سبقت بريطانيا دولَ التحالف الغربى فى اكتشاف جماعة الإخوان منذ نشأتها عام 1928، والأرجح أنها شاركت فى تأسيسها، وقررت الاعتماد عليها فى تنفيذ بعض سياساتها فى مصر وخارجها. أما أمريكا فقد أدركت هذا الأمر بهذا الوضوح بعدها بنحو ربع القرن فى عهد أيزنهاور. وقد صارت الحقائق أوضح من أن يدور الجدل حولها، من أن الجماعة، ومعها التنظيمات التى تبدو وكأنها أكثر تطرفاً التى انبثقت منها أو التى استوحت منها الإلهام، كل هؤلاء يحظون بدعم مباشر وغير مباشر من أجهزة الاستخبارات الغربية وبسعى هذه الأجهزة لدى حكوماتها أن تتخذ كل ما من شأنه أن يحمى هذه التنظيمات، حتى وهى متلبسة بدماء الضحايا، بل وصل الأمر فى محاولة تجميل هؤلاء الإرهابيين وإضفاء مسحة من الشرعية عليهم إلى ترويج وصفهم بأنهم «معارَضة مسلحة»!! وكأن الغرب يسمحون فى بلادهم لأحزابهم المعارِضة أن تتسلح! وأما إذا هُزِم بعضُ هؤلاء الإرهابيين فى معركة، فسوف تقدم لهم الحكومات الغربية كل العون للإبقاء على حياتهم وحماية سلامتهم وضمان انسحابهم آمنين، ثم تجميعهم فى مكامن أخرى حتى يحين حينٌ آخر! وانظر إلى ما يحدث فى سوريا! ومن أهم أسباب التلاقي، أن هذه التنظيمات تقوم، وأحياناً بحماس عقائدى ودون إملاء من أحد، بتحقيق مستهدفات هذه الأجهزة الاستخباراتية التى يهمها ألا تتورط بنفسها فى جرائم قد تُسأل عنها فى بلادها، مثل العدوان على حقوق الإنسان والتى أهمها الحق فى الحياة، وإثارة فتنة طائفية باضطهاد غير المسلمين، بل حتى المسلمين من غير المذهب الذى يعتمده الإرهابيون، ومحاربة الفنون والآداب، وتسييد الخرافة والشعوذة..إلخ، وكلها مهام تدمر المجتمعات التى تستهدف الاستخبارات الغربية إبقاءها على تخلفها، فى ظل سياسة تسعى للهيمنة، ولا تخلو من العنصرية، وتخطط لتوفير أمن إسرائيل الذى يتهدد بنهضة هذه المجتمعات. أما وقد نجح الشعب المصري، بعون من قواته المسلحة، فى إلحاق ضربة قوية ضد الإخوان، فقد حدث صدع عميق فى سياسة الغرب، يريدون ترميمه بأى طريقة، حتى بالتدليس بأن المصالحة مع الإخوان تفيد العمل الوطنى وتدعم جهود مكافحة الإرهاب..إلخ. وكما تري، فهى مؤامرة صغيرة تفترض فينا البلاهة!