تشهد الفترة الحالية تساؤلات كثيرة حول نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة، وأهمها سؤال «أى من الرئيسين أفضل لمصر»؟، وهو السؤال الذى يتكرر دائما فى كل انتخابات أمريكية. وحول هذا السؤال، استطلع «الأهرام» آراء عدد من الخبراء والمحللين الدبلوماسيين، فيرى السفير منير زهران رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية من خلال خبرته ومحاكاته للشعب الأمريكى لسنوات طويلة أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى بكل من المرشحين هيلارى كلينتون ودونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة لنيويورك كان أمرا جيدا، ولكن الرئيس الأمريكى ليس شخصا واحدا، وليس المسئول الوحيد عن اتخاذ القرارات الخاصة بسياسة بلاده، فبالطبع، الرئيس الأمريكى له تأثيره، لكنه فى النهاية جزء من مؤسسة كبيرة ضخمة متعددة تتضمن الكونجرس والخارجية ورجال المخابرات ومراكز اللوبيهات الاقتصادية ووزارة الدفاع وغيرها من مراكز القوى المختلفة، ومثل هذه المؤسسات هى من ترسم سير الرئيس الأمريكى خلال فترة رئاسته، وعليه أن يكون ملتزما بها أمام هذه القوة، وعدم التزام الرئيس الأمريكى القادم لهم قد تكون له عواقب. وتقول الدكتورة أميرة الشنوانى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والعلاقات الخارجية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية إن كثيرا من المحللين السياسيين الأمريكيين يرون أن الشعب الأمريكى غير راض عن المرشحين الأمريكيين الإثنين للرئاسة، فهما لا يحصلان على تأييد غالبية الناخبين، فالشعب الأمريكى يرى أن ترامب على سبيل المثال لا يهتم بموضوع التغير المناخي، وأنه إذا أصبح رئيسا للولايات المتحدة، فإن أمريكا ستواجه كوارث مناخية، كما أن هيلارى كلينتون تاريخها يشير إلى أنها تميل للعنف والحروب، وأنها إذا فازت بالرئاسة، فإن عهدها سيشهد أشكالا من الحروب مع بعض الدول كروسيا والصين. وتضيف الدكتورة أميرة الشنوانى أنه بالنسبة للإجابة عن سؤال «من فيهما الأفضل لمصر وللقضايا العربية»، فإن كلا المرشحين اختلفا فى كل شى واتفقا فقط على أمر واحد، وهو أمن إسرائيل، والانحياز الكامل لها. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدة هى دولة مؤسسات ولديها استراتيجية طويلة المدى فى سياستها الخارجية، وكل رئيس أمريكى سواء كان من الحزب الجمهورى والديمقراطى يعمل على تنفيذها، فإن للرئيس الأمريكى - على عكس ما يعتقد البعض - دورا مهما وحاسما فى كثير من الأحيان فى مجال السياسة الخارجية، لأن الدستور جعل الرئيس الامريكى يحتل أعلى مكانة فى السلطة التنفيذية، كما أنه القائد الأعلى للقوات المسلحةً، هذا بالإضافة إلى وجود بعض النقاط الغامضة فى الدستور أعطت مرونة للرئيس بالنسبة لدوره فى السياسة الخارجية، وقد أدت هذه المرونة إلى وجود صراعات وأزمات بين الرئيس والكونجرس فى بعض القضايا مثل الحرب الكورية 1951 وحرب ڤيتنام 1957، حيث تم إعلان هذين الحربين من جانب الرئيس والكونجرس نتيجة لتوسع سلطات الرئيس الأمريكي، وأيضاً بسبب الخبرة التى اكتسبتها المؤسسة التنفيذية خاصة فى الأزمات، وذلك منذ تولى الرئيس جورج واشنطن. وتشير الشنوانى إلى أن أول مناظرة بين المرشحين كشفت خلافات حادة بينهما بشأن قضايا الشرق الأوسط، وخاصة ما يتعلق بمواجهة داعش والاتفاق النووى الإيرانى وغزو العراق والعلاقات مع السعودية، فمثلا، دعا ترامب إلى إعادة النظر فى تحالفات الولاياتالمتحدة مع دول العالم بما فيها دول الشرق الأوسط، وقال إنه يتعين على هذه الدول مثل السعودية واليابان أن تدفع ثمن حماية الولاياتالمتحدة العسكرية لها، بينما تؤمن كلينتون بضرورة التزام أمريكا بمعاهدة الدفاع المشترك مع حلفائها. وربما تكون هيلارى كلينتون - والكلام للدكتورة أميرة الشنوانى - أفضل الخيارين السيئين لمصر والعرب مقارنة بالمرشح الجمهورى ترامب الذى يعتبر نموذجا للعنصرية ولمعاداته للإسلام والمسلمين، كما أن كلينتون سياسية محترمة وتعرف جيدا المنطقة الإسلامية، على الرغم من أن ترامب قد يكون الأفضل فى التصدي للإرهاب بالمواجهة العسكرية الحاسمة التى تقضى عليه. ومن وجهة نظر أخرى، يرى السفير محمد شاكر عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن هيلارى كلينتون هى الأفضل من ترامب، وإن لم تكن الأفضل لمصر، حيث إن كلينتون لديها خبرة واسعة بأمور منطقة الشرق الأوسط من خلال عملها مع الرئيس الحالى باراك أوباما، فقد أصبحت مطلعة على قضايا المنطقة، وما يحدث فيها من مواقف وأمور مختلفة، أما دونالد ترامب فهو يفتقر للخبرة السياسية ولم يكن له أى نشاط سياسي، فهو جديد فى هذا المجال، ويعتمد فى قرارته وكلامه على المحيطين به.