سامي القمحاوي: شهدت العلاقات المصرية مع دول الخليج العربي نوعا من الفتور, منذ قيام ثورة25 يناير, اختلفت درجته من دولة إلي أخري, وبات من الضروري تغيير هذه الصورة, وإعادة العلاقات المصرية- الخليجية إلي سابق عهدها لمصلحة الجميع, فلا يمكن أن يختلف اثنان علي أن دائرة العلاقات العربية يجب أن تكون الدائرة الأكثر أهمية لدي وضع أي تخطيط لمستقبل سياسة مصر الخارجية. فتور العلاقات المصرية الخليجية خلال الفترة الماضية كان له أسباب عديدة, يأتي في مقدمتها الموقف المتحفظ لدول الخليج من ثورات الربيع العربي عموما, ومن الثورة المصرية بشكل خاص, حيث أثارت مخاوف دول الخليج من انتقال رياح الربيع العربي إليها, خصوصا مع وجود أعداد كبيرة من العمالة المصرية علي أراضيها. وقد حاول الرئيس محمد مرسي, بعد فوزه بانتخابات الرئاسة, في أكثر من مناسبة طمأنة دول الخليج بتأكيده أن مصر لا تصدر الثورة, وذلك في خطابه الأول بجامعة القاهرة, عقب حلفه اليمين الدستورية, ثم باختياره المملكة العربية السعودية, أكبر الدول الخليجية, لتكون محطته الأولي في رحلاته الخارجية, وإيصال هذه الرسالة بشكل مباشر للمسئولين السعوديين. ورغم كل شيء تظل العلاقات المصرية الخليجية علي درجة كبيرة من الأهمية, ليس لمصر وحدها لكن لدول الخليج أيضا, لأنها علاقات حتمية وأبدية مهما تغيرت النظم الحاكمة, وهناك أسباب كثيرة تجعل من العلاقات المصرية الخليجية كيانا ثابتا وراسخا لا يتأثر بالمناخ السياسي, منها أن قناة السويس تعد شريانا حيويا للدول الخليجية, نتيجة مرور ثلثي إنتاج دول الخليج من البترول عبرها. وفي المقابل توجد أعداد كبيرة من العمال المصريين بالخليج, تشير التقديرات إلي أن عددهم يزيد علي2.5 مليون, يسهمون في دعم الاقتصاد الممصري من خلال تحويلاتهم للعملات الصعبة, ويظل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الخليج, والاستثمارات المتبادلة, أحد عوامل تقوية العلاقات وتأكيد أهميتها. ويبقي أن يتغلب الرئيس محمد مرسي ومعه الخارجية المصرية علي عقبتين رئيسيتين للوصول إلي علاقات متميزة مع دول الخليج, الأولي تتمثل في إقناع دول الخليج أنها تتعامل مع مصر ورئيس مصر, وليس مع جماعة الإخوان المسلمين, حيث تنظر دول الخليج بقلق إلي الجماعة, خصوصا أنها تنظيم دولي عابر للحدود, ودول الخليج وإن كانت وفرت ملاذا آمنا لعدد كبير من أعضاء وقيادات الجماعة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, إلا أن الأمور اختلفت الآن, ولم يعد مقبولا لدي معظم الدول الخليجية أن تسمح بوجود للجماعة علي أراضيها. والعقبة الثانية تتعلق بالرئيس السابق حسني مبارك, حيث كانت دول الخليج وفي مقدمتها السعودية تعارض محاكمة مبارك, وأوضحت المملكة أن موقفها نابع من قيم عربية, تتمثل في المحافظة علي هيبة رئيس وإجارته, خصوصا أن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي كان قد غادر تونس إلي جدة بعد الثورة مباشرة, ووفرت له السعودية ملاذا آمنا مقابل ألا يعمل بالسياسة, واقترحت القيادة السعودية في ذلك الحين إمكانية تطبيق الحل نفسه مع مبارك. ويظل توفير المناخ الآمن للاستثمارات والتعهد بضمانات حماية المستثمرين الخليجيين في السوق المصرية أحد أهم عوامل جذب رؤوس الأموال في وقت يحتاج فيه الاقتصاد المصري إلي دفعة قوية, خصوصا أن معظم دول الخليج وعدت مصر بمساعدات واستثمارات كبيرة, لم يصل منها إلا نسبة ضئيلة حتي الآن, وتعللت دول الخليج بعدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بمصر خلال الفترة الماضية, وستجيب الشهور المقبلة علي السؤال: هل ستعود علاقات مصر بدول الخليج إلي سابق عهدها من الدفءص؟.. أم ستظل مخاوف الخليج حائلا دون ذلك؟.