أخيرا وبعد ستين عاما تم افتتاح أول فرع لبنك مصري في السودان.. ذهب د.هشام قنديل رئيس الوزراء علي رأس وفد كبير إلي الخرطوم كان من بين أعضائه الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي والسيد طارق عامر رئيس البنك الأهلي. وشهد كبار المسئولين السودانيين هذه المناسبة التاريخية أخيرا فرعا للبنك الأهلي المصري في جنوبالوادي.. بقدر سعادتي بهذا الخبر بقدر تعاستي ان يكون هذا هو حال العلاقات المصرية السودانية التي استباح العهد البائد كل ثوابتها إهمالا وتهميشا.. السودان القطعة العزيزة من مصر الواقع والتاريخ والمصالح لا يوجد فيه فرع لبنك مصري من يصدق هذا.. قصة هزلية تؤكد حالة الغشاوة التي كان يعاني منها المسئولون واصحاب القرار في مصر.. كان من المفروض ان يكون هناك عشرات الفروع للبنوك المصرية في كل مدن السودان شمالا وجنوبا.. ولكن كيف يحدث ذلك وكل اهتمام المسئولين عندنا سفريات إلي أوروبا وإسرائيل وبلاد العم سام ودول الخليج حيث المصالح بين المسئولين عندنا تفرض هذا الأسلوب من التعامل.. لقد اهملنا السودان في كل شيء وشهدت العلاقات المصرية السودانية حالة ركود وجفاء وقطيعة طالت والسبب في ذلك ان المسئولين عندنا اعتادوا علي السفر إلي بلاد الفرنجة والاتجاه شمالا حيث الجو الممتع والعمولات والصفقات ونهب اموال الشعب وتأمين مستقبل الأبناء وشراء كل ما يلزم للرفاهية العائلية.. استطاع العهد البائد ان ينزع الشعب المصري من كل ثوابته القديمة فأصبح السفر إلي إسرائيل والهجرة إليها أهم من أي عاصمة أخري.. وأصبح موسم الحج إلي واشنطن اهم من كل الأشياء وكانت رحلات باريس السنوية لشراء الملابس والمستلزمات الصحية والطبية واجبا شهريا وليس سنويا وأصبحت روما مرتع الأنس مع بيرلسكوني رئيس وزرائها المخلوع بفضائح أخلاقية وجنسية.. اما السودان نصف مصر الآخر فقد تركناه فريسة للتقسيم ليصبح دولتين ونجد أنفسنا في آخر المطاف نبحث لنا عن موطن قدم في حوض النيل وكأننا نتآمر علي مصدر حياتنا أخيرا وجد السودانيون شيئا من عبق وذكريات طلعت حرب. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة