بعد ازدياد الضغوط الدولية والأمريكية أوشكت إسرائيل على الفشل فى اتباع سياستها الحالية بمسك العصا من المنتصف لتستطيع فعل كل ما يحلو لها أمام العالم، فهى لا تريد خوض عملية سلام حقيقية مع الفلسطينيين سواء كان بوساطة أمريكية أو مصرية أو غيرهما، وفى نفس الحين تريد الحافظ على أمنها بالسيطرة على قطاع غزة، لذا وضعت حكومة بنيامين نتنياهو حلولًا عديدة لضمان استمرار وضع يد الاحتلال الصهيونى على القدس وقطاع غزة والضفة الغربية. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أنه وسط ازدياد وتيرة الاحتلال بالأراضى الفلسطينية، عاد أحد هذه الحلول إلى قيد الحياة مرة أخرى، حيث كان حلًا مؤجلًا أو منسيًا، وهو ما يسمى بمشروع «الدولة المقابلة» الذى ظهر فى ظل تصاعد أجواء الرعب فى قلب إسرائيل بعد أن وجه إليها العالم أصابع الاتهام على ما ارتكبته فى جريمة عمود السحاب على يد جيش الاحتلال الإسرائيلى بقطاع غزة فى نهايات العام الماضى فى حق الشعب الفلسطينى وانتهت بهزيمته أمام صواريخ حماس وهم فى فترة هدنة منذ حينها ولكن بدأت الأوضاع ترجع إلى ما هو عليه، وأصبحت إسرائيل فى أمس الحاجة الآن لحل وسط. ويلقى حل «الدولة المقابلة» انتقادًا شديدًا بين الرأى العام الإسرائيلى ويعتبره المحللون السياسيون حلًا ينم عن ضعف إدارة حكومة نتنياهو وأن «موشيه ديان» لو كان على قيد الحياة ما سمح لاقتراح مثل هذا المشروع على ساحة الكنيست الإسرائيلى، خاصة أن إسرائيل عُرفت على مر السنوات الماضية بأنها دولة قوية وصارمة ولن تسمح بزلة سيفها أمام أحد لا سيما الفلسطينيين الذين قال على لسانهم أحمد الجعبرى قبل أن تغتاله نيران جيش الاحتلال الإسرائيلى، إنه يكره أى وجود للحياة اليهودية فى فلسطين وأنه ليس لديه أى مشكلة فى أن يعيش اليهود فى أمريكا أو انجلترا ويحارب أى وجود لهم فى الأردن، لهذا يفضل الإسرائيليون ترك أى وسيلة من وسائل السلام واللجوء إلى حل الحرب وزيادة أعداد الاستيطان. أما عن الحل الآخر الذى تضغط به إسرائيل على الرئيس الفلسطينى محمود عباس وباقى العناصر الفلسطينية من فتح وحماس، هو حل الدولتين، حيث أكدت مؤخراً للجنة المركزية لحركة فتح خلال اجتماعها برئاسة أبو مازن فى مقر الرئاسة بمدينة رام الله، رفضها كافة الضغوط على شعبها وقاداته، وجددت تأكيدها على موقفها الثابت من استحقاقات عملية السلام، وضرورة الإسراع فى عملية المصالحة الوطنية لتحقيق تقدم حقيقى فى استرداد الأراضى الفلسطينية والوقوف أمام الاحتلال الإسرائيلى بشكل أفضل والإصرار على حل إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون عاصمتها القدس. كما رفضت حركة فتح الاستجابة لأى ضغوط تمارس عليها أو على الرئيس الفلسطينى محمود عباس من قبل إسرائيل للذهاب على طاولة المفاوضات وفقا للشروط الإسرائيلية فى ظل استمرارها فى وضع مستوطناتها فى قطاع غزة والضفة الغربيةوبالقدس القديمة، ووضع المزيد من الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية أكدت اللجنة المركزية لحركة فتح خلال اجتماعها برئاسة محمود عباس رفضها كافة الضغوط على شعبنا وقيادته، وجددت تأكيدها على موقفها الثابت من استحقاقات عملية السلام. كما أن هناك ضغوطاً تمارس على السلطة الفلسطينية من إسرائيل من دول القوى الرباعية الدولية التى أجبرت الإدارة الأمريكية على إرسال وزير الخارجية جون كيرى إلى المنطقة وفتح ثغرة فى ظل الرفض الإسرائيلى والعودة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أمريكية متفق عليها من جانب فلسطين وترويض التغول الاستعمارى، لهذا من المتوقع أن يكون هناك جدل حاد بين الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية لأن هناك قطاعا كبيرا من حكومة نتنياهو ضد أى تسوية مع الفلسطينيين الآن فى حين محمود عباس مازال متمسكاً بالأهداف الوطنية والإجماع الوطنى ستعطى لجهود كيرى فرصة حقيقية لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية لا يمكنها أن تأتى إلا بعد إنجاز عملية المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس.