أنا سيدة في العشرينيات من عمري أحمل لقب مطلقة بعد شهرين فقط من الزواج, أما عن السببب فيما وصلت إليه فدعني أروي لك حكايتي منذ البداية. حيث تخرجت في كلية الإعلام وكان يحدوني طموح كبير في أن يصبح لي شأن كبير ذات يوم مثل كل زملائي الذين يتخرجون في كليتي, ووسط غمرة الفرحة التي عمت الأسرة احتفالا بتخرجي تعرفت علي شاب عن طريق والدته التي شاهدتني في ذلك اليوم عند أحد أقربائنا, حيث أثنت علي وقالت لي إنها اختارتني زوجة لابنها, وبالفعل التقيت به في حضور أسرتنا وتبادلنا الزيارات معهم, وأعلنا الخطبة. ويوما بعد يوم لاحظت أن زوجي ليس سيد قراره, وإنما والدته هي الآمر الناهي في كل ما يخصه, حيث يمتثل لكل ما تطلبه, وقد حللت هذه العلاقة بأنها قائمة علي الاحترام ولا شيء في ذلك, فمن الطبيعي أن يستشير الابن أمه فيما يخصه, لكني أعترف بأنني أخطأت التفسير لقلة خبرتي؟؟ وتماديت في موقفي المساند له ولم ألق بالا لتحذير أبي لي بعد لقائه به عدة مرات, فلقد قال لي إنه ابن أمه, بل إنني قلت له إنه مثلما يحترم والدته فسوف يحترمني ويأخذ رأيي في كل شيء, فصمت برهة ثم قال: لك الاختيار. وعرضت والدة خطيبي علي أن نقيم معها أو في شقة مجاورة لها, فرفضت وأصررت علي أن يكون لنا سكننا الخاص بعيدا عن أسرتينا, فلم تمانع, بل إنها دعمتني ولم تناقشني في الشقة التي اخترتها, حيث شاهدتها وقالت لي إنها سوف تختار هي الأثاث المناسب, فلم أهتم بذلك, وتصورت أن الأمر بسيط خاصة أن خطيبي برر لي موقف والدته بأن ذوقها رفيع, وأنها تفهم في الأثاث, وهكذا اكتملت الاستعدادات للزواج وتم الزفاف سريعا. وما هي إلا أيام حتي بدأت الصورة الضبابية تتضح شيئا فشيئا, فحماتي هي التي تقود كل صغيرة وكبيرة في حياة زوجي, ولا رأي له علي الإطلاق, بل إنه لا يتحرك خطوة واحدة قبل أن تعطيه الأمر بأن يخطوها, وفي نهاية اليوم لابد أن يقدم لها تقريرا وافيا عما فعله, وما ينوي القيام به في اليوم التالي. وحتي في الفسح لا نخرج إلا بصحبتها أو الذهاب إلي المكان الذي تمليه علينا, ونبلغها بمواعيد ذهابنا وانصرافنا! وحاولت أن أعالج زوجي من الالتصاق المرضي بوالدته, فإذا به يخبر والدته بكل ما قلته له, فثارت في وجهي وهددتني بأنها سوف تطلقني منه, وأنني لن أستطيع أن أستأثر به وحدي علي حد تعبيرها! ولم أجد أمامي سوي بيت أسرتي, فذهبت إلي والدتي ورويت لها ما حدث, فأخذت تبكي علي حالي, ونصحتني بالصبر والتريث, فعملت بما طلبته مني, وتحملت كل ما بدر من والدته, لكن كانت النتيجة أسوأ مما توقعت, فلقد أخبرني زوجي بأنه سوف يسافر في مأمورية عمل لمدة25 يوما بمحافظة نائية, وبأن أمامي خيارين لا ثالث لهما, إما أن أقيم مع حماتي, أو تنتقل هي للإقامة معي, فرفضت كلا الاختيارين, وأقنعته بهدوء بأن الأفضل لاستمرار حالة الوفاق المؤقت مع والدته أن أقيم بمفردي أو أذهب إلي أسرتي للإقامة مع والدتي, فأشار علي بالحل الثاني, فذهبت إلي منزلنا. وقبل أن أطرق الباب جاءني هاتف من حماتي وإذا بها تقول لي: إذا بت ليلتك عندك فلن تعودي إلي زوجك مرة أخري وأغلقت الهاتف في وجهي, فتضايقت وعشت ليلة سوداء, وحاولت والدتي تهدئتي, ولم تمر ساعة واحدة حتي اتصل بي زوجي وبكل استهتار قال لي: أنت طالق, فأصابتني حالة هستيريا وانهرت تماما, ونقلوني إلي المستشفي وقال الأطباء إنني أصبت بحالة عصبية حادة. وحاول زوجي ووالدتي إعادة المياه إلي مجاريها بعد أن علموا بما حدث لي, لكني رفضت بشدة ومضيت في إجراءات الطلاق, ولم أتوقف كثيرا عند حقوقي فتنازلت عنها. والآن أنا مطلقة أجر أذيال الخيبة علي زيجة فاشلة بسبب ابن أمه, ولعل قصتي تكون درسا لكل البنات بألا يتزوجن مثلي أبناء أمهاتهم؟! * هناك شقان تثيرهما رسالتك ياسيدتي وينبغي التوقف أمامهما طويلا وتأمل الدروس المستفادة منهما: أما الشق الأول فيتعلق بالتدليل الزائد عن الحد للأبناء خصوصا اذا كان الابن وحيدا حيث تسيطر الام عليه وتتخذ القرارات المصيرية في حياته نيابة عنه لدرجة انها تقتله بحبها الزائد.. وهذا ما حدث بالفعل مع مطلقك الذي لم يشعر يوما انه صاحب قرار ووالدته لم تلتفت إلي ما حدث له وخراب بيته بعد شهرين من الزواج.. هي لم تع ذلك وكل همها انها نفذت رأيها, وعاد أبنها اليها.. ومادام قد خضع هذا الخضوع الغريب لإرادة والدته فلن ينعم يوما بالراحة ولن يستطيع ان يواصل حياته كأي شاب يعرف كيف يحسم أموره ويفرق بين طاعة الوالدين وبين الانقياد الأعمي لما يمليانه عليه خاصة والدته. واما الشق الثاني فيدور حول تمرد البنت علي نصائح ابويها خصوصا فيما يتعلق بمسألة الزواج فلا يوجد أب وأم لا يريدان لإبنتهما الراحة والأمان والطمأنينة مع زوج يحتويها ويبنيان معا عشا هادئا.. لكن في مثل هذه الظروف لابد ان تعمل البنت ألف حساب لتصرفات الابن الوحيد لأمه.. ولابد من وضع النقاط فوق الحروف وعدم اتمام الزواج إلا بعد ملاحظة علاقة الأم بابنها فترة طويلة. هنا فقط يمكن النظر في مسألة تزويج أين أمه من عدمه ولابد ان تكون العلاقة بين الطرفين واضحة لا لبس فيها وعلي الزوج ان يهتم بزوجته ولايفشيان أسرارهما لأحد.. وبالتالي يمكن ان تسير الحياة بصورة طبيعية إلي بر الأمان.