الطالب هو الحلقة الأضعف فى المنظومة التعليمية.. و«الخاصة» تؤثر إيجابيا على «الحكومية» رغم حداثة توليه منصبه كأمين عام لمجلس الجامعات الخاصة والأهلية، فإن مسيرته وفلسفته التعليمية تجعل للحوار أهمية خاصة، فهو يرى أن التعليم الحقيقى يتم من خلال اضلاع ثلاثة لمثلث يضم الطالب والأستاذ والعلاقة فيما بينهما، لكنه فوق ذلك يؤمن بأن الطالب هو الحلقة الاضعف فى المنظومة التعليمية فى مصر، وهو ما تجلى فى العديد من المواقف التى ظهرت فى كل المواقع التى تولى خلالها المسئولية فى الجامعة، بدءا من عمله كمدرس وأستاذ، ثم وكيل ونائب لرئيس الجامعة. يؤمن الدكتور صديق عبد السلام، أستاذ طب جراحة الانف والاذن، ونائب رئيس جامعة الاسكندرية السابق للدراسات العليا والبحوث، أن الأصل فى الأمور، هو تمهيد الطريق للطالب، لكى يسير فى الاتجاه الصحيح، انطلاقا من قاعدة تقوم على علاقة ابوية بين الاستاذ والطالب، تنتصر للطلاب لكنها فى الوقت ذاته، لا تتهاون مع أى عبث بالقيم الأخلاقية والعلمية الراسخة، لأن العبث بتلك المنظومة عنده يساوى حسبما يقول «قطع رقبة». شغلت موقع النائب لشئون الدراسات العليا والبحوث فى جامعة الإسكندرية، وتم تكريمك أكثر من مرة سواء من زملائك أو طلابك..ما ملامح معادلة النجاح التى التزمت بها خلال مشوارك العلمي؟ الموضوع يتعلق فى البداية بالإجابة على سؤال كنت أوجهه لنفسي: لماذا أنا أستاذ؟ والاجابة كانت لخدمة الطالب بالتأكيد، وتيسير حياته بما يرفع جودة تعليمه كمنتج أصلى للجامعة، لهذا فقد كان أول شيء أركز عليه فى أى مكان أتولى مسئوليته، هو تنقية اللوائح من الشوائب، وكل ما قد يعرقل المسيرة، فلم اكن أسمح بتعطيل شيء تحت دعوى ان اللائحة تقول، فاللوائح فى النهاية ليست قرآناً، لأننا من وضعناها وبأيدينا نغيرها، مادمنا وجدنا عيوبا عند التنفيذ، لذا فقد كان الحاكم عندى فى تغييرأى لائحة، أوإيقاف بند فيها، هومصلحة الطالب. ما اكثر الشكاوى التى يتقدم بها الطلاب خصوصا فى مرحلة الدراسات العليا، وكيف يمكن التعامل معها لمصلحة العملية التعليمية؟ اكثر الشكاوى فى الدراسات العليا، تخص طلاب الماجستير والدكتوراه، فأعداد الطلاب القليلة لا تتطلب وجود أرقام سرية فى الامتحانات، وأحيانا كان بعض الطلاب يتقدمون بتظلمات، تتعلق بأن مشرف الرسالة يهمل الطالب، ولا يرد عليه، أو يماطل شهورا قد تمتد لسنوات فى انجاز البحث المطلوب، ما يؤدى الى ضياع الوقت على الطالب، والامر يصبح اكثر ازعاجا فى جامعة الاسكندرية، لأننا نطبق نظام الساعات المعتمدة، نقلاً عن النظام الأمريكي، فالمقررات لها مدة صلاحية خمس سنوات، والتأخير يدخل الطالب فى إعادة دراسة للمقررات التى نجح فيها، مما يمثل عبئا على الطالب بغير ذنب، وغالباً ما كنت اتصدى لحل هذه المشاكل بالتراضي. وبعض الشكاوى كانت تتعلق بالترقيات، وقد انصفت لجنة التظلمات الكثير فى هذا الملف، فإذا ثبت أن التظلم يثبت الأحقية فى الترقي، كنت أصر على ضرورة التعويض، وان تكون الترقية من تاريخ قرار الرفض الصادر من اللجنة، وفكرة التعويض أساسها هو إرجاع الحق لصاحبه من اللجنة التى ظلمته، وأن تؤرخ ترقيته بتاريخ تقدمه الأول. عرف عنك أنك دائم التشجيع للطلاب من المعيدين والمدرسين المساعدين على السفر للخارج، فما هو الهدف من ذلك وألا يتعارض هذا الفكر مع قضية هجرة العقول المصرية؟ الموضوع يتعلق بمبادرة اطلقنا عليها فى حينها «الباحث الشاب» وكانت المبادرة تستهدف سفر مائة من الشباب أعضاء التدريس، على نفقة الجامعة سنوياً، وخصصت لهذا الأمر ميزانية من صناديق قطاع الدراسات العليا، وقبل ان أترك الجامعة كانت المجموعة الاولى المرشحة للسفر قد اجتازت الاختبارات والمقابلات الشخصية، والحقيقة ان العالم الآن يبحث عن الخريج المؤهل، او ما يطلق عليه، «الخريج العالمي» لان سوق العمل تغيرت، فلم يعد هى السوق المصرية بل السوق العالمية، وبالتالى لا يستقيم ان نستهدف خريجا عالميا، ومن يدرس له ويعلمه مدرس محلي! وقد كان الغرض هو أن يتعرض عضو هيئة التدريس الى العالم الخارجي، ويكتسب الخبرات اللازمة. والفكرة ليست هجرة العقول، وانما التأهيل بالاحتكاك والخبرة، حتى يصبح للطالب سعر حقيقى بعد حصوله على الدرجة العلمية فى السوق العالمية. لكن البعض يرى ان مثل هذه المبادرة قد تفتح الباب لمزيد من هجرة العقول للخارج؟ هى ليست كذلك كما قلت، ومن ناحية اخرى فمازالت الاستفادة من علمائنا بالخارج على القدر غير المرجو، لذلك كنت حريصا على ان نبحث فى مجلس الدراسات العليا كل شهر، أمر مجموعة من الذين سافروا للحصول على الدكتوراه، سواء بمنح شخصية أو على نفقة البعثات، ولم يعودوا الى مصر وكنت اكلف وكيل الكلية التى توجد بها مثل هذه الحالات بضرورة ان يحاولوا مرة واثنتين وعشرا، لحث هؤلاء الطلاب على العودة، واذا فشلت المهمة فليس هناك داع لأن نعاديه كجامعة، كى لانقطع الحبل السرى بيننا وبينه، على امل عودته الى بيته من جديد. وقد مررت بتلك التجربة حيث حصلت على درجة الدكتوراه فى جامعة مينسوتا، وتعرضت لكل هذا الإغراء، لكن كنت قد قررت العودة مرة أخرى لبلدى وأهلي. هل ترى أن قطار أحلامك قد وصل الى محطته النهائية؟ لا أحلم لنفسى ولكن حلمى لصالح الجامعات والتعليم، وفى حياتى أحب دائما استخدام تعبير انجليزى وهو( public servants) الخادم العام وهو تعبير حكومى يطلق على من يتقلد منصبا حكوميا، فوجودى هنا لخدمة الجامعات وتيسير عملها وليس لسلطة، فكل جامعة أدرى بظروفها واحتياجاتها، وهذا هو مبدئى فى كل مكان أتولاه سواء كعميد أو نائب رئيس جامعة والآن كأمين لمجلس الجامعات الخاصة والأهلية . هل ترى أن الجامعات الخاصة قد أثبتت وجودها وأنها رافد مكمل للتعليم العالى فى مصر؟ هما رافدان يسيران بالتوازي، قد تكون الجامعات الخاصة اقدامها غير ثابتة على الأرض، لانها مازالت جامعات ناشئة، لكن فى وقت ما مع حرية اتخاذ القرار ووجود التمويل اللازم للمشروعات الطموحة، يمكن ان تقفز قفزات بشرط ان يكون القائمون عليها مدركين للدور المنوط بهم. وهل ترى أنها رفعت المستوى وأثرت بالإيجاب على الجامعات الحكومية؟ لا أستطيع القول انها أثرت بالإيجاب ولكن فى المرحلة القادمة ستؤثر بالإيجاب وبالفعل بدأت بعض الجامعات الخاصة تثبت ان جودة التعليم عندها أعلى وهناك إقبال من سوق العمل على خريجيها أكثر و التنافس هو الذى يصنع الجودة.