عادت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، إلى صدارة السباق الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2016، بأداء لامع في مناظرة تلفزيونية أولى، انعطفت فيها الى اليسار في الشؤون الداخلية، والى اليمين في القضايا الخارجية، مؤيدة إنشاء منطقة حظر جوي فوق سورية، ومشكّكة في نوايا إيران على رغم تأييدها الاتفاق، ومحذّرة من خطر الانتشار النووي. كلينتون وبعد صيف حار سياسياً تراجعت فيه شعبيّتها الانتخابية على وقع استخدامها شبكة خاصة للبريد الإلكتروني حين كانت وزيرة للخارجية (2009 - 2012)، عادت من الباب العريض الى السباق لتثبت بأسلوبها الواثق بالنفس والقوي على المنبر، أنها الشخصية الأفضل للديموقراطيين لخوض معركة 2016 الرئاسية. وفيما برز أيضاً المرشح اليساري السيناتور بيرني ساندرز، إلا أن مواقفه المتقلّبة حول موضوع اقتناء الأسلحة وجنوحه الى أقصى اليسار ضد الرأسمالية، تصعّب حظوظه في الفوز. ورأى المراقبون أن هيلاري كانت الأقوى حضوراً في مناظرة «سي إن إن» فجر أمس وعنونت صحيفة «بوليتيكو»: «كلينتون تقضي عليهم»، فيما كتبت «نيويورك تايمز»: «كلينتون تقتنص الفرص لاستعادة الثقة». وعلقت «واشنطن بوست» بأن أداء كلينتون فيه رسالة لنائب الرئيس جوزف بايدن، لعدم دخول السباق كون حملتها «نابضة بالحياة». وفيما كان النقاش بأكثره حول القضايا الداخلية، إذ اتخذ المرشحون الديمقراطيون الخمسة مواقف ليبرالية حول مواضيع الهجرة والاقتصاد والبيئة، تحوّلت كلينتون الى يمين الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في مواضيع السياسة الخارجية. وقالت أن منطقة حظر الطيران في سورية قد تكون «وسيلة فعالة» لجلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، «الى الطاولة» لإجراء مفاوضات. وأضافت كلينتون، أنه على أميركا أن توضح لبوتين أن «من غير المقبول» أن تخلق روسيا الفوضى فى سورية. كما اعتبرت أن منع انتشار الأسلحة النووية يشكّل الخطر الأكثر إلحاحاً على الولاياتالمتحدة. ورداً على سؤال عن أكبر التهديدات التي يواجهها الأمن القومي الأمريكي، ذكرت كلينتون «انتشار الأسلحة النووية والمواد النووية التي يمكن أن تقع بأيدٍ سيئة». واضافت: «أعرف أن الإرهابيين يبحثون عنها باستمرار». وهذا سؤال يطرح تقليدياً على المرشحين للرئاسة في الولاياتالمتحدة. ورد المرشح الجمهوري ميت رومني، في 2012، بأن روسيا تشكل التحدي الأكبر للأمن القومي، وهذا ما انتقده الديمقراطيون، إذ أكد باراك أوباما أن الحرب الباردة انتهت. ورأى السيناتور بيرني ساندرز، خصم هيلاري كلينتون، أن التحدي الأكبر هو التغير المناخي. وقال أن «العلماء يقولون لنا أنه إذا لم نفعل شيئاً في مواجهة التغير المناخي، وإذا لم نغير منظومتنا للطاقة للتخلّي عن المصادر الأحفورية، فإن الأرض التي سنتركها لأولادنا وأحفادنا قد لا تكون قابلة للحياة». وبدا من المناظرة أن كلينتون نجحت في شكل موقت في طي صفحة رسائلها الإلكترونية، مشيرة الى أنها لم تفعل أي شيء غير قانوني، وساعدها في ذلك ساندرز الذي قاطع أحد الأسئلة بالقول: «لقد سئمنا من الحديث عن رسائل هيلاري.. هل لنا أن نتحدث عن القضايا التي تهم الناخب؟». وستعود القضية الى الواجهة في 22 الجاري وفي جلسة استماع الى كلينتون أمام الكونجرس حول اعتداء بنغازي في 2011، ورسائل كلينتون حينها. وتعطي استطلاعات الرأي تقدماً لكلينتون في السباق الديموقراطي، فيما يحل ساندرز في المرتبة الثانية، أما عند الجمهوريين فيتقدم رجل الأعمال دونالد ترامب، والطبيب بن كارسون، فيما تراجع حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش الى المرتبة الرابعة، والسيناتور ماركو روبيو في الثالثة مع سيدة الأعمال كارلي فيورينا. وتبدأ الانتخابات التمهيدية أول العام المقبل في ولاية أيوا.