وعرضت والدة خطيبى علىّ أن نقيم معها أو فى شقة مجاورة لها, فرفضت وأصررت على أن يكون لنا سكننا الخاص بعيدا عن أسرتينا, فلم تمانع, بل إنها دعمتنى ولم تناقشنى فى الشقة التى اخترتها, حيث شاهدتها وقالت لى إنها سوف تختار هى الأثاث المناسب, فلم أهتم بذلك, وتصورت أن الأمر بسيط خاصة أن خطيبى برر لى موقف والدته بأن ذوقها رفيع, وأنها تفهم فى الأثاث, وهكذا اكتملت الاستعدادات للزواج وتم الزفاف سريعا. وما هى إلا أيام حتى بدأت الصورة الضبابية تتضح شيئا فشيئا, فحماتى هى التى تقود كل صغيرة وكبيرة فى حياة زوجى, ولا رأى له على الإطلاق, بل إنه لا يتحرك خطوة واحدة قبل أن تعطيه الأمر بأن يخطوها, وفى نهاية اليوم لابد أن يقدم لها تقريرا وافيا عما فعله, وما ينوى القيام به فى اليوم التالي. وحتى فى الفسح لا نخرج إلا بصحبتها أو الذهاب إلى المكان الذى تمليه علينا، ونبلغها بمواعيد ذهابنا وانصرافنا! وحاولت أن أعالج زوجى من الالتصاق المرضى بوالدته, فإذا به يخبر والدته بكل ما قلته له, فثارت فى وجهى وهددتنى بأنها سوف تطلقنى منه, وأننى لن أستطيع أن أستأثر به وحدى على حد تعبيرها ولم أجد أمامى سوى بيت أسرتى, فذهبت إلى والدتى ورويت لها ما حدث, فأخذت تبكى على حالى, ونصحتنى بالصبر والتريث, فعملت بما طلبته منى, وتحملت كل ما بدر من والدته, لكن كانت النتيجة أسوأ مما توقعت, فلقد أخبرنى زوجى بأنه سوف يسافر فى مأمورية عمل لمدة25 يوما بمحافظة نائية, وبأن أمامى خيارين لا ثالث لهما, إما أن أقيم مع حماتى, أو تنتقل هى للإقامة معى, فرفضت كلا الاختيارين, وأقنعته بهدوء بأن الأفضل لاستمرار حالة الوفاق المؤقت مع والدته أن أقيم بمفردى أو أذهب إلى أسرتى للإقامة مع والدتى, فأشار علىّ بالحل الثانى, فذهبت إلى منزلنا. وقبل أن أطرق الباب جاءنى هاتف من حماتى وإذا بها تقول لي: إذا بت ليلتك عندك فلن تعودى إلى زوجك مرة أخرى وأغلقت الهاتف فى وجهي, فتضايقت وعشت ليلة سوداء, وحاولت والدتى تهدئتي, ولم تمر ساعة واحدة حتى اتصل بى زوجى وبكل استهتار قال لي: أنت طالق, فأصابتنى حالة هستيريا وانهرت تماما، ونقلونى إلى المستشفى وقال الأطباء إننى أصبت بحالة عصبية حادة. وحاول زوجى ووالدته إعادة المياه إلى مجاريها بعد أن علما بما حدث لي، لكنى رفضت بشدة ومضيت فى إجراءات الطلاق, ولم أتوقف كثيرا عند حقوقى فتنازلت عنها، والآن أنا مطلقة أجر أذيال الخيبة على زيجة فاشلة بسبب ابن أمه, ولعل قصتى تكون درسا لكل البنات بألا يتزوجن مثلى أبناء أمهاتهم؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول: هناك شقان تثيرهما رسالتك يا سيدتى وينبغى التوقف أمامهما طويلا وتأمل الدروس المستفادة منهما :أما الشق الأول فيتعلق بالتدليل الزائد عن الحد للأبناء خصوصا إذا كان الابن وحيدا حيث تسيطر الأم عليه، وتتخذ القرارات المصيرية فى حياته نيابة عنه لدرجة أنها تقتله بحبها الزائد.. وهذا ما حدث بالفعل مع مطلقك الذى لم يشعر يوما أنه صاحب قرار ووالدته لم تلتفت إلى ما حدث له وخراب بيته بعد شهرين من الزواج.. هى لم تع ذلك وكل همها أنها نفذت رأيها, وعاد ابنها إليها، ومادام قد خضع هذا الخضوع الغريب لإرادة والدته فلن ينعم يوما بالراحة ولن يستطيع أن يواصل حياته كأى شاب يعرف كيف يحسم أموره ويفرق بين طاعة الوالدين وبين الانقياد الأعمى لما يمليانه عليه خاصة والدته. وأما الشق الثانى فيدور حول تمرد البنت على نصائح أبويها خصوصا فيما يتعلق بمسألة الزواج فلا يوجد أب وأم لا يريدان لابنتهما الراحة والأمان والطمأنينة مع زوج يحتويها ويبنيان معا عشا هادئا، لكن فى مثل هذه الظروف لابد أن تعمل البنت ألف حساب لتصرفات الابن الوحيد لأمه. ولابد من وضع النقاط فوق الحروف وعدم إتمام الزواج إلا بعد ملاحظة علاقة الأم بابنها فترة طويلة..هنا فقط يمكن النظر فى مسألة تزويج ابن أمه من عدمه ولابد أن تكون العلاقة بين الطرفين واضحة لا لبس فيها، وعلى الزوج أن يهتم بزوجته ولا يفشيان أسرارهما لأحد، وبالتالى يمكن أن تسير الحياة بصورة طبيعية إلى بر الأمان.