تجمعت الحركة النسائية المصرية بمنظماتها المتعددة مؤخرا, مع ممثلي الأحزاب وائتلافات الشابات والشباب الثوري, والشخصيات العامة, نساء ورجالا, ممن يدركون أن لا تحرر للوطن دون تحرر النساء, ولا تحرر للنساء دون تحرر الوطن. لعبت النظم الاستبدادية في مصر دورا كبيرا في تمزيق الحركة النسائية المصرية, وغيرها من الحركات الوطنية, حسب مبدأ فرق تسد, كما لعبت الحكومات بعد الثورة دورا في تشتيت القوي الثورية, وإضعاف تأثيرها, وحبس الشباب والشابات في السجون العسكرية حتي اليوم. ولم يكن لثورة يناير2011 أن تنجح في إسقاط مبارك وكبار معاونية إلا بالاتحاد والوحدة بين جميع فئات الشعب المصري, لهذا أصبح الاتحاد بين كل الحركات الوطنية المصرية ضرورة ملحة لاستعادة قوة الثورة وروحها ونشاطها وتحقيق أهدافها, النساء, نصف المجتمع, في مصر, وكل شعوب العالم, يقدمن أرواحهن ودماءهن في الثورات الشعبية, من أجل الحرية والعدالة والكرامة, وضد القهر, وجمع أشكال النظم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني والعائلي والجنسي والثقافي والأخلاقي وغيرها. منذ نشوء النظام العبودي( الطبقي الأبوي) في التاريخ البشري لم تكف النساء عن الثورة ضد هذا النظام مع زملائهن الرجال من العبيد والأجراء والمهمشين والمهمشات والثورات المصرية الشعبية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين, وحتي ثورة يناير شاركت فيها النساء المصريات مع الرجال في كل المجالات, كما شاركت النساء في الثورات العربية, من تونس إلي اليمن وبلاد العالم في الشمال والجنوب( من حركة احتلوا وول ستريت في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي حركة احتلوا سان بول في بريطانيا), وغيرها من الثورات الشعبية المشتعلة خلال هذا القرن الحادي والعشرين, ضد النظام العالمي والمحلي الاستبدادي العسكري الاستعماري العنصري الطبقي الأبوي. نحن نعيش في عالم واحد محكوم بنظام واحد, قائم علي العنف والإرهاب والاستغلال والظلم, خاصة للنساء والفقراء والمهاجرين, لهذا أصبح النضال ضد هذا النظام عالميا ومحليا, تتضامن فيه شعوب العالم, نسا ورجالا, من أجل العدالة والمساواة الكاملة بين البشر بصرف النظر عن الجنس أو الطبقة أو الجنسية أو العرق أو الدين أو العقيدة أو غيرها. حكومة فرنسا مثلا( في عهد فرانسوا أولاند الخالي) تضم سبع عشرة وزيرة امرأة, وسبعة عشر وزيرا من الرجال بالتساوي, احدي الوزيرات عربية مغربية الأصل هي نجاة بلقاسم عمرها34 عاما فقط, تم اختيارها المتحدثة الرسمية للحكومة الفرنسية. أصبحت النساء في عدد من البلاد( إسبانيا والسويد والنرويج وغيرها) تمثل50% من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها من الهيئات الرسمية والشعبية مصر مهد الحضارة الانسانية ليست أقل من هذه البلاد. قضية تحرير المرأة المصرية لم تبدأ في عصرنا الحديث, وليست مستوردة من الغرب, بل هي ممتدة في تاريخ مصر القديم, حيث شاركت ثورات النساء مع ثورات العبيد في خلع النظم الاستبدادية الطبقية الأبوية. وقضية تحرير النساء, هي قضية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية كبري مثل قضية الديمقراطية والتحرير الوطني الكامل من الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي. ولا ديمقراطية بدون النساء ولا عدالة اجتماعية بدون النساء تتجاوز قضية المرأة الفروق المفروضة علي البشر بسبب الجنس أو الطبقة أو الدين أو العرق أو العنصر أو النوع أو العمر أو المهنة أو غيرها, الجميع من فئات الشعب المصري يناضلون( بصرف النظر عن الاختلافات) ومن أجل تحقيق مبادئ ثورتنا منذ يناير2011 الحرية العدالة الكرامة وغيرها من المبادئ الانسانية, علي رأسها الصدق في القول والعمل, لا فاصل بين الحياة العامة والخاصة. وقد أصبح من الضروري توحيد الحركة النسائية المصرية داخل قوة سياسية واجتماعية خلاقة مبدعة ومؤثرة وادخال مادة في الدستور المصري الجديد تنص علي المساواة الكاملة بين النساء والرجال في جميع الحقوق والواجبات العامة والخاصة, وأن يكون للنساء نسبة50% في جميع المجالس والهيئات التنفيذية والنيابية والقضائية والتشريعية والحزبية والعلمية والفنية وغيرها. المفاهيم لدي الرأي المصري عن قضية تحرير المرأة وربطها بقضية تحرير الوطن داخليا وخارجيا انها قضية محلية وعالمية, نشأت في كل بلاد العالم ضد القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجنسي والثقافي وغيرها. وحرية المرأة هي حرية الرجل لا فرق, كل منهما انسان حر مستقل, لكل منهما جميع حقوق الانسان القائم بذاته, وليس فردا ناقصا يكمله الآخر. وتناضل الحركة النسائية المصرية مع الحركات الوطنية الأخري بجميع الطرق المتاحة, ومنها المظاهرات النسائية والشعبية السلمية, والوقفات الاحتجاجية, وعقد الندوات والمؤتمرات المحلية والعربية والافريقية والدولية, ونشر الثقافة التحريرية في كل المجالات الابداعية العلمية والأدبية والفنية وغيرها. سوف تتصدي الحركة للرد علي الفتاوي والدعوات الجديدة التي تحاول العودة بالمرأة المصرية إلي الوراء, ومنها الدعوة لعودة المرأة للبيت رغم أن ثلثي الأسر المصرية تعولها النساء, والدعوة إلي إلغاء القانون الذي يمنع ختان الاناث تحت اسم الاسلام, رغم أن عادة الختان تعود إلي عصور العبودية قبل ظهور الأديان, قرأنا مؤخرا علي لسان سيدة ذات منصب عال جديد تقول أن المرأة غير المختونة ناقصة الايمان. وأعتقد أن فرض هذه الجريمة العبودية علي النساء باسم الاسلام ليس إلا إهانة للاسلام والنساء معا. المزيد من مقالات د.نوال السعداوى