علي الرغم من أن جميع دول منابع النيل بلا استثناء لاتعاني من ندرة في المياه العذبة بل من تخمة كبيرة تجعلها لاتستخدم أكثر من10% فقط من حصتها من مياه نهر النيل وروافده وأن مصر(860 م/ للفرد. سنة). وقريبا السودان بمعدل(1600 م3/ للفرد. سنة) هي الأقل في نصيب الفرد من المياه العذبة( مقارنة بدولة الكونغو بمعدل23,5 ألف متر مكعب للفرد سنويا) إلا أن دول المنابع بدأت تظن أنها مالكة وحدها لهذه المياه العذبة وأنها تسقط بأمرها من السماء بتأثير ماتملكه من تقنيات تكنولوجية متقدمة لاستمطار السحاب وبالتالي فإن مايصل لمصر والسودان هي هبات من دول المنبع إلي دول المصب. هذا الظن الخاطئ أو الاعتقاد بأن الماء مورد طبيعي شأنه شأن البترول والفحم والمعادن لهو خاطئ تماما لأن الماء سبيل حياة بينما باقي الموارد الطبيعية وسائل رفاهية وتحسين سبل معيشية لم تكن لتتواجد لولا الماء العذب. إن إعطاء دول المنابع السبع لنفسها حق إعادة توزيع حصص مياه النهر بعيدا عن دولتي المصب, مع الحق في إقامة ماتراه من سدود وحواجز مائية ليكون لها ليس فقط الحق فيما يهطل من أمطار غزيرة ولكن أيضا فيما يجري من فائضها في مجري النهر الذي أعطي القانون الدولي الحقوق التاريخية فيها لدول المصب التي تعتمد كليا في مختلف قطاعاتها زراعة وصناعة ومنزلي ومحليات علي مياه النهر نفسها بينما تعتمد دول المنابع علي مايسقط من أمطار وبالتالي فليس من حقها دوليا إقامة ما يمنع أو يتسبب في نقص سريان المياه في النهر إلي دول المصب وانتقاص حقوقها المائية كبلاد شح مائي لصالح بلاد الوفرة المائية. وإذا كانت المنظمات الدولية المعنية بالمياه والزراعة وحقوق الانسان لم ولن تعطي الحق في بيع المياه لأنها واحدة من أهم حقوق الإنسان مع الحق في الطعام والسكن والرأي وخلافه فليس لدول حوض النيل حق في أن تعطي لنفسها فقط حقوق الاستحواذ علي مياه النيل وأن تعطي لدولتي المصب فقط ما يفيض عن احتياجاتها وكان دولتي المصب هما اللتان حفرتا مجري النهر صناعيا من المنابع وحتي مصر لتأخذ مياها ليست من حقها بينما هي في الواقع موارد طبيعية يمكن أن تصنع حدودا دولية معترفا بها كما هو الحال في البحيرات العذبة العظمي والتي ترسم الحدود بين كندا والولايات المتحدة. بالإضافة إلي ذلك فقد أعطي القانون الدولي الحق في الدفاع عن النفس وعن المصالح المرتبطة بالأمن القومي للبلاد ومجابهة الشروع في الابادة الجماعية أو تهديد مبدأ الحق في الحياة. إن أي محاولة لحجب مياه النيل عن دولتي المصب تشكل تهديدا للأمن القومي لمصر والسودان, كما أن التهديد بتوقيع اتفاقيات لدول المنابع السبع بعيدا عن دولتي المصب لاعادة حصص مياه النهر وإقرار الحق في إقامة ماتراه دول المنابع من حواجز وسدود يهدد حصص دول المصب وحياة شعوبها ليعد تهديدا للأمن القومي المصري السوداني وبالتالي فالأمر يستوجب سرعة الاعلان عن توقيع اتفاقية دفاع مساندة لدولتي المصب مصر والسودان تؤكد ان فيهاوأن ماتقدمانه من مساعدات ومشروعات تقدمانه عن يقين لدورهما الريادي في أفريقيا ومحاولة بالنهوض بسبل الحياة في دول المنابع والامر يستدعي دعما كاملا من جامعة الدول العربية إصدارها لبيان تؤكد فيه الحقوق المشروعة والتاريخية والموثقة بمعاهدات دولية لدولتي المصب وتطالب فيه دول المنابع باحترام الاتفاقيات الموقعة والعمل علي الوصول الي نقاط اتفاق بين الجميع ولايكون هناك رابح وآخر خاسر. كما أن الدول الكبري الصديقة والدول المجاورة التي تربطنا بها علاقات دبلوماسية عليها أن ترفع يدها والابتعاد عن الوقيعة بين دول حوض النيل وأن تبذل الدول الكبري محاولتها لنصح هذه الدول باحترام اتفاقيات المياه القائمة والدخول في مشروعات تنمية لموارد النهر المهدرة باستقطاب مياه المستنقعات والتقليل من روافد الانهار في المحيطات المجاورة بما يزيد من رصيد النهر بنحو خمسين مليارا من الامتار المكعبة من المياه الإضافية. إن التلاعب بحياة الشعوب وأمنها القومي لايمكن أن يكون بمثل هذه السهولة والدعوة الآن إلي التعقل ومراجعة الحسابات والابتعاد عن شبح الصراعات والتعاون في تنمية الموارد الطبيعية وهو أجدي كثيرا من الدخول في صراعات يخرج منها الجميع خاسرا ولكن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي.