مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 4 مايو 2024    وكالة فيتش ترفع آفاق تصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    هل تقديم طلب التصالح على مخالفات البناء يوقف أمر الإزالة؟ رئيس «إسكان النواب» يجيب (فيديو)    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    استشهاد فلسطينيين اثنين خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدة دير الغصون شمال طولكرم    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات تشهدها البرازيل منذ 80 عاما    رسالة محمود الخطيب لسيدات السلة بعد التتويج بكأس مصر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    فوزي لقجع يكشف حقيقة تدخله في تعيين الحكام بالاتحاد الأفريقي.. وكواليس نهائي دوري أبطال 2022    أول تعليق من رئيس مكافحة المنشطات على أزمة رمضان صبحي    طارق خيري: كأس مصر هديتنا إلى جماهير الأهلي    فريدة وائل: الأهلي حقق كأس مصر عن جدارة    سيدات سلة الأهلي| نادين السلعاوي: التركيز وتنفيذ تعليمات الجهاز الفني وراء الفوز ببطولة كأس مصر    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    حالة الطقس اليوم السبت.. «الأرصاد» تحذر من ظاهرتين جويتين مؤثرتين    "التموين" تضبط 18.8 ألف طن دقيق مدعم و50 طن سكر مدعم بالجيزة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    لا ضمير ولا إنسانية.. خالد أبو بكر يستنكر ترهيب إسرائيل لأعضاء الجنائية الدولية    قناة جديدة على واتساب لإطلاع أعضاء "البيطريين" على كافة المستجدات    وقف التراخيص.. التلاعب فى لوحة سيارتك يعرضك لعقوبة صارمة    بالفضي والأحمر .. آمال ماهر تشغل السعودية بأغاني أم كلثوم    حظك اليوم برج الجدي السبت 4-5-2024 مهنيا وعاطفيا    استعدادات لاستقبال شم النسيم 2024: الفرحة والترقب تملأ الأجواء    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    مينا مسعود أحد الأبطال.. المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    رشيد مشهراوي عن «المسافة صفر»: صناع الأفلام هم الضحايا    آمال ماهر تتألق بإطلالة فضية في النصف الثاني من حفلها بالسعودية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    حدث بالفن| مايا دياب تدافع عن نيشان ضد ياسمين عز وخضوع فنان لجراحة وكواليس حفل آمال ماهر في جدة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    5 فئات ممنوعة من تناول الرنجة في شم النسيم    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    في عيد العمال.. تعرف على أهداف ودستور العمل الدولية لحماية أبناءها    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة العربية بين الصحة والتعليم
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 05 - 2018

كان الاهتمام باللغة العربية أصيلا فى مصر ولم يكن أبدا ابتكارا حديثا؛ فجيلنا يعرف ويسمع ممن سبقوه عن (المنتخب من الأدب العربي) الذى كان يوزع فى المدارس فى عهد وزارة المعارف الملكية. ويتذكر جيلنا نفسه كيف تعرفنا على جوانب الحياة فى بلادنا من بوابات اللغة العربية. فلقد تسللت مفردات اللغة إلينا من أعمال درسناها فى الصف السادس الابتدائى (كنداء البحيرة)، أو أدركنا مسار الحياة فى صعيد مصر وحوارى القاهرة وجوانب الأزهر من (الأيام)، أو تمثلنا تذوق الأدب والشعر ونقده من (حافظ وشوقي) لطه حسين. كنا ندرس تلك الأعمال فى المدارس الحكومية كالإبراهيمية او الأورمان او السنية الثانوية، ولم يحد من اهتمامنا بها أننا كنا طلاباً تحدد اهتمامهم بالعلم دون الأدب, فقد شكلت تلك الأعمال وجدان الآلاف ممن يمارسون المهن المختلفة بلغات أجنبية لاحقا فى حياتهم وتمكنوا منها كالهندسة والطب وإدارة أعمال، حول العالم من كاليفورنيا لباريس.
ولقد أثار الجدل حول اللغة العربية ودورها الذاكرة فتدافعت مشاهد إحدى مسرحيات الستينيات الشهيرة المسماة (بالدبور), ففيها يتقمص اثنان من الممثلين دور طبيبين اختلفا حول أمر ما حول سرير أحد المرضي. وهكذا يتجادل الطبيبان بلغة غريبة كالطلاسم، تزداد سرعةً وغموضاً بينما يرقد المريض وحوله باقى أطقم التمريض فى ذهول وانفصال تام عما يدور. يجسد المشهد الكوميدى حال الطب فى مصر وتعليمه السائد باللغة الإنجليزية، والفجوة بين الطبيب والمريض وتلك التى تفصل علمه ومعرفته وأولئك فى هيئات التمريض أو صناع السياسات الطبية. فصناع السياسة الصحية فى البلاد يجب أن يمتدوا بطولها وعرضها ويعبروا عن مجتمعاتها فى المدن والقري. وهؤلاء بالقطع هم المصريون والمصريات بعمومهم، ورجال السياسة أنفسهم والإداريون العاملون فى العديد من المحافظات ومؤسسات الدولة، ينظمون ويشرعون شئون الصحة فى البلاد. وكل هؤلاء أبعد ما يكونون عن لوغاريتمات الطب المطلسم بالغموض فى مفردات إفرنجية. فالطب والصحة أوسع وأشمل من علوم الطب نفسه؛ كعلوم التشريح ووظائف الأعضاء والجراحة وغيرها. فالرعاية الطبية للمريض عمل أوسع كثيراً من دور الطبيب المعالج، وما يكتبه من روشتات أو يجريه من عمليات جراحية. فالرعاية الطبية حول العالم ليست عملاً فردياً للطبيب الحكيم أو الجراح النجم، ولكنها عمل يضم العشرات، يخدمون المريض الواحد الفرد. ففى حجرات العمليات -على وجه المثال- يرقد المريض ويحيط به طاقم من الممرضات والجراحين ومساعدى غرف العمليات وممرضيها. ووراء هؤلاء فى أركان المستشفيات يوجد أيضاً من يدعمون هؤلاء عن بعد من فنيى الأشعة والمعامل والتحاليل والتشخيص بالموجات فوق الصوتية بل وهناك ايضا العاملون على المكاتب وحملة المكانس والعاملون فى النظافة، فلكل هؤلاء فى المستشفيات دور ما فى العملية الصحية. فلك أن تتخيل لو كان الطب والجراحة يتم تداولهما باللغة الصينية أو اليابانية فى بلد كبريطانيا. فهل كان كل هؤلاء سيكونون على معرفة باللغة الصينية كمثال؟
المريض هو بؤرة العملية الصحية، يحيطه جيش من العاملين يتجاوز الطبيب الفرد بمراحل. فعلى طبيب اليوم أن يمتثل لجداول المهام الطبية، فتلك تحول المهمة العلاجية الكبيرة إلى مسلسل من المهام الصغيرة تتجاوز قدرات الذاكرة والفرد ايا كانت ملكاته. مهام يتشارك فيها جيش من العاملين والعاملات ينهمكون فى العلاج ومتابعة البيانات اللحظية لتطور حالة المريض من ضغط ونبض وحرارة وسرعة للتنفس وتركيز لوجود الأكسيجين. فهل من الممكن كتابة تلك الوثائق بأى لغة غير لغة البلاد الأصلية؟.
من الأمور التى تشغل الطب الحديث هو نشر الوعى الصحى للناس والمجتمع. وتقوم بهذا فى بلاد الشمال مؤسسات تابعة للدولة فهى أكثر الجهات حيادا ففى كل بلاد العالم تقدم المعلومات الطبية للمجتمع وللناس وللمرضى بلغة البلاد الأم، فكيف لامرأة فرنسية - لم تتجاوز حدود التعليم المتوسط- أن تقرأ باللغة الإنجليزية عن سرطان الثدي؟ أو كيف لعامل حداد فى مصنع فى شمال إيطاليا أو وسط ألمانيا أن يقرأ عن كيفية التعرف على علامات الجلطة فى القلب، دون أن يكون الطب ومعلوماته متداولاً بالإيطالية والألمانية.
توطن العلم هو نشر الوعى والمنهجية والقدرة على النقد والتباعد عن الخزعبلات فى تناول ظواهر الحياة والمجتمع. فالحماس للغة العربية ودعمها ليس عملاً قومياً بل هو أحد ظواهر الديمقراطية والانحياز للناس.. كل الناس.
لمزيد من مقالات ◀ د.حازم الرفاعى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.