الدراسات الاستقصائية الغربية، التى تجرى عن المرأة المصرية ترسم صورة مفتعلة، فتصوِّرها بلاروح، مهزومة وخاضعة لإرادة الآخرين. تشككت دائمًا فى استطلاعات، على سبيل المثال، طومسون رويترز أو جالوب بول حول مصر، لأن الأسئلة المطروحة وأساليب التحقيق والنتائج تثبت عدم مصداقيتها. حان الوقت لنحاسب القائمين بهذه الاستطلاعات ونكشف عدم دقة النتائج التى يسردونها. فى استطلاع أجرته طومسون رويترز عام 2013، اعتبرت أن المرأة المصرية وضعها الأسوأ بين جميع نساء الدول العربية، مع العلم بأنه فى 2013 المرأة فى العراق وسوريا والسودان واليمن وليبيا كانت تعانى ويلات الحروب.وفى استطلاع 2015 استنتج استفتاء جالوب بول أن المصريين غير سعداء إطلاقا، فكان ترتيب مصر ال123 من 143 دولة شملها الاستطلاع. المضحك أن الأسئلة التى سئلت للمارة تضمنت: هل شعرت بالراحة أمس؟ هل ابتسمت أمس؟ هل ضحكت كثيرا أمس؟. من المؤكد أن من سألوا هذه الأسئلة العجيبة استمروا فى طريقهم متجاهلين منفذى الاستطلاع تماما. فى عام 2017 صنفت طومسون رويترز القاهرة كأخطر المدن بالنسبة للنساء من قائمة 19 مدينة كبرى. نساء القاهرة قد يعتبرن هذا الاستنتاج غريبا، حيث يجدن القاهرة آمنة. ومع ذلك قد زارتنى صديقة مكسيكية ذات مرة، وفى حركة لا إرادية، ولأن هذا ما تفعله فى مدن أخرى، قامت بإغلاق نافذة التاكسى بسرعة تحسبا لأعمال عنف من المارة. أخبرتها آنذاك بأن المارة فى القاهرة لايؤذون. وأخيرا فى استطلاع طومسون رويترز لعام 2018، احتلت مصر المرتبة العاشرة فى العالم فيما يتعلق بالعنف الجنسى. إن مثل هذه النتائج غريبة وغير قابلة للتفسير. لن نتعمق أكثر فى هذه الدراسات الاستقصائية, لكن دعونا نقيِّم بأنفسنا ما اكتسبته المرأة المصرية فى الآونة الأخيرة. أولاً: فلنحيى المرأة التى وقفت صلبة فى 25 يناير 2011 ولاحقًا فى 30 يونيو 2013، مطالبة بالتغيير جنبًا إلى جنب مع نظرائها الرجال. كما مارست المرأة المصرية حقوقها فى جميع الانتخابات التى تلت بما فيها استفتاء عام 2019 على الرغم من تحديات المسئوليات والجهد والشيخوخة والإعاقات الجسدية المختلفة. هؤلاء النساء أخبرن العالم بأنهن أسوة بالرجال فى كل شيء. أرى تحولاً جوهريا لنساء مصر حتى البسيطات منهن. فاطمة، دعنا نسميها هكذا، تعيش فى مكان ما فى ريف مصر. عانت من الختان فى صباها لكنها أيقنت عن طريق حملات التوعية التليفزيونية وخدمات المنظمات الأهلية, التى تدعو إلى القضاء على الختان, خطورة هذا العرف، واليوم تحمى بناتها من المرور بنفس المهانة. أنا أعرف من رفضن بإصرار السماح لبناتهن المرور فى محنة الختان. نشأت فاطمة دون كهرباء وبنظام صرف صحى بدائى. اليوم لديها الصرف الصحى والكهرباء والمياه النظيفة أيضًا. كانت فاطمة أميّة لكنها تذهب الآن إلى فصول تعليم الكبار وتقرأ وتكتب، مما يمكنها الوصول إلى معلومات مهمة حول تربية الأطفال، وتنظيم النسل، والرعاية الصحية لأطفالها. استخدمت فاطمة مبادرة الإدماج المالى الجديدة ودعم المنظمات الأهلية للحصول على قرض استثمرته فى شراء بقرة، حيث تبيع منتجاتها لتحسِّن من قدراتها وتزيد من احترامها لذاتها. لقد دفعت القرض بأكمله والقرض القادم سوف يذهب نحو ماكينة خياطة.وفقًا لجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر, تسيطر النساء الريفيات على 51 فى المائة من إجمالى المشاريع الممولة من الجهاز، وأن النساء أصبحن محرِّكًا رئيسيًا للمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم فى البلاد. بالإضافة لذلك قد تكون فاطمة قد شُفيت من فيروس C مثلها مثل مليونى فرد فى المجتمع المصرى، عندما وفرت الحكومة المصرية العلاج لجميع المواطنين، أو من خلال مبادرة 100 مليون صحة، قد تكون فاطمة أدركت أنها تعانى بالفعل فيروس C وتم وضعها فورا على العلاج المناسب مجانًا. على الجانب الآخر من المعادلة لنلتقى بالنساء المصريات اللاتى تغلبن على جميع الحواجز فى جميع المجالات، فقد انتزعت المصرية حقها مع تغيير المعايير المجتمعية. الآن تلعب المرأة المشرِّعة دورًا محوريًا فى مستقبل مصر: ثمانى وزيرات و89 برلمانية ومحافظتان وستشكل البرلمانيات 25 فى المائة من البرلمان بعد تنفيذ استفتاء 2019. رغم أن المصريات لم يصبحن قضاة بعد، فقد أصبحن طيارات محترفات ومهنيات وسيدات أعمال وضابطات فى الشرطة، وقد كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة التمويل الدولية (IFC) عن أن الشركات المصرية التى تضم مجالس إداراتها نساء قد تفوقت على تلك التى تتضمن رجالا فقط. كما تعد السباحات المصريات ولاعبات التايكوندو ورفع الأثقال والاسكواش من أفضل الرياضيات فى العالم. وقد ذاع سيط النساء المصريات حول العالم كصانعات مجوهرات واقتصاديات ومغنيات أوبرا ومنتِجات حقائب نسائية تباع بآلاف الدولارات. ومع ذلك، لا يرغب منفذو الاستطلاعات رؤية قفزات المرأة المصرية. أقترح عليهم إلقاء نظرة فاحصة أفضل، فالمرأة المصرية قادرة على فعل العجائب. لمزيد من مقالات د. عزة رضوان صدقى