بدأ موسم السطو المسلح على المنازل فى لندن. فى مثل هذه الأيام، أعياد الكريسماس والعام الجديد، تنشط عصابات سرقة المنازل، كما تقول الشرطة، للحصول على الأموال للاحتفال وشراء الهدايا! ولأن غالبية سرقة المنازل، تمر بسلام، أى دون الاعتداء على الناس الذين يكونون خارج هذه المنازل خلال السطو، تكتفى الشرطة بتسجيل محاضر، توضع فى الأدراج. ولا يكتشف الجناة ويستعيد الناس مسروقاتهم إلا بالحظ عندما تضبط الشرطة، ببلاغ من شخص ما، اللصوص خلال بيع المسروقات على نواصى الشوارع وفى مراكز التجمع. هذا الموسم مختلف لأن السرقات باتت دموية ومروعة. فالعصابات تقتحم المنازل، والناس بداخلها، مهددين بالسكاكين والمفكات الآلية والمسدسات أحيانا. ويفضل اللصوص وجود الناس بالمنازل لسببين: الأول هو الاطمئنان إلى أن أجهزة الإنذار غير مفعلة، ثانيا: توفير الوقت فى البحث عن المسروقات المستهدفة لأن الضحايا سوف يرشدون عنها خوفا من الموت. وبخلاف ما كان يحدث فى الماضي، يكسر لصوص السطو المسلح ، فى موسم 2018، البيوت من أبوابها الأمامية وليس من بوابات الحدائق الخلفية. فى شمال غرب العاصمة البريطانية، تروع هذه الحوادث الناس خاصة فى الأحياء ذات المنازل الكبيرة التى يسكنها البريطانيون من أصل آسيوي. ولوحظ أن العصابات لم تعد تسرق الأجهزة أو الساعات الثمينة ولكنها تبحث عن خزائن المال والذهب. فى أحد هذه الحوادث، اقتحم سبعة ملثمين، تشتبه الشرطة فى أنهم من الشباب الأبيض فى سن العشرينيات تقريبا، الشهر قبل الماضى منزلا الساعة السابعة مساء وكان ساكنوه على مائدة العشاء. أجبر اللصوص صاحب البيت، تحت تهديد السلاح، على الكشف عن مكان الأموال والذهب. وعندما وصلت الشرطة للتحقيق وجمع الأدلة ورفع البصمات، لم تجد شيئا مفيدا. فقد حسب اللصوص حساب كل شيء ولم يتركوا أثرا. وبينما كانت الشرطة تحقق، اٌبلغ عن سرقة بالطريقة نفسها على بعد حوالى ثلاثة كيلومترات من مسرح الجريمة الأولى. واستهدف اللصوص أيضا عائلة آسيوية. فالشائع عن الآسيويين أنهم يحبون تخزين الذهب فى المنازل. تقول الشرطة إن اللصوص غيروا أهدافهم نظرا لأن الذهب أخف وزنا وأكبر عائدا. وفى الشهر الماضي، انتقلت الظاهرة إلى جنوب شرق لندن حيث المنازل الأكبر والأفخم. ولم تفد دوريات الشرطة، التى تشكو من ضعف الامكانات المالية وتخفيض عدد العاملين بها، كثيرا فى مواجهة الظاهرة. وتواجه الشرطة انتقادات لاذعة لأنها ليست فاعلة فى سياساتها الرامية للتخفيف من حدة الظاهرة. فهى تعترف فى تقاريرها الرسمية، التى لا يمكنها إخفائها أو التلاعب فيها بسبب صرامة نظام المراقبة والمحاسبة وضغط الرأى العام، بالفشل فى مواجهة ظاهرة السطو على المنازل. لم يشفع، كثيرا، للشرطة أنها نجحت فى شهر أغسطس الماضى فى تفكيك عصابة خطيرة نقلت جوا من تشيلى إلى بريطانيا خصيصا لسرقة المنازل، خاصة فى جنوب شرق وجنوب غرب لندن. وتمكنت شرطة لندن وعدد من المدن الأخرى، خلال عملية أطلقت عليها اسم «الجني»، من القبض على 75 من أفراد هذه العصابة ( 36 فى لندن و 39 فى مدن أخرى). وتعاونت السفارة التشيلية فى لندن مع السلطات البريطانية فى كشف العصابة. وفى لندن قُدم 16 شخصا، بعد تحقيقات دقيقة أدت إلى جمع أدلة دامغة، للمحاكمة وأدينوا بجرائم تتعلق بالسطو المسلح على المنازل. ولا يزال التحقيق جاريا مع 12 وترحيل ثمانية. تقول التقارير إنه فى الفترة بين أبريل عام 2017 وأبريل عام 2018، تمكنت الشرطة من حل لغز 5 فى المائة فقط من جرائم السطو على المنازل، أى بمعدل جريمة واحدة من كل عشرين جريمة. وأمام هذه الأرقام المفزعة، أقرت الشرطة بأن «هناك حاجة لعمل المزيد لوقف هذا الارتفاع الهائل فى مثل هذه الجرائم التى تهز الثقة فى كفاءة الشرطة». وفى عام 2017، بلغ عدد المنازل والشركات التى تعرضت لجرائم السطو 32 ألف منزل وشركة. وكل حالة سطو، تكلف شركات التأمين 3 آلاف جنيه استرلينى على الأٌقل. وبلغ إحمالى الخسائر المالية الناتجة عن هذه الجريمة العام نفسه، 120 مليون جنيه استرليني، فضلا عن تكاليف علاج الضحايا من الصدمات النفسية والعصبية الناجمة عن تجربة السطو المسلح. وقالت فى بيانات رسمية متكررة: «يمثل السطو المسلح على المنازل تحديا خاصا، لا سيما فيما يتعلق بتحديد المسئولين عنها. ونقر بأنه لا بد من عمل المزيد، ونحن نبحث عن وسائل لزيادة الجرائم التى ننجح فى حل ألغازها». لم يكتف الناس، فى الأحياء المستهدفة، بانتقاد الشرطة أو لومها. فقد أنشأوا مجموعات على واتس آب لتبادل النصائح بشأن سبل الوقاية من هذه الجريمة، رافقها توزيع إرشادات الشرطة على أوسع نطاق. ومن هذه الإرشادات، الانتباه إلى أى سيارات غريبة أو أشخاص غرباء عن المنطقة أو تحركات مشبوهة والاتصال بالشرطة فورا، وعند العودة إلى المنازل، لابد من الحذر عند الدخول، خاصة إذا لم يكن بالمنزل جهاز إنذار، خوفا من أن يكون لصوص بالداخل. كما يُنصح الناس بأن يفعلوا أجهزة الإنذار قبل النوم كى تنطلق لو اقتحم اللصوص المنزل، وبأن يغلقوا الأبواب الرئيسية الأمامية والخلفية بالأقفال جيدا حتى أثناء الوجود بالمنازل.. كثيرا ما يطرق الأبواب «صنايعية» يعرضون تنظيم مجارى المياه حول المنزل أن تنظيف الحدائق أو الأسطح. وتنصح الشرطة والمجالس المحلية الرسمية والأهلية بعدم التعامل مع هؤلاء الغرباء الذين لا يُعرف عنهم شيئا وربما يكونون من أفراد العصابات أو مرشدين لهم.