هل حقاً لم يضع أحد خطة دقيقة لمواجهة القرار المتوقع أن يتخذه واحد من رؤساء أمريكا المتتابعين منذ العام 1995 حتى جاء ترامب واعتمده واعتبر القدس عاصمة إسرائيل؟ وهل لم تكن 22 عاماً فترة كافية للتفكير والدراسة ووضع السيناريوهات المتعددة وتوحيد الصف الفلسطيني..إلخ؟ بماذا تصف أن يُفاجأ القوم بقرار ترامب فيلجأون إلى تكرار سياساتهم وقراراتهم السابقة التى لم تكن مجدية قط فى مواقف شبيهة، بل فيما هو أقل خطورة؟ ولكنهم، كما يبدون هذه المرة، وللغرابة، يأملون أن يحصلوا على نتائج مغايرة! ثم تجد من يطلب الترفق بالزعامات الفلسطينية فى هذا الظرف العصيب وإتاحة الفرصة لهم ليجدوا مخرجاً! هل يكون من الصواب حقاً أن يتوقع أحد أن يجد هؤلاء مخرجاً؟ وأما إسرائيل فهى التى استعدت لقرار ترامب وأصدرت قراراً فورياً بإنشاء 14 ألف وحدة استيطانية جديدة فى الأراضى المحتلة منها 7 آلاف فى القدس! حسناً، إذا قامت أشدّ انتفاضة ممكنة ضد قرار ترامب وحظيت بأكبر دعم عربى وإسلامى وعالمي، فمن المؤكد أن إسرائيل ستواجهها بكل العنف الذى تُجرِّمه التشريعات الدولية، فهل يمكن أن تتجاوز التمنيات الحصول على أكثر من تقرير جولدستون؟ ولمن نسي، فإن جولدستون هو الذى ترأس لجنة تقصى الحقائق، بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لبحث الجرائم التى تعرضت لها غزة عام 2009، وجاء التقرير متوازناً فى إشارته لجرائم من الطرفين، ولكنها كانت سابقة قوية فى توجيه اتهامات صريحة لإسرائيل باقتراف جرائم ترقى إلى جرائم حرب، ولما انعقد المجلس لمناقشة التقرير فوجئ العالم بأن السلطة الفلسطينية تطلب سحب مناقشته. وهذه وحدها كافية لوضع مئات علامات التعجب. أضف إليها ما توالى نشره فى العالم كله، وكان أخفّ ما فيه أن الطلب الفلسطينى الغريب كان بهدف إعفاء إسرائيل من الإدانة بأمل أن ينعكس هذا على دفع مفاوضات السلام. هذا هو النهج الذى يجب أن يتغير، ليس فقط بأن يأتى آخرون يؤمنون بنفس النهج، وإنما أن يأتى من يتبنون نهجاً آخر، وبالمناسبة ليس بالضرورة أن يكون بالعنف واستخدام السلاح.