استغلت بعض المواقع المشبوهة والصفحات الإلكترونية التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابى نتائج الجولة التى قام بها المبعوث الأمريكى لعملية السلام التى شملت الأردن ومصر وقطر والسعودية وإسرائيل لإثارة الشعوب العربية ضد قياداتهم بدعوى إسهامهم فى تمرير الخطة الأمريكية الجديدة التى تستهدف مواصلة فرض الوقائع الميدانية على الأرض، تمهيدا لفرض الحل الأحادى الجانب، وممارسة مزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية لإرضاء الإدارة الأمريكية، وذلك رغم وضوح ردود الفعل الفلسطينية والعربية الرافضة مشروع الصفقة، حيث أعلن الرئيس محمود عباس رفضه الواضح الصفقة المزعومة، مؤكداً أن السلطة الفلسطينية لن تتعاون مع المبادرة الأمريكية لجمع مساعدات مالية من دول الخليج لإعادة بناء قطاع غزة ، تحسبا من تداعياتها السلبية على ترسيخ الفصل السياسى بين قطاع غزة والضفة الغربية، كما أعلنت حركة حماس وجميع الفصائل الفلسطينية رفضها مشروع الصفقة، فى حين أصدرت كل من مصر والأردن والإمارات والسعودية بيانات رسمية رافضة المشروع، فى ظل عدم اشتمال الأفكار المطروحة على حلول سياسية للنزاع، وفى هذا الإطار نورد الحقائق التالية: - رفض القادة العرب مجمل الأفكار التى طرحها مبعوثو الرئيس الأمريكى لعملية السلام، فى ظل إخفاق الإدارة الأمريكية حتى الآن فى صياغة مبادرة متكاملة ونهائية لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وتركيز الوفد الأمريكى على مناقشة «الوضع الإنساني» فى قطاع غزة، وحق إدارة ترامب فى فرض حل من جانب واحد على الفلسطينيين وتعزيز أمن إسرائيل، والطلب من السعودية ودول الخليج القيام بعملية تمويل شاملة لقطاع غزة، بدعوى معالجة الأزمة الإنسانية التى يعانى منها القطاع. - تأكيد قادة مصر والأردن ضرورة التوصل إلى سلام متوازن يقوم على أساس حل الدولتين، مع تسوية مسألة القدس ضمن قضايا الوضع النهائى، ورفض أى محاولات لفصل الضفة عن القطاع، مع عدم معارضة مساعى التنمية الاقتصادية فى قطاع غزة، والتحذير من خطورة تجاوز القيادة الفلسطينية، ودعم جميع الجهود والمبادرات التى تهدف إلى التوصل لتسوية عادلة وشاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقا للشرعية الدولية القائمة على مبدأ حل الدولتين، والتوصل إلى حل متوازن وشامل للقضية الفلسطينية يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها. - سعى القيادة الفلسطينية لعقد اجتماع طارىء للمجلس المركزى خلال الشهرالحالى لاتخاذ عدد من القرارات وعلى رأسها التوصية بانتخابات رئاسية وتشريعية جديدة لتفويت الفرصة على محاولة حماس الاستحواذ على الحكم حال غياب أبو مازن استنادا لما يتيحه القانون الأساسى الفلسطينى من احقية رئيس المجلس التشريعى - عزيز الدويك- (ينتمى لحركة حماس) فى خلافته، تحسبا من انعكاسات ذلك على ترسيخ انفصال الضفة عن القطاع . - صعوبة اعتراض حركة حماس على المشاريع المدنية التى ستحسن مستوى المعيشة فى قطاع غزة، سواء تحت رعاية الأممالمتحدة أو بعض الدول العربية وعلى رأسها قطر، التى اجتمع سفيرها «محمد العمادي» مع قيادة حركة (حماس)، مقترحًا إقامة ميناء بحرى فى قبرص يخدم قطاع غزة مقابل إبرام صفقة بين حماس وإسرائيل، تسلم حماس بموجبها جثث الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها. - انسحاب الإدارة الأمريكية من مجلس حقوق الانسان، ورفض توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، واتخاذ قرار بتقليص موازنة وكالة «الأونروا» وتعريضها للانهيار والعجز فى تقديم خدماتها الصحية والتعليمية والإغاثية، وتجميد المساعدات التى تقدمها للسلطة الوطنية الفلسطينية، لممارسة مزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية. ولاشك فإن المرحلة الراهنة تعد من أخطر المراحل التى تمر بها القضية الفلسطينية نتيجة تزايد الضغوط التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى واتجاه العديد من القوى الإقليمية والدولية لدعم المخطط الإسرائيلى / الأمريكى لتحويل الانقسام بين الضفة والقطاع الى انفصال تام، وحل القضية الفلسطينية حلا إنسانيا واقتصاديا بدلا من الحل السياسى من ناحية، وتصاعد حدة الخلاف بين حركتى فتح وحماس والانقسام وحالة الاستقطاب السياسى والتنظيمى بالمناطق المحتلة من ناحية أخرى، وبما يضع مزيدا من التعقيدات أمام فرص تمكين الشعب الفلسطينى من الحصول على حقوقه الوطنية التى أقرتها الشرعية الدولية والمتمثلة فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف واستعادة حقوق اللاجئين التى نص عليها القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة بالأممالمتحدة، الأمر الذى يتطلب ضرورة تحرك مصر بثقلها السياسى والقومى لاستئناف جهودها لإنهاء هذا الانقسام البغيض، وحث القوى والفصائل الفلسطينية على تغليب المصالح القومية على المصلحة الحزبية أو الشخصية، والالتزام بالوحدة الوطنية لإفشال الصفقة التى يسعى الاحتلال لتمريرها بدعم من الإدارة الأمريكية ، وأتمنى على الجميع أن يقف صفا واحدا خلف القيادة الفلسطينية برئاسة أبومازن سواء اتفقنا معه أو اختلفنا، وبما يضمن توفير عمق إستراتيجى للرئيس الفلسطينى لتعزيز قدرته على رفض الخطوات التدريجية التى تعلنها الإدارة الأمريكية والاحتلال والحيلولة دون تقديم أى تنازلات تمس الثوابت الفلسطينية وخاصة فى القدس أو قطاع غزة. ورغم إعلان الإدارة الأمريكية اعتزامها تأجيل طرح «صفقة القرن» التى مازالت قيد البحث، إلا أنها من الناحية العملية قامت بتنفيذ بعض بنودها على الأرض، وحسمت بعض ملفات الحل النهائى لصالح إسرائيل (القدس - اللاجئين - المستوطنات - الحدود...)، فضلاعن ممارسة عمليات التحريض ضد الرئيس محمود عباس، ومطالبة الشعب الفلسطينى بالخروج على السياسات والثوابت الوطنية، بالتوازى مع العمل على إيجاد صيغة أمريكية / اسرائيلية لفصل غزة عبر مشاريع تنموية اقتصادية كبرى لتحقيق الفوضى مقابل التنمية كمدخل إغاثى للسكان، مما يعنى أن إدارة ترامب قررت تغيير قواعد اللعبة والانقلاب على العملية السياسية وإدخال المدن الفلسطينية فى فوضى وليس كما تدعى رفاهة ورخاء. وفى التقدير إحجام الإدارة الأمريكية عن إعلان مبادرتها للتسوية لحين إدخال تعديلات على بعض بنودها لضمان تمتعها بتأييد بعض القيادات الفلسطينية البديلة حتى تتمكن من تمريرها، بالتوازى مع ممارسة مزيد من الضغوط على بعض القوى الإقليمية ( إيران - سوريا ذ العراق- اليمن - الأردن ...) والمقايضة مع روسيا ببعض الملفات الإقليمية لتوفير مظلة دولية مؤيدة لمسارات الحركة السياسية والاقتصادية لتحريك حالة الجمود المسيطرة على عملية السلام فى الشرق الأوسط. لمزيد من مقالات ◀ لواء محمد عبدالمقصود