احتفلت مصر فى 25 أبريل الماضى بذكرى تحرير سيناء، هذه البقعة الغالية من الأرض المصرية التى ارتوت بدماء وتضحيات رجالنا من أبناء القوات المسلحة خلال حرب التحرير فى اكتوبر 1973 وخلال حرب التطهير من دنس الإرهاب القذر بالتعاون مع رجال الشرطة خلال السنوات الأخيرة ولكن الاحتفال هذه المرة يختلف عن كل سنة حيث تشهد سيناء الآن معركة تنمية، والتى تأخذ الاهتمام الأكبر من الدولة، لتوفير حياة كريمة لأهالى سيناء الشرفاء الذين تحملوا الكثير، وذلك إيمانا من أن الإرهاب لن يتم القضاء عليه بالسلاح فقط، ولكن بالتنمية والتعمير جنبا الى جنب مع أعمال التطهير. فى 6 أكتوبر عام 1973، حققت مصر انتصارا كبيرا على العدو الإسرائيلى ونجحت فى العبور إلى سيناء بعد تحطيم خط بارليف، والآن، وبعد مرور نحو 46 عاما، حققت الدولة المصرية انتصارا آخر وعبورا جديدا إلى شبه جزيرة سيناء، هو عبور تنموى فى معركة التعمير التى تخوضها الدولة لتنمية وتعمير أرض الفيروز. العبور الجديد، الذى دشنته الدولة المصرية الآن إلى سيناء، يتمثل فى تنفيذها لأنفاق الإسماعيلية، التى تعد بمنزلة شريان الحياة إلى سيناء، فمن خلال 5820 مترا أطوال أنفاق الإسماعيلية، بها اقتربت سيناء من قلب الوطن، وأصبح الانتقال إليها من الإسماعيلية لا يحتاج سوى دقائق معدودة. منذ عام 2011 وحتى الآن، ولاتزال سيناء صامدة ضد كل ما يُحاك ضدها، من تآمر وتخطيط وافتعال للمشكلات والأزمات، وأخيرًا وليس آخرًا، محاولة فصلها عن وطنها الأم مصر، وذلك عن طريق زرع عناصر تكفيرية وإرهابية داخل أرض الفيروز، ومحاولة إظهار للعالم أن مصر غير قادرة على حماية سيناء أو تنميتها، لكن كان للدولة المصرية وشعبها الأبى رأى آخر. القوات المسلحة تدرك حجم التحديات والتهديدات المحيطة ليس فقط بالأمن القومى المصرى، بل بوجود مصر وكيانها، تعرف أن أعداءها يتكالبون عليها من كل حدب وصوب، والهدف هو إسقاط هذا الكيان الهائل والكتلة البشرية الصلبة وإخضاعها لنظرية التفتيت والتقسيم التى تجتاح عالمنا العربى ومحوره الرئيسى وعموده الفقرى هى مصر وان كانت هذه الخطط حظيت بالنجاح فى تدمير الدولة وإفشالها فى سوريا واليمن وبعد ان حققت كامل الأهداف فى العراق وتمر تونس بمخاض صعب وتواجه ليبيا مخططات إرهابية هائلة مدعومة بقوى مالية اقليمية وكان لزاما على الدولة المصرية أن تتخذ العديد من الإجراءات سواء كانت سياسية أو أمنية أو عسكرية أو اقتصادية، من أجل الحفاظ على وحدة الأراضى المصرية وتماسك النسيج الوطنى للشعب، لمواجهة تلك التحديات. ومع انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2014 وضع تنمية سيناء على رأس أولوياته، نظرًا لأهميتها الإستراتيجية، وعرفانًا من الدولة المصرية لأهالى سيناء وتضحياتهم المستمرة عبر التاريخ، ولأن عامل الوقت مهم، كلف الرئيس السيسى الحكومة بقطاعاتها المختلفة والقوات المسلحة اشرافا بضرورة سرعة تعمير سيناء، وقد خصصت الدولة 275 مليار جنيه استثمارا لتنمية سيناء تنتهى عام 2022 وبعد نحو 5 سنوات من وعد الرئيس السيسى، كان العمل يسير خلالها ليل نهار، افتتح الرئيس عددا من المشروعات التنموية، على رأسها أربعة أنفاق ضخمة تربط شرق قناة السويس بغربها، لتفتح أبواب التنمية الحقيقية لسيناء العزيزة على مصراعيها وهذه الأنفاق ستفتح آفاقا جديدة للتنمية ونقل الاستثمارات وتنفيذ مشروعات كبرى فى سيناء، كانت العقبة الرئيسية أمامها هى صعوبة الانتقال إلى سيناء، فى ظل وجود نفق وحيد أسفل قناة السويس، وهو نفق الشهيد أحمد حمدى، رغم أن مساحة سيناء تبلغ نحو 6% من إجمالى مساحة مصر إلا أن لسيناء إمكانات اقتصادية هائلة، خصوصا فى قطاع السياحة والتعدين والمحاجر والزراعة وغيرها، وهو ما ستسهله الأنفاق الجديدة. الإنجاز البشرى المصرى الذى يبلغ حد المعجزة فى حفر وتجهيز الأنفاق هو الرد العملى لأكاذيب وشائعات أهل الشر والقضاء على أكذوبة صفقة القرن التى روجها كارهو الوطن. زعموا أن الصفقة تتضمن تنازل مصر عن جزء من أراضى سيناء لصالح إقامة دولة فلسطينية من أجل تصفية القضية وكانت التسريبات حول الصفقة واللجان الإلكترونية المشبوهة والأبواق الإعلامية الموجهة حقدا وكراهية لمصر لم تتوقف لحظة عن الزعم بوجود هذه الصفقة السرية رغم تأكيد المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جيسون جرينبلات، بأن خطة الرئيس ترامب للسلام فى الشرق الأوسط لن تشمل منح أرض من شبه جزيرة سيناء المصرية للفلسطينيين. ووصف جرينبلات ما يتردد بأنه كذب. بحساب المنطق والعقل. تقوم الدولة بأضخم عملية تنمية فى سيناء وبتكلفة استثمارية تقدر بنحو 800 مليار جنيه لأكثر من 990 مشروعا فى جميع المجالات وتبنى مدنا على الضفة الشرقية للقناة وفى عمق سيناء وعلى الحدود الدولية مع فلسطينالمحتلة هل يعقل أن دولة تبنى مدنا هى الإسماعيلية الجديدة ورفح الجديدة ومدينة سلام بشرق بورسعيد وبئر العبد الجديدة، علاوة على بناء البيوت البدوية لاستيعاب 1.1 مليون نسمة، وعلى آلاف الأفدنة ومدينة الإسماعيلية الجديدة على مساحة 2828 فدانا بإجمالى 52642 وحدة، لاستيعاب 250 ألف نسمة، ومدينة رفح الجديدة، لتضم 10016 وحدة سكنية و 400 بيت بدوى ومنشآت خدمية، فضلا عن تطوير العشوائيات فى محافظاتسيناء والقناة . الدولة تمد طرقا وكبارى وأنفاقا لإنهاء عزلة سيناء تماما والى الأبد وتنميتها كمشروع قومى متكامل لتنمية أرض الفيروز ضمن المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية بمصر حتى عام 2052، وتسعى الى جذب الاستثمار الصناعى وتشجع الاستفادة من الثروات الطبيعية فضلاً عن تعظيم الاستفادة من مقومات السياحة المتمثلة فى البيئة المحيطة بهذه البقعة الغالية... سيناء بموقعها الجغرافى والاستراتيجى، تمثل المفتاح لموقع مصر العبقرى فى قلب العالم هى محور الاتصال بين الشرق والغرب بين الشرق الغنى بالمواد الخام والبترول والغرب المحتاج للطاقة لمصانعه وللتدفئة ولتعود المنتجات للأسواق المستهلكة شرقا الكثيفة السكان من خلال قناة السويس مصر قلب العالم النابض. لمزيد من مقالات اللواء محمدالغباشى