هدوء خادع بدأ يُلاحَظ على ردود الأفعال على جريمة اغتيال الصحفى السعودى جمال خاشقجي، بعد أن انتهى اليوم (1 نوفمبر) شهر كامل على وقوعها، وبعد أن تحركت القضية قليلاً عن بؤرة اهتمام الإعلام العالمى, الذى من النادر أن يُركِّز على قضية واحدة طوال هذه المدة! ويمكنك أن تُقارِن حجم وشدة التغطية هذه الأيام بما كانت عليه مع الساعات الأولى بعد إعلان الخبر! ورغم هذا الهدوء، فسوف يقترف البعض خطأ كبيراً إذا ظنّوا أن الأزمة دخلت مرحلة الانتهاء أو الكمون أو التراجع، أو أنهم سوف يقتربون يوما ما مما كانت عليه الأمور قبل الجريمة! ذلك لأن المبالغة فى فرض الموضوع فى بداياته، رغم القضايا الساخنة فى العالم هنا وهناك، تداخلت فيها أسباب متعددة، بعضها يتناقض مع بعضها الآخر، حيث شاركت أضداد، لحسابات قد لا ترتبط بالقضية، فى تصدير الموضوع، إما بدوافع التشفى والرغبة فى تخليص حسابات مع السعودية. وعلى الناحية الأخري، حملات تستهدف النزول بالاتهامات حتى لا تطال مسئولين سعوديين كبارا. وكل هذا النشاط من الطرفين يدخل فى مجال الفقاعات على السطح ولا يمس ما سوف يفرض نفسه لاحقاً على الساحة، بالحقائق المثبتة وبالتشريعات واجبة النفاذ وبالإرادات والقدرات السياسية التى يمكنها أن تُحدِث تغييرات. وإنْ كان أى تدخل لن يؤثر بشكل جذرى على المسار العملى المتوقع. أضاف إقرار السعودية رسمياً بوقوع الجريمة، وبأنها كانت مدبرة، أسساً أخرى يلتقى عندها أصحاب الموقف المبدئى مع ذوى الأغراض الأخري، منها أن الجريمة غير مسبوقة، حتى إذا تشابهت فى بعض تفاصيلها مع سوابق أخري، وأنها أكبر من أن يجرى التغافل عنها من بعض الدول ومن تنظيمات حقوقية وصحفية وجماعات ضغط قوية منتشرة عبر العالم، وأن الأطراف المتداخلة فيها تتعارض مصالحهم إلى حد الاصطدام، بين من يُصعِّد ضد من يُهوِّن، ولكنهم جمعياً سوف يقنعون بالمسار الممكن، والذى من المُرَجَّح أن الحد الأدنى من تبعاته لن يتوافق مع الهدوء البادى حالياً، وأما آثاره الشديدة على المنطقة فسوف تتتابع لاحقاً. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب