رغم أن مصر قد حباها الله بأثمن من استخلفه في الأرض «الإنسان»، الذي أثبتت الدراسات العلمية أنه من أذكى ولد آدم على وجه البسيطة، إلا أن دولاً مثل ماليزيا التي كانت إلى عهد قريب أكثر فقراً وأقل تقدماً من مصر استطاعت القفز، وبالاستعانة بعقول وخبرات مصرية مهاجرة لتنطلق وتصبح من الدول الصناعية المتقدمة بإعادة هيكلة جامعاتها متماشية مع أحدث نظم التعليم العالمية، خاصة الأمريكية. ويشكل إعادة هيكلة التعليم الجامعي بخطة زمنية طموحة باستراتيجيات قومية واضحة قاطرة «إعادة بناء الإنسان المصري»، في إطار من العمل الجماعي وبالاستعانة بالعقول والخبرات المصرية المهاجرة وبمن ابتعدوا كل البعد عن التأثر بسلبيات المنظومات السائدة وتأثروا بالثقافات العالمية ليتم امتزاج الثقافة الوطنية مع الثقافات العالمية في ظل التطبيق الحازم والعادل للقوانين الداعمة لهذه الاستراتيجيات والخطط، لتعود لمصر مكانتها بين دول العالم بحضارتها العريقة وحاضرها المبهر. ولا يتأتى ذلك إلا بإصلاح المناخ التعليمي سواء كان مناهج وبرامج تعليمية أو معلمين أو أماكن تعليم بشكل يتماشى مع تنفيذ هذه الخطط والاستراتيجيات: أولاً: ربط نظام التعليم بسوق العمل عن طريق إعادة النظر فى التوزيع الجغرافي للكليات والتخصصات داخل كل جامعة وتطوير مناهجها وفق منظور ومتطلبات كل وحدة إقليمية «محافظة» حسب حاجة سوق العمل والتوزيع الديموغرافي للسكان. ثانياً: إعادة النظر فى المناهج والبرامج التعليمية ليكون التعليم باللغة الإنجليزية مثل في جميع كليات العلوم التطبيقية والهندسية والطبية لتسهل البحث والاطلاع في المراجع الأجنبية وتوفر على الدولة تأهيل المبتعثين في اللغة للحصول على الدرجات العلمية. ثالثاً: تكوين مجالس أمناء جامعات سواء كانت الحكومية أم الخاصة منها على أن يمثل المجلس الأعلى للجامعات داخل مجالس أمناء الجامعات الخاصة والأهلية وغير الحكومية ويكون من بين أعضائها أبرز رواد الصناعة والتجارة ورجال الأعمال من خريجي الجامعة نفسها لربط المؤسسة الجامعية بسوق العمل والصناعة وكذلك أبرز العلماء، خاصة علماء مصر بالمهجر من خريجي الجامعة ذاتها لتوفير الاحتكاك المطلوب مع الثقافات الأجنبية المختلفة لإثراء الجامعة. رابعاً: تخصيص جهاز لمتابعة سير العمل بالجامعات الحكومية والخاصة لعلاج ما قد يصيبها من خلل يترك بصمته السلبية على شباب الطلاب والباحثين والأساتذة ويؤثر سلباً على انتمائهم وللقضاء على المحسوبية والمجاملات وحروب الكفاءة والتفوق والنزاهة. خامساً: إلزام الجامعات الخاصة والأهلية على ابتعاث أوائل خريجيها، خاصة خريجي كليات العلوم التطبيقية والهندسية والطب لاستكمال دراساتهم العليا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه بالخارج على نفقة هذه الجامعات وعدم قصره على الدكتوراه فقط للاحتكاك بالثقافات العالمية في سن مبكرة كما كان الحال في جيل طه حسين وغيره من رواد الآداب والعلوم في مصر. سادساً: تشجيع البحث العلمي وإنشاء مراكز بحثية فى كل الجامعات بما فيها الخاصة والأهلية، وإلزام جميع الجامعات بتخصيص ميزانية للبحث العلمي وحوافز وجوائز تشجيعية للباحثين المتميزين في كل منها، وربط مراكز البحث العلمي في كل الجامعات والمراكز والمعاهد القومية وإدارة البعثات بقاعدة بيانات موحدة لتشجيع العمل الجماعي وتوفير بيانات عن الباحثين ومواضيع البحث وأجهزة البحث المتوفرة لدى كل منها ليتم التكامل بينها في ظل المخصصات المالية المتاحة. سابعاً: إعادة النظر في أسلوب تقييم الطلاب ليكون تقييماً مستمراً تراكمياً لأداء الطالب وتحصيله العلمي أثناء دراسته لا أن تعتمد فحسب على امتحانات عند انتهاء دراسة المقررات. ثامناً: العمل على إيجاد منظومة لتحقيق التكامل بين خبرات أساتذة الجامعات الذين بلغوا سن المعاش سواء في الجامعات الحكومية أو الخاصة وطموح شباب المدرسين في إدخال كل جديد تعلموه في بعثاتهم تحقق لمصر الانطلاق بخطى سريعة نحو كل حديث مستشرفة خبرات الماضي وكذلك تأهيل أعضاء هيئة التدريس بدورات تدريبية في تكنولوجيا المعلومات ليتمكنوا من مواكبة الأجيال الحديثة.