"المؤتمر" يدفع ب 5 مرشحين على المقاعد الفردية في انتخابات "الشيوخ" بالقاهرة    البلشي: لست مسؤولًا عن تظاهرات أحمد دومة على سلم نقابة الصحفيين    "القائمة الوطنية من أجل مصر" لانتخابات الشيوخ.. تضم 13 حزبًا وتجمعًا سياسيًا    بعد 12 عامًا.. الإخوان ترفض الاعتراف بسقوطها الشعبي والسياسي    «الوطنية للانتخابات» تحدد قواعد اختيار رموز مرشحي «الشيوخ» على نظامي القوائم والفردي    محاضر الغش «بعبع المعلمين» في امتحانات الثانوية!    عصام السباعي يكتب: مفاتيح المستقبل    ترامب: حالات عبور المهاجرين غير الشرعيين الشهر الماضي هي الأدنى في تاريخ الولايات المتحدة    النساء على رأس المتضررين ..قانون الإيجار القديم الجديد يهدد الملايين ويكشف غياب العدالة الاجتماعية    رئيس شعبة الدخان يكشف موعد تطبيق زيادة أسعار السجائر الجديدة    الأمم المتحدة: نحو 85% من أراضي غزة تحت أوامر نزوح أو ضمن مناطق عسكرية    الخارجية الأمريكية: واشنطن لن تتكهن بموعد اتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا    فوكس نيوز: ترامب سيزود إسرائيل بقنابل خارقة للتحصينات إذا اقتربت إيران من امتلاك سلاح نووي    إيران تتهم فرنسيين بالتجسس للموساد والتآمر لقلب النظام والإفساد في الأرض    قوات الدفاع الجوى السعودي تدشن أول سرية من نظام "الثاد" الصاروخي    جزائري الجنسية.. الإسماعيلي يعلن مدربه الجديد رسميًا    «عندي ميزة مش عنده».. تناقض في تصريحات محمد شريف عن وسام أبوعلي    أيمن يونس يهاجم ترشيح عبدالناصر محمد لمنصب مدير الكرة في الزمالك    قناة mbc مصر 2 تذيع مباراتين في ربع نهائي كأس العالم للأندية 2025    أب ينهي حياة أولاده الثلاثة في ظروف غامضة بالمنيا    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    ارتفاع الرطوبة والحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الأيام المقبلة    طارق الشيخ يكشف كواليس صداقته مع أحمد عامر..ماذا قال؟    مي عمر أنيقة ونسرين طافش بفستان قصير على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    ملك أحمد زاهر تحتفل بعيد ميلاد والدتها: إحنا من غيرك دنيتنا تبوظ (صور)    هل الجنة والنار موجودتان الآن؟.. أمين الفتوى يجيب    فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29 بسبب إسهال نجم عن تناول لحوم ملوثة    أجمل 10 أهداف فى مباريات دور ال 16 من كأس العالم للأندية (فيديو)    "الصحة العالمية" تطلق مبادرة لزيادة ضرائب التبغ والكحول والمشروبات السكرية    اجتياز 40 حكمتا لاختبارات الانضمام لمعسكر تقنية الفيديو    إسماعيل يوسف: الزمالك ليس حكرا على أحد.. ويجب دعم جون إدوارد    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    زيادة كبيرة في عيار 21 الآن.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة (محليًا وعالميًا)    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    المصري يكثف مفاوضاته للحصول على خدمات توفيق محمد من بتروجيت    للمسافرين.. مواعيد انطلاق القطارات لجميع المحافظات من محطة بنها الخميس 3 يوليو    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    الأردن وفلسطين يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم الخميس 3 يوليو 2025    أتلتيكو مدريد يستفسر عن موقف لاعب برشلونة    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    مدير أعمال أحمد عامر: 'كان بيعاني من تعب في المعدة ولم يتوفى بسبب أزمة قلبية'    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    محافظ سوهاج: تخصيص 2.15 مليون فدان لدعم الاستثمار وتحول جذري في الصناعة    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    وزيرا خارجيتي الإمارات وغانا يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    هل "الدروب شيبنج" جائز شرعًا؟ أمين الفتوى يجيب    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سألتنى المذيعة: ما علاقة أوباما وبوش بالحجاب والختان؟
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 02 - 2010

جاءت إلى بيتى فى حى شبرا العتيق، تسبقها رائحة عطورها الأثيرية من باريس، وقافلة من عشرين رجلا يحملون الكاميرات والأضواء، النجمة الأنثوية ذات اللقب «الرائعة» من المعارضة اليسارية واليمينية، والليبرالية الجديدة والقديمة، والسلطات جميعا.
لا أدرى ما تغير فى الكون ليدق جرس التليفون فى بيتى، يأتينى صوتها الرقيق الناعم، لكنتها مزيج من عربية خليجية إنجليزية، تصورت أنها أخطأت الرقم.
طلبت منها أن ترسل إلىّ الأسئلة مكتوبة على الكمبيوتر، فقالت: أريد الحوار تلقائيا وأنت تحبين التلقائية مش كده والاّ إيه؟
تم تسليط الأضواء على وجهها المغطى بمساحيق التجميل والكحل والروج، القافلة من الرجال الحاملين للكاميرات والأضواء لا ينظرون إلا نحوها، تعودوا تركيز الأضواء عليها، وطاعة أوامرها دون نقاش، توجه الكاميرات والأضواء إليها، ثم إلى بعض أشياء فنية هنا وهناك، فى صالة شقتى الصغيرة، تمثال صغير لرأس نفرتيتى، صورة فلاحة تحمل زلعة، منظر نهر النيل وقارب شراعى، أخيرا بدأت السيدة النجمة تتكلم وهى شاخصة فى عين الكاميرا، توجه خطابها للجماهير، قدمت نبذة طويلة عن تاريخ الحركة النسائية العالمية، خاصة فى فرنسا بزعامة سيمون دى بوفوار، فى مصر كان رائد تحرير المرأة قاسم أمين، بعده من جاء؟ ، لماذا لم تأت امرأة مصرية بعد قاسم أمين؟
ثم حولت عينيها عن الجماهير واكتشفت وجودى جالسة أمامها فوق المقعد فقالت: لماذا لم يتزعم الحركة النسائية فى بلادنا إلا الرجال، منذ رفاعة الطهطاوى وقاسم أمين؟ ولماذا لم تظهر امرأة واحدة تحمل منهم الشعلة؟ فتحت فمى لأرد لكنها سبقتنى ووجهت لى سؤالا آخر عن شىء آخر يتعلق بالجمعيات الجديدة التى تطالب بتحرير الرجال، الرجل يقهر أيضا مثل المرأة مش كده والا إيه؟
تركتها تسأل وترد على نفسها، حتى صمتت لحظة، وخطر لها سؤال جديد: ما علاقة السياسة بقضية تحرير المرأة يا دكتورة، لماذا تقحمين السياسة فى كل شىء؟
قلت: السياسة تدخل فى كل شىء، من البيت الأبيض بواشنطن إلى بيتك بغرفة النوم.
ارتدت إلى الوراء فى مقعدها مندهشة: أبدا موش ممكن، إيش جاب ده لده؟
أردت أن أشرح لها بالتفصيل هذه العلاقة البسيطة البديهية، لكن قدرتها على الإنصات كانت شبه معدومة، ما إن أبدأ عبارة واحدة حتى تتجه عيناها إلى شىء آخر، تقاطعنى وتسألنى سؤالا آخر لا علاقة له بالسابق أو اللاحق، مجرد القفز من سؤال إلى سؤال، ومن موضوع إلى موضوع بسرعة الضوء، تتكلم معظم الوقت، تقاطعنى طول الوقت، يتصبب منها العرق حين تنطق شيئا يفضح تناقضها، أو عدم دراستها الموضوع، تمتد نحوها يد تمسك قطعة شاش تجفف عرقها، يد أخرى تصلح ما فسد من الماكياج، ترش على طرف أنفها مسحوق البودرة، تعدل خصلة الشعر المتهدلة فوق عينها اليسرى.
حاولت الاحتفاظ بهدوئى، أرد عليها بكلمات مختصرة قاطعة، تجعلها تهتز فى مقعدها لحظة ثم تبتلع لعابها وتواصل التعليق أمام الكاميرات عن شىء ما طرأ لها، أخيرا انتهت من مهمتها وغادرت بيتى، بقى بعض الرجال يعيدون ترتيب المكان إلى ما كان عليه قبل مجيئهم، أحدهم كان مساعد المخرج أو مساعد المساعد، شاب هادئ صامت، تكلم بعد أن خرجت النجمة وقال: إحنا متأسفين لإزعاجك لكن ده مستوى الحوارات فى التليفزيون، أنا قرأت فى الإنترنت مقالك عن علاقة الختان والحجاب بجورج بوش وأوباما، المذيعات والمذيعون من الرجال ليس لديهم وقت للقراءة إلا مجلة الإذاعة والتليفزيون، مشغولون دائما بصورتهم أمام الكاميرا، اختيارهم للمنصب لم يكن بسبب الذكاء أو العقل، بل شكل الوجه والتقاطيع فوتوجينيك أم لا، دى المشكلة يا دكتورة، أصحاب وصاحبات العقل دايما ورا الكاميرا من الجنود المجهولين،
قلت له: بعد كل حوار صحفى أو تليفزيونى أقرر عدم الموافقة على أى حوار آخر، أليس الأفضل مقاطعة الإعلام كله؟ لا يا دكتورة لا تقاطعى الإعلام لأنه الوسيلة لتوصيل أفكارك للناس، خاصة التليفزيون، أغلب الناس يشاهدون التليفزيون، ليس لديهم جهد أو فلوس ليشتروا الكتب، كل بيت فيه تليفزيون لكن لا توجد مكتبة مثلا، الأغنياء عندهم مكتبة ربما للزينة أو التظاهر بالثقافة، قليل اللى بيقروا فى بلادنا أو فى بلاد العالم، الصورة على الشاشة انتصرت على الكتاب، دى الحقيقة، لازم تعملى حوارات فى التليفزيون يا دكتورة، الناس تسمعك فين؟ حتى لو غلوشت عليكى المذيعة أو المذيع لازم تتكلمى فى وسائل الإعلام، مش كفاية الكتب.
طيب وإيه العلاقة بين أوباما وبوش وختان المرأة وحجابها؟ المسألة بسيطة، السياسة الدولية غير منفصلة عن السياسة المحلية، النظام الرأسمالى الاقتصادى العالمى غير منفصل عن النظام الأبوى العائلى، الأسرة هى الحجر الأساسى لهذا النظام الطبقى الأبوى عالميا وداخل الدولة، لا يمكن الاستعمار الخارجى يدخل بلداً إلا بالاتفاق مع السلطة الداخلية، الاستعمار البريطانى فى نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين اشتغل مع الحكومة المصرية والخديو والملك، وشجع الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط ليقسم البلد، حسب نظرية: فرق تسد، الاستعمار الأمريكى اشتغل مع حكومة السادات فى السبعينيات من القرن العشرين وتم تقوية التيارات الدينية اليمينية لضرب التيارات اليسارية والناصرية، وأيضا لتقسيم البلد بين المسلمين والأقباط، هذه الخطة تتكرر فى التاريخ، وفى جميع المستعمرات القديمة والجديدة، فى كل العالم ومع كل الأديان أو العقائد أو الاختلافات فى العرق أو النوع أو العنصر أو الهوية أو غيرها.
المرأة أضعف فئات المجتمع سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهى نصف المجتمع عددا وأكثر، يمكن السيطرة على النساء من خلال رجالهم، مع تصاعد التيارات الدينية يشتد تحكم الرجال فى النساء، لأن المرأة أدنى من الرجل فى معظم الأديان، يمكن التحكم فى حركة النساء تحت اسم الدين والأخلاق، وفرض الحجاب أو النقاب عليهن، يمكن عزلهن فى البيوت أو مناطق الحريم، يمكن منعهن من التعليم أو العمل بأجر، يمكن ختانهن تحت اسم الحفاظ على العذرية والعفة، وغير ذلك من أدوات القهر الدينية السياسية التى تفرض على النساء فى ظل الاستعمار الخارجى وأعوانه فى الحكومة المحلية الاستبدادية.
فى بداية الثمانينيات أوضحت الدراسات عن أحوال المرأة المصرية التراجع فى حقوق النساء، مع الزيادة فى تحجيبهن وتختينهن، الختان والحجاب من وسائل التحكم الجسدى فى المرأة، يصاحبها بالطبع تحكم نفسى واجتماعى وسياسى.
كلنا نشهد اليوم كيف انتشر الحجاب والنقاب بين النساء المصريات، لا تقل نسبة ختان البنات فى مصر اليوم عن 93 %، حسب الدراسات الأخيرة، لا تربط معظم الدراسات عن المرأة بين قضايا النساء مثل الختان والحجاب والقضايا السياسية الكبرى مثل الاستعمار الخارجى والحكم الاستبدادى الطبقى الأبوى، واستخدام الأديان للسيطرة سياسيا على الشعب والتحكم فى العقول.
تصاعدت التيارات المسيحية اليمينية فى ظل ريجان وجورج بوش للتحكم فى الشعب الأمريكى، اشتدت الرأسمالية العسكرية الأبوية شراسة داخل أمريكا وخارجها، اشتدت الهوة بين الفقراء والأغنياء وبين النساء والرجال، كما حدث فى بلادنا مع تصاعد اليمين الدينى الرأسمالى، فى ظل السادات وريجان حتى جورج بوش وباراك أوباما، لم يختلف شعار الحريات الدينية فى عصر بوش عن شعار أوباما حرية الاختيار إلا تلاعبا بالألفاظ الجميلة لتدعيم أكثر القوى ذكورية طبقية استبدادية فى الدولة والمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.