بينها الاعتماد علي الطاقة الجديدة والمتجددة( منح القطاع الخاص مساحات أراض لإقامة مشروع لتوليد الطاقة من الرياح أو الطاقة الشمسية), وتعظيم القيمة المضافة للمنتجات البترولية الخام من خلال زيادة طاقة المعامل الحالية بنحو4 ملايين طن وبناء معامل جديدة, فضلا عن طرح العديد من الاتفاقات للبحث عن البترول والغاز الطبيعي خاصة في منطقة شمال البلاد, ويجري حاليا الإعداد لطرح15 منطقة, وإيجاد منظومة قوية للرقابة علي توزيع المنتجات البترولية وتشديد العقوبة علي المخالفين.