جامعة بنها تطلق معسكرًا دائمًا بمطروح لتعزيز مهارات الطلاب -صور    ب3 صور.. صلاح يستعرض احتفاله على طريقة جوتا من مباراة بورنموث    انطلاق تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية بالبحيرة -صور    القاهرة السينمائي ينعى مدير التصوير تيمور تيمور":"صاحب موهبة فذة"    قصور الثقافة تطلق الدورة الأولى من المهرجان الختامي لمسرح الطفل.. (مواعيد العروض)    نقيب الصحفيين: لابد من التصدى لتصريحات نتنياهو حول إسرائيل الكبرى    مستشار رئيس فلسطين: العقلية الإسرائيلية تستبعد أي إمكانية لسلام كامل ومستدام بالمنطقة    بأمر رئاسي.. الجزائر تسحب حافلات النقل المتهالكة بعد فاجعة وادي الحراش    خطة شاملة لزيادة إنتاجية محصول القطن في الإسماعيلية    العلمين الجديدة.. جوهرة تاج المتوسط.. موقع سفر عالمى: المدينة تنافس أهم وجهات السياحة الأوروبية الرائدة فى اليونان وإيطاليا وإسبانيا.. وتؤكد: تطويرها جزء من استراتيجية مصر الشاملة لتنمية الساحل الشمالي الغربي    تعثر مبكر.. الزمالك يفقد أول نقطتين في سباق الدوري أمام المقاولون    توتنهام يكثف مفاوضاته لضم إيزي من كريستال بالاس    نوتينجهام يضم جيمس مكاتي من مانشستر سيتي    لعبة الباتيناج تتسبب في مصرع طفل بمدينة 6 أكتوبر    تيك توك يحد من مشاهدات المحتوى التسويقى ويفرض قواعد جديدة للانتهاكات    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعاطل لاتهامه الإتجار فى الشابو بسوهاج    ليكيب: مصطفى محمد على رادار لانس الفرنسى لتعزيز هجومه    أكسيوس: إدارة ترامب تصنف 533 شركة وكيان داخل أمريكا بناءً على ولائها للرئيس    خالد سليم يُحيى ليلة ساحرة فى الليلة الثانية لمهرجان القلعة.. صور    أشرف زكى يكشف سبب رحيل مدير التصوير تيمور تيمور: توفى غرقا    الأوقاف: التعاون مع الشركة المتحدة ب"دولة التلاوة" فخر ويضفي زخما للمسابقة    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    "الصحة" تعلن فحص 8 ملايين و336 ألفا ضمن مبادرة علاج فقدان السمع لدى حديثى الولادة    منها فقدان الوزن.. 5 علامات مبكرة لتلف العظام تتطلب اهتماما عاجلا    قانونية: الرجل ملزم بالتكفل بالزوجة والأبناء بعد الطلاق    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    مصطفى محمد يترأس قائمة نانت ضد باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي    وفد من الثقافة والمهن التمثيلية يزور الفنانة نجوى فؤاد في منزلها بعد استغاثتها | صور    خالد يوسف يؤدي واجب العزاء في الروائي صنع الله إبراهيم. صور    وزير السياحة يؤكد: وجهت باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الفيديو الترويجي للمتحف الكبير    الأونروا: معظم أطفال غزة معرضون للموت إذا لم يتلقوا العلاج فورا    منال عوض: تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات البيئية لمواجهة التحديات العالمية    مصدر أمني ينفي شائعات إخوانية بوفاة شخص داخل قسم شرطة جراء التعذيب    رئيس جامعة طنطا يتفقد الاستعدادات النهائية لاستقبال لجان بدء الدراسة بجامعة طنطا الأهلية    صحة شمال سيناء: مستمرون في تحسين جودة الخدمات بوحدات الرعاية الأولية    «الزراعة»: انطلاق الحملة القومية لتحصين الثروة الحيوانية من العترة الجديدة ل الحمى القلاعية    لليوم ال13 على التوالي.. إسبانيا تواصل مكافحة حرائق الغابات وسط موجة الحر    5 أطعمة غنية بفيتامين «د» لتعزيز صحة العظام وتقوية المناعة    كنائس هولندية تطالب الحكومة بالاعتراف بفلسطين ووقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    وفاة والدة الفنان صبحي خليل.. والعزاء غدًا بالحامدية الشاذلية    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 أدبي.. الكليات المتاحة بكل المحافظات    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    مائدة مستديرة بالأعلى للثقافة بعنوان «ترشيد مياه النيل والحفاظ عليها من التلوث»    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. نادي القناة يحقق الصدارة    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    إنفوجراف| ضوابط تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم شروط قانون الإيجار القديم    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    ضبط 6003 قضايا بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نوال السعداوى تكتب: سألتنى المذيعة: ما علاقة أوباما وبوش بالحجاب والختان؟

جاءت إلى بيتى فى حى شبرا العتيق، تسبقها رائحة عطورها الأثيرية من باريس، وقافلة من عشرين رجلا يحملون الكاميرات والأضواء، النجمة الأنثوية ذات اللقب «الرائعة» من المعارضة اليسارية واليمينية، والليبرالية الجديدة والقديمة، والسلطات جميعا.
لا أدرى ما تغير فى الكون ليدق جرس التليفون فى بيتى، يأتينى صوتها الرقيق الناعم، لكنتها مزيج من عربية خليجية إنجليزية، تصورت أنها أخطأت الرقم.
طلبت منها أن ترسل إلىّ الأسئلة مكتوبة على الكمبيوتر، فقالت: أريد الحوار تلقائيا وأنت تحبين التلقائية مش كده والاّ إيه؟
تم تسليط الأضواء على وجهها المغطى بمساحيق التجميل والكحل والروج، القافلة من الرجال الحاملين للكاميرات والأضواء لا ينظرون إلا نحوها، تعودوا تركيز الأضواء عليها، وطاعة أوامرها دون نقاش، توجه الكاميرات والأضواء إليها، ثم إلى بعض أشياء فنية هنا وهناك، فى صالة شقتى الصغيرة، تمثال صغير لرأس نفرتيتى، صورة فلاحة تحمل زلعة، منظر نهر النيل وقارب شراعى، أخيرا بدأت السيدة النجمة تتكلم وهى شاخصة فى عين الكاميرا، توجه خطابها للجماهير، قدمت نبذة طويلة عن تاريخ الحركة النسائية العالمية، خاصة فى فرنسا بزعامة سيمون دى بوفوار، فى مصر كان رائد تحرير المرأة قاسم أمين، بعده من جاء؟ ، لماذا لم تأت امرأة مصرية بعد قاسم أمين؟
ثم حولت عينيها عن الجماهير واكتشفت وجودى جالسة أمامها فوق المقعد فقالت: لماذا لم يتزعم الحركة النسائية فى بلادنا إلا الرجال، منذ رفاعة الطهطاوى وقاسم أمين؟ ولماذا لم تظهر امرأة واحدة تحمل منهم الشعلة؟ فتحت فمى لأرد لكنها سبقتنى ووجهت لى سؤالا آخر عن شىء آخر يتعلق بالجمعيات الجديدة التى تطالب بتحرير الرجال، الرجل يقهر أيضا مثل المرأة مش كده والا إيه؟
تركتها تسأل وترد على نفسها، حتى صمتت لحظة، وخطر لها سؤال جديد: ما علاقة السياسة بقضية تحرير المرأة يا دكتورة، لماذا تقحمين السياسة فى كل شىء؟
قلت: السياسة تدخل فى كل شىء، من البيت الأبيض بواشنطن إلى بيتك بغرفة النوم.
ارتدت إلى الوراء فى مقعدها مندهشة: أبدا موش ممكن، إيش جاب ده لده؟
أردت أن أشرح لها بالتفصيل هذه العلاقة البسيطة البديهية، لكن قدرتها على الإنصات كانت شبه معدومة، ما إن أبدأ عبارة واحدة حتى تتجه عيناها إلى شىء آخر، تقاطعنى وتسألنى سؤالا آخر لا علاقة له بالسابق أو اللاحق، مجرد القفز من سؤال إلى سؤال، ومن موضوع إلى موضوع بسرعة الضوء، تتكلم معظم الوقت، تقاطعنى طول الوقت، يتصبب منها العرق حين تنطق شيئا يفضح تناقضها، أو عدم دراستها الموضوع، تمتد نحوها يد تمسك قطعة شاش تجفف عرقها، يد أخرى تصلح ما فسد من الماكياج، ترش على طرف أنفها مسحوق البودرة، تعدل خصلة الشعر المتهدلة فوق عينها اليسرى.
حاولت الاحتفاظ بهدوئى، أرد عليها بكلمات مختصرة قاطعة، تجعلها تهتز فى مقعدها لحظة ثم تبتلع لعابها وتواصل التعليق أمام الكاميرات عن شىء ما طرأ لها، أخيرا انتهت من مهمتها وغادرت بيتى، بقى بعض الرجال يعيدون ترتيب المكان إلى ما كان عليه قبل مجيئهم، أحدهم كان مساعد المخرج أو مساعد المساعد، شاب هادئ صامت، تكلم بعد أن خرجت النجمة وقال: إحنا متأسفين لإزعاجك لكن ده مستوى الحوارات فى التليفزيون، أنا قرأت فى الإنترنت مقالك عن علاقة الختان والحجاب بجورج بوش وأوباما، المذيعات والمذيعون من الرجال ليس لديهم وقت للقراءة إلا مجلة الإذاعة والتليفزيون، مشغولون دائما بصورتهم أمام الكاميرا، اختيارهم للمنصب لم يكن بسبب الذكاء أو العقل، بل شكل الوجه والتقاطيع فوتوجينيك أم لا، دى المشكلة يا دكتورة، أصحاب وصاحبات العقل دايما ورا الكاميرا من الجنود المجهولين،
قلت له: بعد كل حوار صحفى أو تليفزيونى أقرر عدم الموافقة على أى حوار آخر، أليس الأفضل مقاطعة الإعلام كله؟ لا يا دكتورة لا تقاطعى الإعلام لأنه الوسيلة لتوصيل أفكارك للناس، خاصة التليفزيون، أغلب الناس يشاهدون التليفزيون، ليس لديهم جهد أو فلوس ليشتروا الكتب، كل بيت فيه تليفزيون لكن لا توجد مكتبة مثلا، الأغنياء عندهم مكتبة ربما للزينة أو التظاهر بالثقافة، قليل اللى بيقروا فى بلادنا أو فى بلاد العالم، الصورة على الشاشة انتصرت على الكتاب، دى الحقيقة، لازم تعملى حوارات فى التليفزيون يا دكتورة، الناس تسمعك فين؟ حتى لو غلوشت عليكى المذيعة أو المذيع لازم تتكلمى فى وسائل الإعلام، مش كفاية الكتب.
طيب وإيه العلاقة بين أوباما وبوش وختان المرأة وحجابها؟ المسألة بسيطة، السياسة الدولية غير منفصلة عن السياسة المحلية، النظام الرأسمالى الاقتصادى العالمى غير منفصل عن النظام الأبوى العائلى، الأسرة هى الحجر الأساسى لهذا النظام الطبقى الأبوى عالميا وداخل الدولة، لا يمكن الاستعمار الخارجى يدخل بلداً إلا بالاتفاق مع السلطة الداخلية، الاستعمار البريطانى فى نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين اشتغل مع الحكومة المصرية والخديو والملك، وشجع الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط ليقسم البلد، حسب نظرية: فرق تسد، الاستعمار الأمريكى اشتغل مع حكومة السادات فى السبعينيات من القرن العشرين وتم تقوية التيارات الدينية اليمينية لضرب التيارات اليسارية والناصرية، وأيضا لتقسيم البلد بين المسلمين والأقباط، هذه الخطة تتكرر فى التاريخ، وفى جميع المستعمرات القديمة والجديدة، فى كل العالم ومع كل الأديان أو العقائد أو الاختلافات فى العرق أو النوع أو العنصر أو الهوية أو غيرها.
المرأة أضعف فئات المجتمع سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهى نصف المجتمع عددا وأكثر، يمكن السيطرة على النساء من خلال رجالهم، مع تصاعد التيارات الدينية يشتد تحكم الرجال فى النساء، لأن المرأة أدنى من الرجل فى معظم الأديان، يمكن التحكم فى حركة النساء تحت اسم الدين والأخلاق، وفرض الحجاب أو النقاب عليهن، يمكن عزلهن فى البيوت أو مناطق الحريم، يمكن منعهن من التعليم أو العمل بأجر، يمكن ختانهن تحت اسم الحفاظ على العذرية والعفة، وغير ذلك من أدوات القهر الدينية السياسية التى تفرض على النساء فى ظل الاستعمار الخارجى وأعوانه فى الحكومة المحلية الاستبدادية.
فى بداية الثمانينيات أوضحت الدراسات عن أحوال المرأة المصرية التراجع فى حقوق النساء، مع الزيادة فى تحجيبهن وتختينهن، الختان والحجاب من وسائل التحكم الجسدى فى المرأة، يصاحبها بالطبع تحكم نفسى واجتماعى وسياسى.
كلنا نشهد اليوم كيف انتشر الحجاب والنقاب بين النساء المصريات، لا تقل نسبة ختان البنات فى مصر اليوم عن 93 %، حسب الدراسات الأخيرة، لا تربط معظم الدراسات عن المرأة بين قضايا النساء مثل الختان والحجاب والقضايا السياسية الكبرى مثل الاستعمار الخارجى والحكم الاستبدادى الطبقى الأبوى، واستخدام الأديان للسيطرة سياسيا على الشعب والتحكم فى العقول.
تصاعدت التيارات المسيحية اليمينية فى ظل ريجان وجورج بوش للتحكم فى الشعب الأمريكى، اشتدت الرأسمالية العسكرية الأبوية شراسة داخل أمريكا وخارجها، اشتدت الهوة بين الفقراء والأغنياء وبين النساء والرجال، كما حدث فى بلادنا مع تصاعد اليمين الدينى الرأسمالى، فى ظل السادات وريجان حتى جورج بوش وباراك أوباما، لم يختلف شعار الحريات الدينية فى عصر بوش عن شعار أوباما حرية الاختيار إلا تلاعبا بالألفاظ الجميلة لتدعيم أكثر القوى ذكورية طبقية استبدادية فى الدولة والمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.