فى مصر لم تستخدم كلمة دستور إلا اعتباراً من سنة 1923، حيث كان الشائع قبل هذا التاريخ هو استخدام كلمة القانون النظامى مثل القانون النظامى الصادر فى أول مايو1883، والقانون النظامى الصادر فى أول يوليو سنة 1913. والدستور هو القانون الذى يبين شكل الدولة ونظامها السياسى وحقوق وحريات وواجبات المواطنين والمقومات الأساسية للمجتمع والسلطات العامة فى الدولة والعلاقة بين هذه السلطات. لكن ليس الدستور فى حد ذاته هدفا يبتغي، بل إن القواعد القانونية كافة ومنها الدساتير تستهدف الحفاظ على استقرار المجتمعات وتقدمها، سواء فى ذلك علاقة الأفراد بعضهم ببعض أم علاقتهم بسلطات الدولة العامة، فالقواعد الدستورية والقانونية التى تستهدف تحقيق الاستقرار المجتمعى يترتب عليها السير المنتظم للحياة وإقامة النظام ومنع الفوضى والغوغائية. وإذا كانت القواعد الدستورية والقانونية تستهدف تحقيق استقرار المجتمعات فإن ذلك لا يعنى تأبيد تلك القواعد حيث بمقدور المشرع تعديلها أو إلغاؤها أو الإضافة إليها إذا أصبحت غير ملائمة أو إذا تجاوزها الزمن وبالترتيب على ذلك يمكن فى كل وقت إعادة النظر فى تلك القواعد فما كان مناسبا بالأمس قد يصبح غير مناسب اليوم وما هو مناسب لدولة ليس بالضرورة يكون مناسبا لغيرها. يقصد بالتعديل الدستورى فى المعنى الاصطلاحى ثلاثة معان هى: الاستبدال: أى استبدال نص بنص. الإلغاء: أى حذف أحد النصوص الواردة فى الدستور. الإضافة: أى إضافة نصوص جديدة. ومن تطبيقات ذلك أنه قد أضيف الى الدستور المصرى الصادر سنة 1971 الباب السابع المعنون أحكام جديدة وانقسم هذا الباب الى فصلين خصص أولهما لمجلس الشورى والفصل الثانى خصص لسلطة الصحافة وقد أضيف هذا الباب طبقا للاستفتاء على تعديل الدستور الذى أجرى فى 22/ مايو 1980 وبهذا الترتيب الالغاء ثم الاستبدال ثم الإضافة يصار إلى فهم المقصود بالتعديل حيث دوما يؤخذ بالمعنى الاصطلاحى وليس اللغوي، كما يؤخذ أيضا بالمعنى الحقيقى للفظ دون معناه المجازى بالقطع ما لم يقم دليل على خلاف ذلك. وهناك أسباب عديدة لإجراء التعديل ومن أهمها عدم ملاءمة بعض النصوص لواقع الحال أو اكتشاف تناقض تحمله بعض النصوص، وبالجملة طالما أن الدستور صادر عن الإرادة الشعبية لهيئة الناخبين فالقاعدة تقضى بأنه لا يجوز لجيل أن يفرض إرادته على الأجيال القادمة. والاستفتاء الشعبى يكون دوما بنعم أو لا، شريطة أن تكون نعم واحدة أو لا واحدة أى حزمة واحدة وليس مادة مادة، أى أن المقصود بالاستفتاء هو الموافقة أو الرفض ولا يتعدى ذلك إلى المناقشة أو التعديل أو الموافقة على مادة ورفض أخرى أو حتى الموافقة على مجموعة مواد ورفض مجموعة أخرى هكذا فى معظم دول العالم حيث يشار الى ان هذا الأسلوب هو مصادقة شعبية كأحد تطبيقات الديمقراطية شبه المباشرة. وتختلف إجراءات تعديل الدساتير من دولة لأخرى على النحو التالي: فى مصر تنص المادة 226 من دستور 2014 على الآتى: لرئيس الجمهورية ولخمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب ان يذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل. وفى جميع الأحوال يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يوما من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليا أو جزئيا بأغلبية أعضائه وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي، وإذا وافق المجلس على طلب التعديل يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوما من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس عرض على الشعب للاستفتاء عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذا من تاريخ إعلان النتيجة وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء. فى فرنسا المادة 89 من الدستور الفرنسى الحالى الصادر سنة 1958: لكل من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير الأول، وأعضاء البرلمان الحق فى اقتراح تعديل الدستور. يصوت عليه البرلمان ثم يعرض على الاستفتاء. على أن المشروع لا يعرض على الاستفتاء إذا قرر رئيس الجمهورية عرض التعديل على البرلمان منعقدا فى هيئة مؤتمر ويلزم فى هذه الحالة للتعديل موافقة 3/5 أعضاء البرلمان ويعد مكتب الجمعية الوطنية هو مكتب المؤتمر. فى الولاياتالمتحدةالأمريكية المادة 6 من دستورها: للكونجرس حق اقتراح التعديل كلما رأى 2/3 الأعضاء ذلك ، أو بناء على طلب الهيئات التشريعية لثلث الولايات فى مؤتمر يدعى اليه لهذا الغرض. وتصبح التعديلات نافذة حال تصديق الهيئات التشريعية ل 3/4 الولايات وجدير بالذكر أن الكونجرس يدرس أكثر من 7000 اقتراح اعتمد 33 منها وتم المصادقة على 26 تعديلا. إن إجراءات تعديل الدساتير لا تخضع للرقابة القضائية سواء ن القضاء العادى أو الإدارى أو الدستورى هكذا استقرت أحكام القضاءين المصرى والفرنسى على هذا الاتجاه. ولعله من المؤكد ان الحوار المجتمعى لا يعد احدى الحلقات الدستورية الواجب الالتزام بها لتعديل الدساتير، لكن يوجد هذا الحوار كما توجد جلسات استماع تعقدها البرلمانات من واقع التقاليد البرلمانية ليس إلا. لا يترتب على اقرار أى تعديلات فى الدستور حل مجلس النواب، حيث إن الدستور قد نظم كيفية حل مجلس النواب فى مادته رقم 137 التى نصت على انه لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبقرار مسبب وبعد استفتاء الشعب. وأخيراً نشير إلى أن اختلاف الرأى مطلوب لأنه ينتج الفكر الرصين وشروط نجاحه ألا يكون نابعا من مؤثرات نفعية أو مصالح ذاتية لأنه إن كان كذلك فإن الإطاحة بنتائج الاختلاف العلمى ستكون محققة، كما يلزم فى الاختلاف العلمى ألا نختلف على الوطن صاحب المكانة العملاقة الذى يلتف حوله الجميع ويدافع عنه الجميع ويفتخر به الجميع وفى الاختلاف لابد من حسن اختيار الكلمات والعبارات والألفاظ. لمزيد من مقالات د. صلاح الدين فوزى