لم يعد يخفي علي أحد في العالم العربي أن أحداث11 سبتمبر عام2001 هي التي وفرت للإدارات الأمريكية المتعاقبة المزيد من الذرائع والمبررات لتحقيق حلمها في انفراد واشنطن الكامل بشئون الشرق الأوسط لضمان تثبيت نفوذها السياسي والاقتصادي. والحقيقة أن السنوات الإحدي عشرة الماضية شهدت جنوحا أمريكيا يتجاوز أهداف واشنطن في استمرار السيطرة علي منابع النفط وتعميق الالتزام بحماية إسرائيل لكي يصبح الهدف- غير المعلن- هو وضع المنطقة تحت حالة من عدم الاستقرار من خلال زرع الشكوك بين الأنظمة العربية وبعضها البعض من ناحية وتعميق التناقضات بين الطوائف والمذاهب والأعراق داخل كل قطر عربي من ناحية أخري! وهكذا خسرت أمريكا في المنطقة بأكثر مما تتصور أنها كسبت مرحليا لأنه بعد أن كانت أمريكا بالنسبة للشعوب العربية هي الحلم والرجاء وهي النموذج والقدوة فإن فظاظة و غشامة السياسة الأمريكية بعد أحداث11 سبتمبر أدت إلي إفاقة العرب علي مجموعة حقائق جديدة ومريرة تحولت بالحلم الأمريكي إلي كابوس مزعج. ولست أبتعد كثيرا عن سياق هذا الحديث عندما أقول: إن فاتورة أحداث11 سبتمبر كانت باهظة جدا بالنسبة للعالم العربي ولكنها في ذات الوقت ترتب ديونا مؤجلة علي أمريكا لم يحن بعد موعد سدادها.وما لم تسارع واشنطن بتصحيح سياستها الجانحة منذ أحداث11 سبتمبر والتي تعكس جهلا مريعا بأوضاع المنطقة والميراث الحضاري والثقافي لشعوبها فإنها لن تكرس العزلة النفسية ضدها فقط وإنما ستفقدها الكثير من أهدافها الاستراتيجية, خصوصا حلم الدولة الأعظم نتيجة عدم تجنبها أخطاء وخطايا الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة التي صنعت نهايتها بحجم ما أسهم في صنع عزلتها. خير الكلام: الأزمة لا يصنعها الضحايا وإنما هي دائما من تدبير الجناة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله