* الشنوانى: أتوقع أن يطالب السيسى بمراجعة موقف واشنطن تجاه الجولان * زهران: موقف مصر ثابت تجاه مختلف قضايا المنطقة * شلبى: ترامب حريص على استمرار التواصل مع القاهرة
أجمع خبراء ومفكرون ودبلوماسيون على أن الطبيعة الإستراتيجية للعلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة سيكون لها تأثير ملحوظ على النتائج المرجوة أو المتوقعة للقمة المصرية الأمريكية التى ستعقد بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى ودونالد ترامب فى واشنطن. ويقول السفير منير زهران، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن زيارة الرئيس لواشنطن تأتى فى وقت مهم جدا، نظرا لأن مصر تعد الدولة العربية فى منطقة الشرق الأوسط القادرة على التوسط فى الصراع الذى يحدث فى فلسطين والجولان، بحكم أن الموقف المصري ثابت فى مثل تلك القضايا، إذ تطالب مصر بضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى التى احتلتها عام 1967، وكذلك إنشاء دولة فلسطينية، ومنح الشعب الفلسطينى حق تقرير مصيره، وكذلك تحرير الجولان السورية. ويضيف زهران أن العلاقات الثنائية ببن البلدين متعددة ومتشابكة فى المجالات الاقتصادية والتجارية، وستحظى باهتمام كبير خلال القمة، إلى جانب تشجيع الاستثمار فى مصر، مع المحافظة على ثوابت وأولويات مصر فيما يتعلق بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وفى هذا السياق أيضا يقول زهران إن الرئيس السيسى يبحث كل ما يدعم الاقتصاد المصرى ويعمل على زيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر، باعتبار أن مصر دولة محورية كبرى فى منطقة الشرق الأوسط، وتتمتع حاليا ببنية تحتية قوية، وبارتفاع ملحوظ فى مؤشراتها الاقتصادية. فِى الوقت نفسه، أكد السفير السيد أمين شلبى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية وسفير مصر السابق فى الولاياتالمتحدة أن زيارة الرئيس للعاصمة الأمريكية لأكثر من مرة تعد دليلا واضحا على حرص الرئيس الأمريكى على استمرارية التواصل مع الرئيس السيسي، وعلى ما آلت إليه العلاقات، فضلا عن لقاءات الرئيسين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا يوضح ما أصبحت عليه مصر الآن من مكانة مهمة ومحورية بين دول العالم. ويضيف شلبى أن «ترامب أعطى خلال حملته الانتخابية إشارات ودية تجاه مصر ورئيسها، واستمر هذا النهج بعد توليه الحكم، ونتذكر هنا عندما زار الرئيس واشنطن عام 2017 وقال ترامب وقتها إن مصر تتلقى دعماً غير مسبوق، ولكننا فى الوقت نفسه، يجب أن نتذكر أنه منذ عام، وبفعل بعض القوى السياسية داخل الكونجرس، تم تخفيض المساعدات العسكرية لمصر بقرابة 700 مليون دولار، ولَم يستطع ترامب أن يوقف أو يقاوم هذا التيار، مؤكدا أن مصر قادرة على تعويض هذه المساعدات، معتمدا أن مصر ورئيسها لديهما إرادة صلبة وعزيمة قوية تمكنها من التغلب على أى عقبة أو مشكلة، وهذا الحدث لم يعق استمرارية العلاقات بين البلدين». ويقول شلبى إن الرئيس السيسى ووزير الخارجية سامح شكرى دائما ما يؤكدان حرص مصر على استمرارية العلاقات والعمل على تقويتها والبقاء عليها، فالعلاقات بين البلدين هى علاقات إستراتيجية، وتؤكد ذلك زيارة العديد من الوفود الأمريكية من الكونجرس الأمريكى والشخصيات الأمريكية المهمة ومجموعات من كبار رجال الأعمال الأمريكيين لمصر، فضلا عن حرص الرئيس السيسى على مقابلة رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات والشركات الأمريكية الكبرى من أجل بحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والعمل على ضخ استثمارات أمريكية بالسوق المصرية، خاصة بعد ما حققته مصر من طفرة اقتصادية متطورة فى فترة قصيرة، وما هيأته مصر من إصلاحات اقتصادية وخلق بيئة استثمارية واعدة، وبالتأكيد، تأمل مصر فى زيادة الاستثمارات الأمريكية. ويضيف شلبى أن «هناك بعدا آخر، وهو البعد الأمنى والعسكري. ويختم شلبى حديثه قائلا: «هذه الزيارة ذات طابع خاص، لأنها تأتى بعد قرارين صادمين اتخذهما الرئيس ترامب، الأول اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، والثاني الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وقد أعلنت مصر من قبل رفضها هذين القرارين فى حينه، وهذا يدل على ثبات الموقف المصرى ورفض رئيسها أى احتلال إسرائيلى على أى أرض عربية، إلى جانب مناقشة الملف اليمنى وما يمكن تقديمه لإيجاد الحلول السلمية للأزمة». أما الدكتورة أميرة الشنوانى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية فتشير إلى أن العلاقات المصرية الأمريكية فى السابق تفاوتت بين الدفء والتوتر الشديد، وذلك على مدى عقود طويلة، فقد وصلت إلى قمة التوتر عندما قطعت مصر علاقتها الدبلوماسية مع واشنطن عام 1967، ثم شهدت تقاربا كبيرا فى عصر الرئيس الراحل أنور السادات، ثم عاد التوتر مرة أخرى فى عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن، كما شهدت توترا ملحوظا خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، على الرغم من أنه كان هناك تقارب فى فترة ولايته الأولي. وتشير الدكتورة أميرة الشنوانى إلى أنه مع تولى الرئيس ترامب الرئاسة، شهدت العلاقات الثنائية تحسنا كبيرا، خاصة بعد اعتراف ترامب بأخطاء الإدارات الأمريكية السابقة فى طرق التعامل مع قضايا المنطقة. وتتوقع أيضا أن يبحث الرئيسان خلال قمة واشنطن تعزيز الشراكة بينهما، وترى أيضا أن هذه الزيارة هى فرصة حقيقية لطرح الرؤى المصرية التى تهم المنطقة وتطوراتها، خاصة وأننا نتحدث عن دولة مهمة ومحورية مثل مصر، ودولةً كبيرة فى حجم الولاياتالمتحدة، وذلك من أجل العمل على تقريب وجهات النظر، فضلا عن البقاء على التعاون القوى بين الدولتين فى المجالات العسكرية، خاصة فى صيغةً 2*2 بين وزيرى دفاع وخارجية البلدين. وتضيف الدكتورة أميرة الشنوانى أن الرئيس السيسى سوف يؤكد للجانب الأمريكى خلال لقاء القمة الموقف المصرى بشأن رفض سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، باعتبارها أرضا سورية عربية تخضع لأحكام القانون الدولى وميثاق الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن، خاصة رقم 497 الصادر عام 1981 بإجماع الدول، بِمَا فيها الولاياتالمتحدة نفسها، وهو ما يعنى أن القرار الأمريكى الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان يعتبر قرارا لاغيا وباطلا وليس له أى أثر قانونى دولي. وتتوقع أن يطالب الرئيس السيسى نظيره الأمريكى خلال القمة بمراجعة موقفه، استنادا إلى أن الولاياتالمتحدة يجب أن تظل وسيطا نزيها فى مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، وسيؤكد تمسك مصر بهدف إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وتختتم حديثها قائلة: «مصر لا يمكن أبدا أن تجامل على حساب الثوابت المصرية والقضايا العربية حتى لو كان ذلك أمام أكبر دولة فى العالم، وكان ذلك واضحا فى عدم تردد الخارجية المصرية فى أن تقدم مشروع قرار إلى مجلس الأمن يوم 16 ديسمبر 2017 برفض أى قرارات تخص وضع القدس، رغم العلاقات الإستراتيجية القوية بين مصر والولاياتالمتحدة.