«صوتك في أمان».. الوطنية للانتخابات تتصدى لأي مخالفات وصناديق الاقتراع تحت رقابة صارمة    رئيسة المجلس القومي للمرأة تدعو جميع سيدات مصر للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات    «التضامن» تقر تعديل قيد 3 جمعيات في البحيرة والغربية    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    وزير البترول يدلي بصوته في انتخابات النواب بالتجمع الخامس    تعرف على أسعار الخضراوات بمحافظة المنيا اليوم الاثنين 24-11-2025    منال عوض تؤيد دعوة "اليونيدو" اعتبار 21 إبريل يوما عالميا للمرأة في مجال الصناعة    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    الوفدان الأميركي والأوكراني اتفقا على معظم بنود خطة التسوية الأميركية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    قائد الجيش السوداني يرفض مقترح اللجنة الرباعية لوقف إطلاق النار ويصفه ب«أسوأ ورقة»    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    توروب يحاضر لاعبي الأهلي بالفيديو استعدادًا لمباراة الجيش الملكي    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    مصرع وإصابة 3 فى حادث على طريق المحلة طنطا    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن عن برنامج دورتها ال 18    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    وزير التعليم العالي يبحث مع وفد شركة أسترازينيكا تعزيز التعاون في علاج الأمراض النادرة    أسباب ونصائح مهمة لزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    رئيس جامعة قنا يتفقد فعاليات مبادرة "اطمن 2" للكشف عن السكري    العدو الخفي | مقاومة الإنسولين وإضطرابات السكر في الجسم    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    حالة الطقس.. انخفاض بالحرارة وأمطار متفاوتة الشدة على مناطق متفرقة    محافظ دمياط يتابع انتخابات مجلس النواب من مركز السيطرة    مباريات اليوم 24 نوفمبر 2025.. مواجهات قوية في أبرز الدوريات والبطولات العالمية    وزير الصحة يبحث إطلاق المنصة الموحدة للمبادرات الرئاسية الصحية    غرفة عمليات الداخلية تتابع سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة    نائب رئيس البورصة المصرية يلقي كلمة تثقيفية لنشر الوعي الاستثماري لطلاب المدارس    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    لماذا ضربت إسرائيل ضاحية بيروت الجنوبية؟    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    رئيس الهيئة الوطنية: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة عبد الله السعيد أمام زيسكو الزامبي    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك كان قادرًا على حسم مواجهة زيسكو من الشوط الأول    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    رئيس البرازيل السابق: هلوسة ناجمة عن تغيير الأدوية دفعتني لخلع جهاز المراقبة    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ملائكة الرحمة».. ظالمة أم مظلومة!..
سوء الخدمة .. نقص الكفاءة .. غياب الرقابة .. وراء تدنى مستوى التمريض
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 12 - 2018

* المستشفيات الخاصة تحصل على الترخيص ولا تلتزم بتعيين النسبة الدولية من الممرضين
* د.كوثر محمود: 25 % نسبة العجزفى التمريض و«المالية» السبب الرئيسى
* خسرنا المنافسة فى السوق ونترك الساحة للفلبين لتكسب المليارات
* 250 قرشا أجر الممرض فى ساعة العمل الإضافية بعد زيادتها
* المهنة أزمة اجتماعية للولد والبنت..والوزارة ترفض تغيير المسمى إلى طبيب إدارى
* د.حسام عبد الغفار: نفتقد مهارات التعامل والتواصل
د.كوثر محمود - د.أحمد ابراهيم
يعانى «ملائكة الرحمة» مشكلات لا حصر لها. تجعلهم يفتقدون أهم مقومات العمل الناجح، يخفقون كثيرا ويؤثر ذلك سلبيا مباشرة على المريض، الذى أضحى مستسلما جبرا لرداءة الخدمة التى يحصل عليها، وأحياناً كثيرة يفقد الإنسان حياته إما لإهمال أو لخطأ ممرض أو ممرضة، لأنهم يعملون فى بيئة سيئة تسودها الفوضى وضياع الحقوق، فاقدة للتنظيم والتشريع والرقابة والجودة، وأبسط الحقوق الإنسانية الطبيعية داخل مقر العمل، لم يكن هذا فحسب بل جاء النقص العددى الذى يصل فى حده الأدنى إلى 30% ليربك المهنة ويرهق أصحابها، الذين يضاعفون ساعات العمل ويعملون ليلا نهارا، فيقعون فريسة للفشل الإدارى والتنظيمي، ويمثل ذلك ضغطا عظيما يفقدهم التركيز وجودة العمل..
التمريض يرعى الاطفال داخل الحضانات
تحقيقا نرصده من داخل المستشفيات العامة والجامعية والخاصة، لكشف أسباب أزمة التمريض وتدنى الخدمة العلاجية، والتى تمثل 60 % من علاج المريض.
فمن المعروف عالمياً أن الطب والتمريض وجهان لعملة واحدة، وأى خلل فى احدهما يضر بالمريض مباشرة، ولأجل أهمية الخدمة الطبية؛ جاء دستور 2013 ليرسخ لحق الإنسان فى حصوله على خدمة طبية متميزة، وألزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق لا تقل عن 3 % من الناتج القومى الإجمالي، وتتصاعد تدريجياً حتى تصل إلى النسب العالمية، وفى القلب من ذلك هيئة التمريض.
فالتمريض الأصل فيه أنه مهنة سامية، وخدمة من الخدمات الإنسانية التى تقدم للمريض، بصرف النظر عن الجنس أو اللون، فهى أرفع مستوى إنسانى تذوب بداخلها الفوارق والاختلافات، يبذل فيها الممرض أقصى طاقة ممكنة بإخلاص متناهٍ وحبٍ ورقى إنساني، فى باطنه وظاهره الرحمة وخدمة المريض، وتنفيذاً لتعليمات الطبيب المعالج لشفاء الإنسان من مرضه، حفاظاً على روحه وصحته، حتى يعود لحياته وبيته وأسرته معافى سالماً، وليس محمولاً على الأعناق مفارقاً للحياة.
انعدام كفاءة فريق التمريض
يأتى أهم أسباب التدنى والإخفاق بداية فى صعوبة مهنة التمريض فى حد ذاتها، لأنها مهنة شاقة ومتعبة، والبنات بها تعملن فى ظروف صعبة جداً، فلا يوجد تقدير من المجتمع لهن، تلك هى المشكلة الأساسية، والأولى التى رصدناها مع الأستاذ الدكتور أحمد إبراهيم أستاذ جراحة المناظير والجهاز الهضمى وأحد شهود العيان على واقع المهنة، نظراً لتجربته العملية، حيثُ إنه عمل فى مستشفيات جامعة عين شمس ووزارة الصحة والمستشفيات الخاصة، وكليفلاند بأمريكا، والسعودية، وسان جورج فى لندن.
ثانياً: تدنى المرتبات والأجور، ذلك لأن أجر الممرضة فى الوردية الواحدة 8 ساعات من 60 إلى 200 جنيه فقط، وهو ما يوازى 20 جنيهاً فى الساعة، وهذا أجر متدنٍ للغاية، ويجعل الممرضة تعمل فى ثلاثة أماكن خلال 24 ساعة، حتى تحقق الدخل الذى يكفى تكاليف الحياة والزواج، وهى عملية مرهقة للغاية، وتمثل ضغوطاً على الممرضة فتفقدها التركيز فتقل الخدمة العلاجية المقدمة للمريض.
ثالثاً: عدم وجود تدريب ممنهج، الذى يمثل عصب التطور العلمى وأساس وجوده الخدمة العلاجية على المستوى الإنسانى والطبي، وبعد التخرج تنقطع تماماً صلة الطلاب من الكليات والمعاهد والمدارس بالتدريب، فيتوقف التطور العلمى عند حد التخرج، وتلك مشكلة كبري.
رابعاً: عدم تدريس التمريض باللغة الإنجليزية التى يدرس بها الطب فى مصر، يمثل عقبة فى فهم الأوامر الطبية التى يضعها الطبيب، ويضطر لكتابتها ثانية باللغة العربية للممرض فضلاً عن أن التدريس باللغة العربية يوقف الممرض عن البحث فى المراجع الأجنبية لرفع مستوى المعرفة العلمية لديه.
خامساً: عدم التفرغ للممرضة بسبب عملها فى ثلاثة أو أربعة مستشفيات فى وقت واحد، مما يمثل لها إرهاقاً فتقل الكفاءة بسبب كثرة الورديات وقلة الدخل من الوظيفة الواحدة، وهو ما يؤثر سلبياً على العمل والمريض.
سادساً: تفقد الممرضة فى المستشفيات الخاصة الولاء والانتماء، لأنها تعمل بعقد عمل بنظام الوردية، لجمع المال فقط، فمنهن من تعمل ثلاث ورديات 48 ساعة أسبوعياً، ومنهن من تكتفى بورديتيْن 12 ساعة، وهناك من تعمل فى 4 مستشفيات، وهذا قمة الإرهاق الجسدى والذهني.
سابعا: تقديم الدولة الخدمة والدور الرقابي، فى وقت واحد، أمر يضر كثيراً بمهنة التمريض، وواقع الحال يؤكد ذلك، فعلينا الفصل بين الدوريْن، إما أن تقدم الدولة الخدمة، أو تقوم بالدور الرقابي، والأفضل للدولة الدور الرقابي؛ حفاظاً على تقديم خدمة جيدة لمصلحة المريض.
ثامنا: تحتاج مهنة التمريض إلى رؤية شاملة جديدة طبقاً للمعايير العلمية الدولية، لأن التمريض مهنة يمكن أن تكون أحد أهم مصادر الدخل القومى بالعملة الصعبة، من خلال تصدير الممرضات للدول العربية والأجنبية، كما يحدث فى الفلبين التى هى أكبر دولة مصدرة للتمريض فى العالم، ذلك لأن بها مستوى تعليميا عالميا، حيث تملك الفلبين معاهد وكليات تستوعب أعداداً كثيرة لتعليمها وتأهيلها.
وكشف الدكتور أحمد إبراهيم عن أهم أسباب تدنى الخدمة التمريضية داخل مستشفيات القطاع الخاص، حيث أكد نسبة كبيرة من فريق التمريض داخل المستشفيات الخاصة تقدر من 20 إلى 30 % لم يحصلوا على أى مؤهل علمى فى مجال التمريض، وإنما هم من خريجى مؤهلات متوسطة، اكتسبوا الخبرة بالممارسة العملية، والبنات منهم، وهن غالبية، يذاكرن أثناء العمل ويحصلن على بكالوريوس تجارة وغيره، وبعد الحصول على المؤهل الدراسى يطلبن تحويل وظائفهن إلى أعمال السكرتارية أو الحسابات، رغم أن المرتب أقل، ولكنها تضمن الشكل الوظيفى أمام المجتمع، وتعمل 8 ساعات وردية صباحية بعد الزواج، وطبقاً للترخيص الذى يصدر للمستشفي، يجب أن يلتزم المستشفى بتوفير النسبة الدولية من فريق التمريض، طبقاً لعدد الأَسِرة فى كل قطاع، ويلتزم المستشفى أيضاً بتقديم عقود العمل لوزارة الصحة بشرط المؤهل العلمى والتفرغ للمستشفى فقط، وهو ما لا يحدث..
ويتساءَل الدكتور أحمد إبراهيم: على من يقع عبء النقص الشديد فى هيئة التمريض؟ وما هو دور القطاع الطبى فى سد العجز، الذى يصل إلى 20 ألف ممرض وممرضة فى حده الأدني؟!! وهل من الممكن أن يسهم القطاع الخاص والدولة فى زيادة المقبولين سنوياً من الشباب، ويسهم ولو بجزء يسير فى تكلفة التعليم باعتباره المستفيد من الخدمة.
أسباب تدنى التمريض
فى إطار رصدنا لأهوال مهنة التمريض، جاء اللقاء الثانى مع الدكتورة كوثر محمود، «نقيب عام التمريض»، وكيلة وزارة الصحة لشئون التمريض، حيث طرحنا عليها عدة أسئلة من واقع مسئوليتها، لمعرفة المشكلات الحقيقية وكشف أسباب تدنى المهنة والنقص العددى الرهيب فى هيئة التمريض، وكشف المستور وصولاً للحقيقة، وكانت أسئلتنا لها كالتالي.
- لماذا لا نملك من مهنة التمريض إلا اسمها، رغم أن نصيبها فى الخدمة الطبية لا يقل عن 60% من إجمالى الرعاية الصحية المقدمة للمريض، وهو الأمر الخطير الذى يؤثر سلبياً على حياة الإنسان؟
- ماهو العدد الإجمالى لأعضاء هيئة التمريض؟ وكيفية توزيعهم على المستشفيات؟ وعدد الذين يتخرجون كل عام فى المعاهد والكليات؟ وما هى نسبة العجز الحقيقية فى هيئة التمريض؟
وكانت إجاباتها على النحو التالي: إجمالى هيئة التمريض كما هو مسجل فى النقابة العامة للتمريض لكل التخصصات 300 ألف ممرض وممرضة، القوة الفاعلة منها 245 ألفاً موزعة على كل القطاعات الطبية، 199 ألفاً يعملون فى القطاع الحكومي، و25 ألفاً يعملون فى المستشفيات الجامعية، و 21 ألفاً يعملون فى مستشفيات التأمين الصحي، و255 ألفاً موزعون ما بين القطاع الخاص، الذى يتكون من 82 ألف منشأة طبية والهجرة إلى الخارج والخروج على المعاش، وفيما يتعلق بعدد الكليات والمعاهد توجد 21 كلية للتمريض تخرج من 500 إلى 3000 ممرض وممرضة سنوياً، و300 معهد للتمريض نظام 5 سنوات، 17 معهداً منها تابعة لوزارة التعليم العالي، و 183 معهداً تابعة لوزارة الصحة تخرج من 10 إلى 12 ألف ممرض وممرضة سنوياً.. ويتقدم سنوياً لكليات ومعاهد التمريض 30 ألف طالب وطالبة من خريجى الثانوية العامة، يتم قبول 12 ألفاً فقط. ومهنة التمريض بوضعها الحالى طاردة وليست جاذبة؛ لأن أصحابها لم يستطيعوا حتى الآن الحصول على حقوقهم المالية مقابل أعباء العمل والمخاطر التى يتعرضون لها، ودائماً ما تنظر الحكومة لمطالبهم على أساس أنها مطالب فئوية وليست حقوقاً واجبة تصلح المهنة، كأجر عادل مقابل أعباء العمل، وتلك واحدة من أهم المشكلات التى يترتب عليها خلل جسيم.
وتُحَمّل الدكتورة كوثر محمود وزارة المالية وحدها مسئولية هجرة التمريض من القطاع الحكومى للقطاع الخاص والسفر للخارج، والنقص العددى المزمن، الذى وصل فى حده الأدنى إلى أكثر من 25 % بسبب تدنى الأجور فليس من المقبول إطلاقاً أن يكون بدل السفر والعدوى من 16 إلى 30 جنيهاً شهرياً، وهو ما جعلها ترفع دعوى قضائية لتحسينه، أيضاً نفتقد الإرادة السياسية والدعم السياسي، ويظهر ذلك فى تأخر مناقشة وصدور قانون تنظيم ومزاولة مهنة التمريض!!، وهو الذى سيحدد الحقوق والواجبات، فما زال القانون حتى الآن حبيس الأدراج فى مكتب وزيرة الصحة، التى لم تقدمه لمجلس النواب، وبناء عليه فلا يوجد تحديث للتوصيف الوظيفى من قبل الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، ولا توجد خدمات لهيئة التمريض، مثل توفير حضانة للأطفال، وسكن مناسب ووجبات جيدة، وزى رسمى مجاني، ولا يوجد تقليد للوظائف العليا فى المؤسسات الصحية، ويأتى مرتب الممرض أو الممرضة فى القطاع الحكومى فى ذيل المرتبات وأدنى مستوياتها، حيث يتحصل الممرض على راتب شهرى خلال السنوات الخمس الأولى من عمله على 1700 جنيه، مقابل من 4 إلى 5 آلاف جنيه فى القطاع الخاص، وفى الخارج يصل إلى 5 آلاف دولار، وفى الدول العربية يحصل الممرض فى القطاع الحكومى على راتب أعلى من القطاع الخاص.
وفيما يتعلق بنسبة العجز فى هيئة التمريض طبقاً للنسبة الدولية «ممرض لكل 4 حالات مرضية عادية، وممرض لكل حالتيْن فى الرعاية، وممرض لكل حالة على جهاز التنفس الصناعي».
أكدت الدكتورة كوثر محمود أن المستشفيات تقف عاجزة تماماً أمام هذا الوضع، خاصة أن القانون يحدد 3 ورديات شهرياً بعد ساعات العمل الرسمية كعمل إضافي، واعتمادات وزارة المالية لا تكفي، مشيرة إلى أن تكلفة المريض فى العناية المركزة 800 جنيه فى الليلة الواحدة، والدولة تصرف 300 جنيه فقط!!!.. فتلك مخصصات مالية متدنية، وعلى الدولة إعادة النظر فيها، بينما تعانى المستشفيات الجامعية نقصا شديدا فى التمريض بلغ 1022 فى قصر العينى القديم، و700 فى مستشفى الطوارئ الجديد.
وهو ما يترتب عليه تعطيل 30 % من قوة العمل فى قصر العينى القديم، وتصل نسبة العجز بصفة عامة إلى 25 %.
وتطالب الدكتورة كوثر محمود بضرورة إصدار قرار بتكليف الخريجين من طلاب المعاهد الفنية للتمريض داخل المستشفيات الجامعية؛ لضمان ضخ 250 ممرضاً وممرضة كل عام داخل المستشفيات الجامعية، للإسهام فى حل الأزمة التى تتفاقم يوماً بعد يوم.
بدل العدوى
وفى لقاء مع 4 ممرضات من مستشفى المحلة العام، أكدن أن حالهن سيئ جداً، على المستوى المادى والوظيفي، فكانت الشكوى المُرّة من بدل العدوى الذى لا يتجاوز 30 جنيهاً، رغم تعرضهن للإصابة بأمراض خطيرة وصعبة للغاية يومياً، وأشرن إلى أن هناك فئات أخرى من الناس تعمل فى أماكن آمنة تحصل على بدل عدوى يقدر بالآلاف، كما أن الواسطة تدير هيئة التمريض وتتحكم فيها، وهذا الأمر رغم خطورته على جودة العمل فإنه هو السائد والأصل فى التعامل، ولذلك تلجأ غالبية الممرضات اللاتى لا تملكن واسطة إلى الدراسة، والحصول على دبلومات متخصصة فى جودة أو مكافحة العدوي؛ للهروب من الوظائف التى وُضِعن بها.
فقدان مهارات التعامل
وجاءت شهادة الدكتور حسام عبد الغفار أمين المجلس الأعلى للجامعات تؤكد فقدان المناهج العلمية للتمريض؛ لوجود مواد أساسية فى المقررات التدريبية لخريجى القطاع الصحى بكل أنواعه يبنى عليها النجاح والرسوب على الدرجة العلمية، تتعلق بمهارات التواصل والتعامل من خلال فريق، موضحاً أن عدم وجود هذه المهارات يترتب عليه عدم القدرة على التعامل الجيد وعدم الإحساس بالتعاطف من قبل المريض، كما يتفق أيضاً على تدنى التقدير المادى للممرض..لأن أجر الساعة فى الوردية الإضافية المسائية بعد الزيادة 2.5 جنيه طبقاً للقانون رقم 14 لتنظيم شئون العاملين بالمهن الطبية، وقانون 118 لسنة 2015 الخاص بتطبيق الفصل الخامس على العاملين بالمستشفيات الجامعية.
التمريض أزمة اجتماعية للولد
وخلال وجودنا فى أحد المستشفيات الخاصة، أكد لنا أحد الممرضين الذى رفض ذكر اسمه، أن التمريض بالنسبة للولد أزمة اجتماعية كبري، خاصة عندما يقبل على الزواج، فالكثير من الأسر لا توافق أن تزوج ابنتها لممرض، لأنهم يصنفون التمريض مهنة متدنية، رغم أهميتها بالنسبة للطب والمريض، فلا يدرك الناس أنها تمثل 60 % على الأقل من علاج المريض، وهنا اقترحنا أن يكون لنا مسمى وظيفى آخر غير ممرض، وهو طبيب إداري، ولكن تم رفضه من قبل وزارة الصحة، ولا ندرى لماذا رفض، ويستكمل شهادته ويوضح أن الممرض أو الممرضة يعملون فى ثلاثة مستشفيات غير مكان الوظيفة الأولى فى وزارة الصحة، حتى يستطيع أن يتزوج ويوفر المال اللازم لمتطلبات الحياة، التى ترتفع يوماً بعد يوم، فالممرض لا يقضى إلا 12 ساعة أسبوعياً فى بيته، وباقى الوقت يقضيه فى ورديات العمل، مشيراً إلى أن الكثير من الممرضين يواصلون العمل 24 ساعة فى ورديتيْن متواصلتيْن، ثم يذهبون إلى عملههم بالمستشفى الحكومى صباحاً.. ومساءً فى مستشفى خاص، ويبذل الممرض جهداً كبيراً جداً فى بداية حياته، ويعرف أنه لن يستطيع أن يواصل العمل إلا فى مرحلة الشباب، ولأنه يستهلك تماماً عند سن الأربعين، وللأسف يضطر الممرض لذلك، لأن راتبه فى وزارة الصحة بعد 5 سنوات من العمل كما يقول لا يتجاوز 1500 جنيه، وهو ما يضطره للعمل فى المستشفيات الخاصة.
يؤكد الممرض أن هذا الجهد المتواصل يقلل من كفاءة العمل، وبالتالى لا يحصل المريض على حقه فى الخدمة، وهنا تحدث الكوارث والأخطاء والوفيات، لأنه يعمل تحت ضغط قوى جداً، يعمل الممرض 17 يوماً فى المستشفى الخاص، 12 ساعة فى الوردية مقابل 200 جنيه فى الوردية الواحدة، وأجر السرير يبدأ من 1500 إلى 2000 جنيه فى الرعاية إقامة فقط، وبعد الخدمة الطبية يصل يوم المريض فى مرحلة الفحوصات إلى 8 آلاف جنيه، تقدم المستشفى وجبة للممرض، لأن الوردية 12 ساعة والكثير منا يطبق ورديتيْن متواصلتيْن، لكن هذه الوجبة ضعيفة جداً ولا تكفى حتى لطفل صغير، ولا يهتم المستشفى بتخصيص مكان لهيئة التمريض يتناولون فيه الطعام، فالكل يتناول طعامه فى مكان عمله، حتى إن كان داخل غرفة الرعاية المركزة، وهنا طلبت من الممرض أن يأذن لى فى رؤية جناح الرعاية داخل المستشفى الخاص، فوجدت أن الرعاية بها خمس غرف صغيرة جداً عبارة عن مستطيلات بجوار بعضها البعض، والباب عبارة عن ستارة، ولها حمام واحد.
إهمال أدى إلى موت
ومن داخل المستشفى الخاص ذاته، قررت أن أرصد بنفسى الخدمة العلاجية لبعض الحالات، ووقع الاختيار على سيدة كانت فى الخامسة والستين من عمرها، دخلت الرعاية من أجل عمل فحوصات طبية خاصة، كانت تتحدث مع كل أفراد أسرتها، وتدرك تمام الإدراك من يتحدث معها، وفى اليوم التالى لدخولها المستشفى ونتيجة لعدم ضبط التكييف، أصيبت بنزلة فى صدرها، وبدأت تتوقف عن الكلام، وبعد ضبط التكييف لم تعد السيدة إلى طبيعتها، فنقلت على جهاز التنفس الصناعى رغم عدم وجود أسطوانة أكسجين.. وعندما قرر الأطباء نزولها لإجراء بعض التحاليل والأشعة وأثناء نقلها من سريرها إلى التروللى لنقلها إلى مكان الأشعة كسر الممرض ذراعها، بسبب فقدانه للتركيز حيثُ أراد حملها من ذراعها فلم يستطعْ.. وهنا صرخت الأسرة، وجاء مالك المستشفى وقدم اعتذاره، ولكن الحادث قد وقع والألم يتزايد، والأسرة فى حيرة من الأمر، لأن همها الأول هو العلاج والخروج من الأزمة.
تضاعفت آلام السيدة، والكسر يحتاج إلى وقت طويل حتى يُعالج.. وما هى إلا أيام قليلة وفارقت الحياة.
تلك قصة من داخل أحد المستشفيات الكبري، التى تسمى نفسها «مستشفى دوليا»، تجسد بما لا يدع مجالاً للشك حالة الإدارة البالية والإهمال الجسيم، وفقدان التركيز والكفاءة المهنية بالنسبة للتمريض، والوحيد الذى دفع الثمن هو المريض وأسرته، والأغرب فى الموضوع أن هذه السيدة تم حساب أسرتها على تجبيس ذراعها.!
خطة للنهوض بالتمريض
وفيما يتعلق بالحلول المقترحة للنهوض بهيئة التمريض، أكدت الدكتورة كوثر محمود «نقيب عام التمريض»، تتمثل فى وجود رؤية للنهوض بالتمريض آملا فى تنفيذها للإصلاح، تتضمن: توفير الموارد البشرية والمادية اللازمة للمؤسسات الصحية، توفير مبدأ العدالة فى توزيع الإمكانات، فتح قنوات التدريب على مصاريعها والتعلم المستمر، ومشاركة قيادات التمريض المتميزة فى كل المؤسسات الطبية، وضرورة وضع نظام متكامل لمتابعة وتقييم الأداء المهني.
وتطالب بضرورة إعادة بناء الثقة بين المواطن وبين المؤسسات الطبية الحكومية، وتطوير المناهج التعليمية بشكل يتناسب مع آخر ما توصلت إليه العلوم الطبية فى هذا الشأن، وعمل لائحة موحدة لكامل هيئة التمريض، وإلزام القطاع الخاص بضرورة تدريب جميع أفراد هيئة التمريض حتى نضمن جودة الخدمة وتطوير الأداء.
كما تطالب أيضاً بضرورة القضاء على دخلاء مهنة التمريض للتخلص من تدنى مستوى الخدمة، ووجود تشريعات تحكم وتنظم المهنة وتحدد الشروط الواجب توافرها فيمن يمارسها، وتحدد أيضاً العقوبات التى يجب أن توقّع على من يخطئ أو يهمل فى عمله، ووضع كادر مالى جديد يتناسب مع جهود هيئة التمريض لتوفير حياة كريمة بدلاً من العمل فى 3 أو 4 أماكن فى وقت واحد، وهو ما يحتم علينا إصدار قانون فى شأن تنظيم مزاولة مهنة التمريض.
..ولنا تعليق
وتعليقاً على ما تم رصده، وكشفا لأحوال مهنة التمريض وأصحابها، فإننا ندق ناقوس الخطر، لأن الأمر جللٌ وجدٌ خطير، لأنه متعلق بحياة الإنسان فى أضعف مراحلها، فلا يعقل أبداً أن توجد مهنة بلا تشريع ينظم أحوالها والحقوق والواجبات، ويضع العقاب المناسب للمخطئ، مهنة فاقدة للإرادة والتخطيط فى كل مراحلها، تسلل إليها الآلاف من غير المتخصصين يعملون بها، وهرب أهلها وأصحابها للخارج بحثاً عن الرزق، مهنة تتسبب فى حوادث جسيمة.
فلا حساب ولا عقاب ، الآن انتهى دورنا وبدأ دوركم !!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.