اسمه بالكامل خليل إبراهيم محمود الوزير، ونعرفه باسم «أبوجهاد». وهو أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأبرز قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبينما كان يكتب رسالةَ إلى قيادة الانتفاضة الأولى، من مقر إقامته في تونس، فجر 16 أبريل سنة 1988، باغتته فرقة موت إسرائيلية، تسللت عبر البحر والبر، وزرعت سبعين رصاصة في جسده. وبعد أن ظلت السلطات الإسرائيلية تنفي مسئوليتها عن العملية، اعترفت بارتكابها بعد نحو ثلث قرن!. قرار الاغتيال اتخذته السلطات الإسرائيلية، قبل سنوات عديدة من موعد تنفيذه، وتم تكليف جهاز المخابرات العامة الإسرائيلي (الموساد) بالقيام بها، لكنه لم يتمكن سنوات من الوصول إليه. وعليه تم تحويل المهمة إلى الوحدة 504 بالمخابرات العسكرية، وأهم وحدة قوات خاصة (كوماندوز)، في جيش الاحتلال، والمعروفة باسم دورية رئاسة الأركان، وكان يقودها في ذلك الوقت موشيه يعلون، الذي صار لاحقًا وزيرًا للدفاع. بينما كان إيهود باراك، نائب رئيس الأركان، وقتها، رئيس الوزراء لاحقًا، يشرف على العملية من سفينة في عرض البحر. وسبق أن سمحت الرقابة العسكرية لجريدة يديعوت أحرونوت برفع السرية عن المعلومات التي أدلى بها قائد القوات الخاصة (كوماندوز) ناحوم ليف، وكان ذلك أول إقرار من الإسرائيليين بمسئوليتهم عن تلك العملية. أما الجديد، الذي كشفته القناة العاشرة للتليفزيون الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، فهو مشاركة عميل (خائن) فلسطيني، في الجريمة. بين القديم والجديد، حل موشيه يعلون، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، ضيفًا على برنامج وقت الحقيقة، بالتليفزيون الإسرائيلي الرسمي، في ديسمبر 2017، وقال بمنتهى الوضوح إنه كان قائدًا لوحدة الكوماندوز، التي قامت بتنفيذ عملية اغتيال أبو جهاد، في إطار خطة إسرائيلية لإخماد الانتفاضة الأولى التي اندلعت سنة 1987، وكان أبو جهاد أحد قادتها في الخارج. وقال يعلون إنه تأكد بنفسه من مقتل أبو جهاد، حين صعد للطابق الثاني، حيث كان القائد الفلسطيني غارقا في دمائه، وللتأكد من أنه قد فارق الحياة، اقترب منه وأطلق رصاصة في رأسه. ووقتها، أشعلت تصريحات «يعلون» شبكات التواصل الاجتماعي، داخل الأرض المحتلة وخارجها، وانعقدت مقارنات بين جريمته التي اعترف بها، وجرائم شبيهة، بينها جريمة الجندي الإسرائيلي إليئور أزاريا، الذي تم سجنه بعد إدانته في قتل الفلسطيني عبد الفتاح الشريف. وطبعًا، انتهى الجدل والمقارنات واشتعال شبكات التواصل، إلى لا شيء. التقرير الذي عرضته القناة العاشرة للتليفزيون الإسرائيلي، أكد أن عملية الاغتيال ما كانت لتنجح لولا مساعدة عميل فلسطيني، قامت المخابرات العسكرية الإسرائيلية بتجنيده، بسبب حبه للمال، وأيضًا بسبب خلافه مع اثنين من مساعدي أبو جهاد، وعنه قال الجنرال شموئيل ايتنجر، نائب قائد الوحدة المخابراتية 504: دور هذا العميل كان حاسمًا، ومعلوماته كانت دقيقة للغاية، ومعرفته كانت واسعة. وكان له دور أساسي في نجاح العملية، ومع أنه حصل على مبلغ كبير من المال، فإن السلطات الإسرائيلية احتقرته وعاملته باستخفاف. تفاصيل العملية، لم تختلف كثيرًا عن تلك التي نقلتها جريدة يديعوت أحرونوت عن ناحوم ليف، قائد القوات الخاصة (الكوماندوز) وجاء فيها أن عملية الاغتيال جرت في منزل القيادي الفلسطيني في ضاحية سيدي بوسعيد شمالي العاصمة التونسية وقام بتنفيذها 26 فردًا من قوات الوحدات الخاصة في قيادة الأركان الإسرائيلية، انقسموا إلى فريقين بعد نزولهم من سفن وزوارق: الفريق الأول، الذي ضم ثمانية أفراد برئاسة ليف، توجه إلى منزل أبو جهاد على متن سيارات، واقترب من المنزل مسافة 500 متر تقريبًا. وللتمويه، كان ليف برفقة جندي متنكر في هيئة امرأة، وكان يخفي مسدسًا مزودًا بكاتم للصوت داخل علبة شيكولاتة. قائد القوات الخاصة الإسرائيلية قال إنه قتل في البداية أحد حراس أبو جهاد أثناء نومه في سيارة خارج منزل القيادي الفلسطيني، ثم اقتحمت مجموعة ثانية المنزل. وبعد دخول المنزل قتلت هذه المجموعة حارسا ثانيا لدى استيقاظه ومحاولته إطلاق النار على المقتحمين، كما قتلت العامل المكلف بالحديقة الذي كان نائما في سرداب الفيلا. وبعد قتل الثلاثة، صعد أحد أفراد القوات الخاصة إلى حيث مكتب أبو جهاد وغرفة نومه وأطلق عليه النار قبل أن يطلق عليه ناحوم ليف بنفسه وابلاً من الرصاص من مدفع رشاش. ولم يفت ليف، وهو ينهي روايته لعملية الاغتيال، أن يشير إلى أن القيادي الفلسطيني الراحل، كان على ما يبدو يحمل مسدسًا. وضع تحت «على ما يبدو» عشرات الخطوط. التاريخ مسار مفتوح، وخيانة الفلسطيني، العميل، لا تنفي أن الإسرائيليين، وفيهم من رأس الحكومة وصار وزيرًا فيها، ارتكبوا عدة جرائم يعاقب عليها القانون الدولي وانتهكوا ميثاق وقرارات الأممالمتحدة، تُضاف إلى جرائم كثيرة سابقة ولاحقة تؤكد وتقطع بأن الإسرائيليين فوق القوانين والمواثيق والقرارات الأممية. وطبيعي أن يكون الصامتون أو المتواطئون أكثر إجرامًا من الذين قتلوا القتيل ثم ساروا في جنازته، وجنازات قتلى آخرين. لمزيد من مقالات ماجد حبته