من كان ينتظر ضيفًا كريمًا أو عزيزًا أعد العدة لاستقباله، وهيأ نفسه وأهله لحضور ذلك الضيف، والضيف الذي نستعد جميعًا لاستقباله هو ضيف جد كريم، هو شهر رمضان المبارك، حيث يمن الله (عز وجل) علي عباده فيه بالعطاء العميم، يقول نبينا (صلي الله عليه وسلم) «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه)، ويقول (صلي الله عليه وسلم): «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه)، ويقول (صلي الله عليه وسلم): «مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه (متفق عليه)، من فطر فيه صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا، ومن أدي فيه نافلة كان كمن أدي فريضة فيما سواه، ومن أدي فيه فريضة كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه، ولله في كل ليلة منه عتقاء من النار، وهو شهر القرآن، والصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، حيث يقول نبينا (صلي الله عليه وسلم): «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان» (أحمد في مسنده). علي أن الضيف الكريم لا يحب البخل ولا البخلاء، فأخص صفات شهر رمضان أنه شهر الجود والكرم والسخاء والتكافل، فقد كان نبينا (صلي الله عليه وسلم) أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان وقد حثنا رب العزة (عز وجل) علي أن يكرم بعضنا بعضًا حتي نكون أهلا لكرمه ومزيد فضله، يقول سبحانه: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»، ويقول سبحانه: «لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَي الْمَالَ عَلَي حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَي وَالْيَتَامَي وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ»، ويقول سبحانه: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا *فوقاهم اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا»، ويقول نبينا (صلي الله عليه وسلم): «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًاا. وإذا كان نبينا (صلي الله عليه وسلم) قد حثنا علي إطعام الطعام في كل حال فقال (صلي الله عليه وسلم): بأَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ» (رواه الترمذي)، فإن إطعام الطعام في هذا الشهر ألزم وأعلي أجرًا، فمن فطر صائمًا غنيًا أو فقيرًا قريبًا أو صديقًا أو غير قريب ولا صديق فله مثل أجره، وهذه دعوتنا لأهل الفضل «يا باغي الخير أقبل»، حتي لا يكون بيننا في رمضان جائع ولا مسكين ولا محتاج إلا قضينا متكاتفين حوائجهم وأغنيناهم عن ذل السؤال في هذا الشهر الكريم. لمزيد من مقالات د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
