فى تقرير صادم أصدرته وزارة الصحة الإسرائيلية أخيرا عن مستوى الخدمة المقدمة للمرضى فى المستشفيات العامة تم الكشف عن أزمة كبيرة تعيشها تلك المستشفيات وهو أن 9% ممن يتلقون العلاج فيها يقيمون فى أروقة وردهات المستشفيات لعدم وجود غرف يقيمون فيه، واعتمد تقرير الوزارة على فحص حالة 11 ألف مريض يتلقون العلاج فى 26 مستشفي، حيث تبين أن إقامة المرضى فى الردهات منتشرة أكثر فى المستشفيات الكبرى بنسبة 11.8% وفى المستشفيات المتوسطة بنسبة 9.4% أما المراكز العلاجية الصغيرة فتصل النسبة فيها إلى 6.3%. والأمر لا يقتصر على أزمة الأسرة فقط، فقد أقرت ثلاثة مستشفيات إسرائيلية من أصل أربعة قدمت ضدها دعوى بالمحكمة أنها تنتهج سياسة الفصل بين الأمهات العربيات واليهوديات فى أقسام الولادة، وزعمت أنها تقوم باعتماد نهج الفصل وفقا لطلب من الامهات. وبحسب صحيفة «هآارتس» فإن ثلاثة من المستشفيات الأربعة التى اعتمدت سياسة فصل الأمهات اليهوديات والعربيات، وهى مستشفى «هداسا»، «وهر هتسوفيم» ومستشفى «هعيميق» و«سوروكا» اعترفت خلال مداولات المحكمة بأنها تفصل الأمهات اليهوديات والعربيات وفقا لطلبهن، بينما ينكر مستشفى «الجليل الغربى» المدرج أيضا فى الدعوى، أن يكون الفصل جزءا من سياسة إدارة المستشفى. وردا على الدعوى القضائية أرسلت مستشفى سوروكا ومستشفى هعيميق إلى المحكمة ما يفيد بأن فصل الأمهات هو جزء من الحياة فى الواقع الإسرائيلى وأن عدم احترام رغبات الأمهات سيخلق شراكة قسرية فى الحالات التى لا يهتم فيها الطرفان بالتواجد فى نفس المكان، إذ إن قسم الولادة لا يمكنه خلق «بوتقة انصهار مصطنعة». وردا على الدعوى الجماعية كتب أيضا مستشفى «هداسا» أنه فى ضوء الاختلافات بين المجموعات السكانية المختلفة تطلب أحيانا أمهات من نفس المجموعة المكوث فى نفس الغرفة مع أمهات من نفس المجموعة السكانية، وفى حالات محددة يوافق الطاقم الطبى على الطلب. وأوضح المستشفى فى رده بأن الظاهرة تنتشر بصورة أكبر بين النساء الحريديات المتشددات دينيا لأسباب تتعلق بالخصوصية و«قدسية يوم السبت» وقال المستشفى أن أمهات من المجتمع العربى يطلبن ذلك أيضا، وهذا أمر مفهوم بالنظر إلى الاختلافات فى اللغة وحذرت صحيفة «هآارتس» من أن سياسة الفصل العنصرى بين اليهوديات والعربيات فى المستشفيات الإسرائيلية تتكرس وتأخذ مناحى واسعة وذلك بطريقة تكاد تكون ممنهجة من قبل أقسام الولادة. وكانت إدارات عدة مستشفيات إسرائيلية قد نفت من قبل اتباع أقسام الولادة لسياسة الفصل هذه، إلا أن عاملات وممرضات فى أقسام الولادة المختلفة، كشفن بشكل قاطع عن وجود مثل هذه السياسة العنصرية إذ أكدت ممرضات أقسام الولادة على اتباع الفصل بين الجانبين . ويأتى هذا الاعتراف عقب دعوى جماعية قدمتها4 نساء عربيات بإسم عشرات الآلاف من الأمهات العربيات اللواتى تعرضن لنفس المعاملة ونهج الفصل فى أقسام الولادة فى المستشفيات المذكورة، وطالبن من خلال الدعوى بتعويضات مالية بقيمة 20 ألف شيكل لكل امرأة عربية كانت ضحية للفصل، و يمكن أن تصل قيمة التعويضات إلى مئات الملايين من الشيكلات. كما طالبن بإلغاء سياسة الفصل فى أقسام الولادة بالمستشفيات . ورصدت الصحيفة عدة حالات لنساء عربيات تعرضن للفصل فى أقسام الولادة بالمستشفيات بناء على طلب نساء يهوديات، وقد أرفقت مع الدعوى شهادات خطية ومحادثات مسجلة مع موظفى مستشفى هداسا وطبقا لما نشرته الصحيفة فإن شهادات العاملين فى أربعة مستشفيات فى جميع أنحاء إسرائيل وتسجيل الأحاديث والإفادات، تبين أنهم فى مستشفى «هداسا» يفصلون النساء العربيات عن اليهوديات بمبادرة خاصة من الطاقم الطبى . وفى محادثة مسجلة قالت ممرضة فى مستشفى هعيمق نحن نحاول عمل غرف منفصلة لأن الثقافة مختلفة حقا. وزعمت إدارة مستشفى «هداسا» أن الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وأدعت أنه لم تكن هناك شكاوى من الأمهات العربيات حول هذا الموضوع، وليس هناك سبب للتدخل فى اعتبارات الأطباء المهنية بالإضافة إلى ذلك، وفى محاولة من إدارة المستشفى التهرب من مسئوليتها حيال سياسة الفصل فى قسم الولادة، أشار المستشفى إلى ارتفاع عدد المرضى الفلسطينيين ممن يتلقون العلاج فى المستشفى إلى 4741 فلسطينيا وأن المستشفى به موظفون عرب فى جميع المناصب. واستعرضت عريضة الدعوى تجربة رنا (إسم مستعار)، وهى إخصائية اجتماعية من القدس أنجبت أطفالها الثلاثة فى هداسا، وقالت رنا إنه فى عام 2017 عندما كانت على وشك أن تلد ابنها الثالث، وضعت فى غرفة مع نساء عربيات فقط. وأضافت فى الشهادة التى قدمتها للمحكمة: كل امرأة عربية خرجت من غرفتها حلت محلها امرأة عربية أخرى قائلة: لقد شعرت بالإهانة . وتظهر تسجيلات إضافية مرفقة بعريضة الدعوى المرفوعة من قبل مكتب المحامى جيل رون كينان بالتعاون مع العيادة القانونية للدعاوى الجماعية فى جامعة تل أبيب، أن المستشفيات لا تحاول فقط الاستجابة للأمهات، بل أن فصل النساء اليهوديات والعربيات يتم بمبادرة خاصة من إدارة المستشفيات المذكورة، وقال ممثل مستشفى «هعيميق»: عادة نرتب ذلك تلقائيا ونحاول أن نخصص غرفا منفصلة لأن الثقافة وساعات الزيارة مختلفة.