تصلح دراسة توابع جريمة مقتل خاشقجى فى التدريب على فهم كيف يمكن أن تُثار حملة دولية مُدويّة فى موضوع ما للتغطية على تنفيذ أهداف معدة سلفاً فى موضوعات أخرى، وكان أصحابها ينتظرون فرصة وقوع حدث يمكن أن يستغلوه ستاراً على سعيهم نحو أهدافهم، وفى الوقت نفسه يشتت الانتباه عما يفعلون، وقد ينجحون فى جعل الحدث المستجد غير المتوقع مبرراً لهم فى قضاياهم الأصلية غير ذات الصلة! أول ما يلفت النظر فى هذا السياق أنه لم يكن فى وسع جميع الأطراف الأصلاء الرافضين لجريمة مقتل خاشقجى أن يُقنِعوا وسائل الإعلام الكونية بشن هذه الحملات التى لم تحظ بها حالات مشابهة، حتى إذا اجتمعوا معاً فى عمل واحد منظم يضم أسرته وأصدقاءه وزملاءه ونقابات الصحفيين وتنظيماتهم عبر العالم، ومعهم كل جمعيات حقوق الإنسان، تتقدمهم تركيا برئيسها وحكومته وأجهزته، وقطر بسلاح الجزيرة..إلخ! والنقطة الثانية، التى لا تقل أهمية، أن أعلى الأصوات التى اقتحمت المشهد ولا تزال تزايد فى إدانة الجريمة وتصرخ بوجوب محاكمة مقترفيها، ويزعم قادتها أن دافعهم هو حقوق الإنسان وحرية الصحافة والصحفيين، لم يطرف لهم جفن فى جرائم هائلة سابقة كانت أفضل لهم فى إثبات إخلاصهم المزعوم لما يقولون إنهم يؤمنون به، خاصة عندما كان الصحفيون يُغتالون فى بعض الميادين عمداً وهم يشهرون علامة الصحافة، فى جرائم سجَّلت القتلة بالصوت والصورة! على المستوى الكبير، هناك كواسر لهم خطط منشورة عن حاضر ومستقبل المنطقة، وقد وجدوا فى الجريمة حجة تساعد فى انضاج طبختهم، وإنْ كان يصعب حالياً الوصول إلى مستهدفاتهم، فهم يرضون بإحراز بعض النقاط تفيد بتراكمها. إضافة إلى معاركهم الداخلية ضد بعضهم بعضاً. وأما ترامب، ولأنه لم يلق تدريباً على هذه الألعاب، فله حساباته التى يفسد بها عمل بعض أجهزته السيادية الضالعة مع آخرين فى المباراة! وأما على المستوى المجهرى لكيان مثل قطر، فقد كانت حسبتها أنها تكسب من أى إضعاف للسعودية. والحقيقة أنها نجحت فى اقتناص الجريمة بأقصى سرعة، ولا تزال تنفخ فيها! [email protected]