حالة من الحراك والنشاط شهدتها السفارة المصرية بالمغرب منذ تعيين السفير أشرف إبراهيم فى أكتوبر من العام الماضي. وحول رؤيته لطبيعة العلاقات المشتركة بين مصر والمغرب فى تلك الفترة بعد نحو عام من توليه منصبه سفيرا لمصر فى المغرب، أشار السفير إلى أن العلاقات بين البلدين راسخة ومستقرة وتشهد تطورا مستمرا يؤهلها لأن تصبح شراكة إستراتيجية كاملة، خصوصا وأنها تستند على تاريخ مشترك وقواسم حضارية وثقافية قوية. ويؤكد السفير أن هناك تنسيقا كبيرا بين البلدين، وعلى مختلف المحاور، فهناك تنسيق سياسي، بشأن القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومسألة القدس، إضافة إلى التنسيق بشأن الأوضاع فى ليبيا، وسوريا ،واليمن، وعلى المستوى الإفريقي، هناك تنسيق بشأن عمل الاتحاد الإفريقى وأجهزته؛ ومنها مجلس السلم والأمن الإفريقى والذى تتمتع مصر والمغرب بعضويته خصوصا فى عمليات حفظ السلام، وبؤر التوتر بالقارة الإفريقية، إضافة للتنسيق بشأن القضايا الإفريقية، خاصة فيما يتعلق بمسائل تنمية القارة ومحاربة الإرهاب وتغير المناخ. كما يقول السفير إن هناك تنسيقا أمنيا على مستوى عال بين البلدين، لمواجهة أخطار الإرهاب، خصوصا فى ضوء ما يتردد عن تواجد لتنظيم داعش الإرهابى فى بعض بلدان الغرب الإفريقي، وينوه فى هذا الإطار بالموقف المشرف للملك محمد السادس والمملكة المغربية فى دعم جهود مصر فى مواجهة الإرهاب، كتأكيد على ما يجمع البلدين من صداقة ومصير واحد. وردا على سؤال حول أسباب عدم انعقاد اللجنة العليا بين البلدين منذ فترة طويلة، قال إنه لابد أن نعرف أن اللجنة العليا بين البلدين كانت تعقد على مستوى رئيس الوزراء حتى ما قبل عام 2006 عندما تقرر فى هذا العام رفع سقف التمثيل فى اللجنة إلى مستوى القمة بين الرئيس المصرى وملك المغرب، وكان الهدف الأساسى من ذلك رفع مستوى التعاون ،والمضى قدما بالعلاقات الطيبة بين البلدين، وحل أى مشكلة بسرعة، وعقدت اللجنة العليا بالفعل فى عام 2006، وتم حل إحدى المشكلات التجارية بين البلدين حينها وكانت مشكلة السيارات وهل ينطبق عليها الإعفاءات التى تتيحها اتفاقية أغادير أم لا، وتم اتخاذ القرار على مستوى القمة بتطبيق الاتفاقية على السيارات المنتجة فى المغرب، والمشاكل التى ظهرت بعد ذلك هى أنه نظرا لوجود انشغالات لدى القيادات السياسية سواء فى مصر أو المغرب ،سواء بالأوضاع الداخلية أو الإقليمية، أو الالتزامات الدولية المختلفة لم يتم عقد هذه اللجنة على هذا المستوى الرفيع منذ 12 عاما . وبالتالى أدى السبب فى رفع مستوى التمثيل فى القمة إلى صعوبات فى انعقادها بعد ذلك، المشكلة الأخرى التى تواجهنا أيضا هى أنه خلال 12عاما ،وهى فترة كبيرة، حدثت تطورات كثيرة جدا سواء على المستوى التكنولوجي، أو على مستوى الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى المنطقة سواء أحداث «الربيع العربي»، أو حتى على مستوى التغيير فى السياسات التجارية الدولية، والأزمات على الساحة الدولية فيما يتعلق بالتجارة الدولية والاستثمار، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى كافة الاتفاقيات والمعاهدات بين البلدين وتحديث الإطار التعاقدى الذى يربطهما فى كافة المجالات، وخلال السنوات الماضية ولعدة مرات كان هناك توجه لعقد اجتماع على مستوى القمة بين البلدين ولكن لظروف عديدة هنا أوهناك تم تأجيله، وبالطبع نأمل فى انعقاد القمة فى القريب العاجل لأن انعقادها سيشكل دفعة قوية جدا للعلاقات. السفير خلال حواره مع مراسل الأهرام وأضاف أن هناك زيارات لجمعية رجال الأعمال المصريين مع رجال أعمال مغاربة لأنه من الأهمية بمكان دفع الصادرات المصرية، وأيضا دفع العلاقات التجارية فمن المهم تبادل الصادرات والواردات، وتبادل الفرص الاستثمارية بين البلدين، وهو شيء مهم وهناك تزايد كبير فى حجم التبادل التجارى وصل إلى حوالي 800-900 مليون دولار وهو رقم مهم، ونتمنى أن نزيده أكثر لأن هناك فرصا وإمكانات كبيرة لدخول صادرات وسلع كلا البلدين للبلد الآخر خاصة ونحن تربطنا بعضنا البعض اتفاقيتان تجاريتان كبيرتان وهما اتفاقية أغادير، واتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبري، وهما اتفاقيتان تتيحان للتبادل التجارى أن يكون معفى من الجمارك بشرط شهادات المنشأ وغيرها. وأشار السفير إلى أن البعثة التجارية المصرية ترصد تلك الفرص و تنسق بشأنها مع الغرف التجارية و اتحادات رجال الأعمال فى مصر، وأن ذلك يتم بشكل يومي، ويقوم المكتب التجارى بنشاط كبير جدا فى تحقيق التواصل بين رجال الأعمال سواء المصدرون أو المستوردون وفى تنظيم الزيارات المتبادلة، ورصد فرص التصدير أو الاستيراد بين البلدين. وحول آراء بعض الخبراء الاقتصاديين بشأن إقامة معارض للسلع، واعتبار ذلك أمرا ضروريا لزيادة الصادرات ودفع التبادل التجارى بشكل عام قال إن إقامة المعارض هو نشاط مهم جدا و لكن بشرط أن تكون معارض حقيقية يقصد بها البحث عن فرص وشراكات تجارية وليس معارض لبيع بعض البضائع كتجارة «الشنطة». وتناول السفير كذلك قضية اختلالات إعلامية، وخاصة فى الإعلام المصري، التى أدت إلى مشاكل بين البلدين فى الأعوام الأخيرة وسبل تلافى مثل هذا الدور السلبى للإعلام حيث أشار إلى أنه فى وقت من الأوقات كان هناك حالة من الانفلات الإعلامى وبالذات فى مصر، هذا الانفلات أو الحماسة الزائدة أدت إلى مشاكل، ففى مقابل الإعلام المكتوب الذى يتم مراجعته، يقوم بعض الإعلاميين فى البرامج التليفزيونية التى تقدم على الهواء ، بالانطلاق وتأخذهم الحماسة فيتسببون فى أزمة شديدة، قد لا يكونون بالضرورة يقصدونها،ولكن كلمة، أو جملة ،أو تعبيرا منفلتا من هؤلاء بسبب عدم الفهم أو الجهل،أو المعلومات غير الصحيحة تؤدى فورا إلى أزمة. وأضاف أن رسالته للإعلام المصرى أنه لابد من الالتزام والتحلى بالمسئولية، مشيرا إلى ضرورة تفهم أن الاختلافات السياسية هى اختلافات طبيعية، ويجب التعامل معها فى إطارها. وحول الجدل الذى يثور بين الحين والآخر عن موضوع التأشيرات، والتسهيلات الممنوحة للمغاربة لزيارة مصر، وهو ما شاع مؤخرا من أن هناك تغييرا فى إجراءات منح التأشيرة، أوضح السفير أن عملية منح التأشيرات فى كل مكان فى العالم هى عملية منظمة، وفى مصر هناك متطلبات تراعى ما نواجهه من تهديدات أمنية، وتراعى أيضا الحفاظ على النظام العام للمجتمع، وبالتالى لابد أن يكون منح التأشيرات خاضعا للتدقيق حفاظا على الأمن العام والصالح العام ، وتأشيرة مصر فيها تسهيل كبير، وحتى أسهل من منح التأشيرات من أغلب الدول العربية للمصريين، ولا يمكن الحديث أبدا عن تضييق بل بالعكس هو الصحيح. وحتى الآن، والكلام للسفير، نحن على ما سبق من إجراءات ،وقد يحدث فيها تعديل إذا ارتأت الدولة ذلك فهى مسالة تنظيمية كما قلنا تخضع لقواعد النظام العام والأمن العام . وحول السياحة أشار السفير إبراهيم إلى أن هناك تزايدا فى عدد السياح المغاربة والزيارات العادية لهم، كما أن عدد التأشيرات هذا العام هى أضعاف العام الماضى ووصلت هذا الصيف إلى نحو 30 ألف تأشيرة، وهو عدد ليس قليلا، صحيح أن أعداد السياح المغاربة لمصر كانت أكبر حتى عام 2011، ولكن بعد ذلك التاريخ وما مرت به مصر من عدم استقرار سياسى وأمنى أدى إلى تخوف السياح، مما أدى لبعض التراجع، ولكن حاليا بدأت عودة السياحة المغربية لمصر فى التصاعد بشكل كبير، وكل ما نطالب به الأشقاء فى المغرب هو أن يتقدموا للحصول على التأشيرة قبل موعد السفر بأسبوعين أو ثلاثة كما يحدث مع كل دول العالم حتى يتسنى اتباع الإجراءات المطلوبة. أما بالنسبة للوضع الثقافى وهو أهم محور فى علاقات البلدين، والرافد الذى لا ينقطع أبدا عبر التاريخ رغم أى تفاوتات سياسية يمكن ان تحدث بين البلدين، فقد أكد السفير أن العلاقات الثقافية هى مكون رئيسى بين مصر والمغرب، وأن الفن المصرى بكل فروعه، والأدب المصرى كانا يشكلان المصدر الثقافى الرئيسى للشعب المغربي، وهناك متابعة كبيرة من الشعب المغربى للثقافة المصرية، وكانت مصر ضيف شرف بمعرض الدار البيضاء للكتاب فى فبراير الماضى ، وكان المغرب ضيفا بمهرجان الأقصر عاصمة الثقافة العربية،ومدينة وجدة هى عاصمة الثقافة العربية هذا العام، ولدينا فى هذا الإطار أسبوع ثقافى مصرى فى الفترة ما بين 26-29 من الشهر الحالي، وسيشارك فيه عدد كبير من الكتاب والأدباء والفنانين والأكاديميين المصريين،وستكون هناك ندوات وتظاهرات ثقافية وفنية ، وهناك اهتمام كبير من الجانب المغربى بهذا الأسبوع الثقافى المصرى حتى من قبل اختيار مدينة وجدة كعاصمة للثقافة العربية وتسلمها لراية المهرجان من الأقصر، وهناك اتصالات مستمرة بين وزارتى الثقافة فى البلدين للتحضير لهذا الأسبوع الثقافى لأنه يعتبر محوريا فى هذه التظاهرة الكبيرة. واختتم السفير تصريحاته بالحديث عن الجالية المصرية بالمغرب حيث أوضح أنه ليس هناك حصر دقيق للجالية المصرية وعددها عموما ليس كبيرا، فالمسجلون رسميا نحو 350 شخصا، ويمكن القول أن عدد المصريين لا يتجاوز ال 1500 فرد، وهى جالية على مستوى جيد، ومشرف وليس لها مشكلات تقريبا، ويتوزعون بين عدة مدن مغربية، وهناك عدد قليل من المصريين يقيمون بالمغرب منذ الستينيات، ولهم أبناء يعيشون بشكل عادي.