دخلت السينما المصرية في حالة من الركود الفني منذ أكثر من عامين, فلا توجد رؤوس أموال تستطيع المغامرة بإنتاج العديد من المشروعات, ولا التوزيع الداخلي أصبح يغطي كلفة المنتج. ولاهناك توزيع خارجي بالمعني المتعارف عليه,حيث تراجعت أسهمه بشكل كبير واقتصرت علي الموزع هشام الغانم في الكويت واللبناني سليم رامية الذي يعمل من دبي, أما شمال إفريقيا وتحديدا في تونس والمغرب فمنذ ما يقرب من سنة توقفت عمليات توزيع الفيلم المصري,خصوصا وأن بعض الشركات باتت تعزف عن بيع أفلامها للمغرب نظرا للسعرالذي يدفع في الفيلم الواحد والذي لا يتجاوز بأي حال من الأحوال أربعة آلاف دولار,لأنهم يرون أن تخزين الفيلم أفضل بكثير من بيعه بهذا السعرالمتدني, والذي لا يمثل شيئا يذكر في تكاليف بعض الأفلام والتي تتخطي ميزانيتها ال20مليون جنيه مصري في أحيان كثيرة.. انسحبت رؤؤس الأموال العربية, من سوق الإنتاج المصري فلم تعد روتانا أو الايه آر تي تمنحان رؤوس أموال للمنتج المصري, والفضائيات تشتري أفلامها من شركات الإنتاج بالآجل,والدولة حدث ولا حرج تتعامل مع السينما مثل تعاملها مع علوم الفضاء ولا يوجد أمل في أن تغير نظرتها تجاه صناعة إستراتيجية بأهمية صناعة السينما والتي تعد واحدة من صناعات الأمن القومي,ويبدو أنه بات من الصعب أن نجد مسئولا واحدا في وزارة الثقافة المصرية,أو وزارة الإعلام يلتفت لضرورة دعم المنتج السينمائي المصري,وكأنهم تناسوا تماما فترة الستينات التي شهدت اهتماما كبيرا من الدولة بصناعة السينما, ودعمها وكيف أن مؤسسة السينما في تلك الفترة أنتجت مجموعة من الأفلام الهامة والتي تعد حاليا من كلاسيكيات السينما العربية وليس المصرية فقط. وإذا كانت الدولة بكل مؤسساتها قررت أن تتعامل مع صناعة السينما علي أنها صناعة لقيطةلا توجد قوانين حقيقية تنظمها ولاآليات تضمن استمرارها فما هو البديل أمام منتجي السينما والقائمين علي الصناعة ؟ هل يلجأون لإنتاج أفلام متوسطة التكلفة مثلا؟ هل يتفقون مع الميجا ستارز والسوبر ستارز علي ضرورة تخفيض أجورهم ؟ أم يعودون للعرف الذي كان سائدا في فترة مضت كان فيها سعر النجم يرتبط بشكل كبير بسعره في التوزيع الخارجي,وما هو موقف النجوم حاليا إزاء مشكلة الصناعة ولماذا أصبح أغلبهم مستسلما لمنطق:أنا في بيتي والمنتج اللي عايزيني عارف سعري كويس,رغم أنهم يدركون جيدا ذلك الخطر المحيط بصناعة السينما ويعرفون حجم الأزمة وأن القادم قد يكون أسوأ بكثير بالنسبة للسينما المصرية إذا لم تتكاتف جهود كل القائمين عليها من أجل إنقاذها. وفي ظل تدهور أحوال الصناعة بهذا الشكل,وهو ما يردده الكثير من المنتجين في جلساتهم الخاصة فهم يرون أن هناك دورا يجب أن يلعبه الفنانون للنهوض بالصناعة بعيدا عن أنانية النجوم بغض النظر عن أسعارهم في السوق ومن هو الأعلي أجرا, وغيرها من التفاصيل ضاربين المثل بنجوم العصر الذهبي للسينما والذين كانوا يطلقون إنتاجهم الخاص جنبا الي جنب مع إنتاج الدولة, وهو ما أدي إلي نوع من الازدهار في تلك الصناعة. من جانبه يري المنتج والكاتب وائل عبد الله أن السينما المصرية في حالة انهيار وليس ارتباكا أو تدهورا, بل انهيار كامل في الصناعة منذ عامين وأكثر ولن تقوم قائمة لصناعة السينما المصرية إلا بتكاتف جميع العاملين فيها موضحا أنه سيبدأ في تطبيق نظام شبيه بما كان يطبقه في المسرح بمعني أن النجم سيحصل علي أجره كنسبة مما يحققه في شباك التذاكر كذلك سيتم مراجعة أجور المخرجين والمؤلفين المبالغ فيها والتي من وجهة نظره يجب أن تخفض إلي50% علي أقصي تقدير,لأنه في المقابل لا يستطيع أن يخفض من ميزانية جودة الصوت والصورة والدعاية خصوصا بعد أن وصل الفيلم المصري الي مستوي متميز ينافس الأفلام الأجنبية علي المستوي التقني, ولا يستطيع أحد أن يطالبنا أن نقلل من جودة الفيلم لصالح أجور الفنانين والنجوم وعما إذا كان الفنانون سيرضون بهذا الوضع أكد عبد الله أن الفنانين عليهم دور مهم في دعم صناعة السينما مثلما كانوا يحصلون علي حقوقهم ويتمتعون بكافة المميزات في فترة ازدهارها, والآن ينبغي أن يساعدونا في الخروج من تلك الأزمة الحادة التي تعاني منها الصناعة خصوصا وأن الفيلم المصري بات مستقبله مدمرا في الخارج, فلا توجد سوق خارجية لعرض الفيلم وشرائه,ليس ذلك فقط بل إن الفضائيات لا تسدد ما عليها من التزامات والمدهش أنها تطالبنا في الآن بقبول مبدأ التقسيط الشهري في حال شراء الأفلام, كما أن التوزيع الداخلي مهما حقق من إيردات فهو لا يغطي بأي حال من الأحوال تكلفه الفيلم الفعلية. وتجدر الإشارة إلي أنه في الفترة الماضية تم إنتاج أهم فيلمين حققا إيرادات كبيرة وهما المصلحة وبنات العم, ورغم ذلك فالفلمان لم يغطيا تكلفتهما في حين أن هناك أفلاما تنتج بقروش قليلة وبمستوي لا يليق بصناعة السينما المصرية,ومع ذلك تحقق إيرادات كبيرة وعن نفسي- لن أقوم بإنتاج نوعية من مثل هذه الأفلام. وحول عدم وجود تكتل من صناع السينما المصرية للاتفاق علي آليات واضحة لخروج السينما من أزمتها الراهنة يقول وائل: حاولنا أن نجلس معا أكثر من60 مرة ولكن للأسف لم نتفق أبدا, لذلك ومن خلال شركتي أحاول أن أتجاوز هذه المحنة التي تمر بها صناعة السينما بعد أن وصل حجم خسارتي إلي أكثر من50% من ميزانية الإنتاج, أيضا لن أقوم بتخفيض أجور موظفي الشركة أو العاملين في دور العرض التابعة لي, لأن الفنانين أنفسهم هم الذين ينبغي أن يتحملوا هذه الفترة ويدعمونا الصناعة مثلما حققوا من خلالها أرباحا طائلة من قبل ولفترات طويلة, وإلا سنجلس جميعا في بيوتنا. أما المنتج محمد العدل فقال إن السينما لن تقوم لها قائمة في الفترة المقبلة إلا من خلال صناعها, لذلك أعكف أنا والعديد من المنتجين والعاملين في الصناعة علي عمل دراسة لعمل شركة مساهمة ضخمة من كل العاملين في الصناعة عمال ومؤلفين ومخرجين وفنيين ونجوم لكي نكون كلنا مشاركين في نهضة هذه الصناعة حتي نتجاوز أزمتها, فإذا كانت الصناعة تحتاج الي300 مليون جنيه فنحن نحتاج إلي25 في المائة من هذا المبلغ لكي تدور عجلة الإنتاج من جديد, إضافة الي أن من يحصل علي أجر5 ملايين جنية مثلا عليه أن يتقاضي منها مليونا والباقي يكون عبارة عن أسهم له في الشركة, فالسينما لن تحل أزمتها إلا بتكاتف كل مجهودات العاملين فيها,خصوصا أن المنتجين الذين يمتلكون دور العرض هيشغلوها هيشغلوها من خلال الأفلام الأجنبية لوتطلب الأمر. 10 مشاريع سينمائية متعثرة مابين الاستعداد لبدء تنفيذها, أو مؤجلة العرض, هناك عشرة مشاريع سينمائية متعثرة حاليا منها: مشروع يكتب لنجم الكوميديا أحمد حلمي مع المخرج شريف عرفة, وآخر للنجم كريم عبد العزيز مع شركة دولار فيلم,وفيلم للسبكي يتم تصويره بطولة ياسمين عبدالعزيز,وفيلم مؤجل عرضه وهوساعة ونص,, فضلا عن فيلمين للشركة العربية هما حفل منتصف الليل,وفبرايرالأسود ولا يتبقي علي انتهاء تصويرها سوي يومين فقط. ما مضي ليس سوي بعض ركام هموم السينما المصرية التي تعاني أزمة طاحنة يشترك فيها كل الأطراف القائمة علي صناعتها,, فهل تتدخل الدولة أم يلجأ الصناع إلي طرق ومحاولات إفاقة لإنقاذ ما تبقي من صناعة ظلت لسنوات طويلة تشكل ملامح أسطورة هوليود الشرق.. الأيام القادمة ستكشف عن ذلك.