أرغب فى أن أستريح اليوم من السياسة وألاغى معكم فكرة لفتت انتباهى وشغلت تفكيرى لسنوات ويجسدها سؤال: لماذا لا تذيع بيننا قصة حب معاصرة وتشتهر؟.. إن العالم كله يعرف قصص الحب ويخلدها فى أفلام وأشعار وتماثيل ويستلهم مشاهد تاريخية لقصص حب ويعيد إشاعتها بين الناس، ولكننا فى مصر لم نعد نعرف قصص حب حقيقية على أى نحو.. ربما كان ذلك بسبب شيوع ثقافة التطرف لسنوات وهى تنظر للحب بوصفه موضوعا مخجلا أو مخالفا للدين، وبما ترسخ ذلك عبر عدة مناسبات تاريخية فجرت ينابيع الكراهية بيننا وآخرها عملية يناير عام 2011، إلا أن النتيجة النهائية هى اختفاء قصص الحب المعاصرة وتوارى الحديث فى هذا الموضوع وتلاشيه وهى ظاهرة تؤدى إلى زيادة خشونة الحياة.. إننا حتى لم نعد نعرف إحياء لقصص حب قديمة أو احتفالا بذكراها، ولم يعد أى من مشاهد حياتنا اليومية يشير إليها من قريب أو بعيد، ومؤخرا طالعت مجلة أجنبية فيها إشارة إلى مدى الأرجحية التى تحظى بها قصص الحب فى الحياة الغربية، والمدهش أن تلك الإشارة تحتفل بقصة حب عربية، يعنى يحتفلون بما لا نحتفل به وما نجتهد لحصاره وستره والتشويش عليه باعتباره أمرا غير مهم أو غير إنساني.. إشارة المجلة الأجنبية كانت لتمثال فى مدينة قرطبة يصور يدين تتلامسان ويخلد قصة حب الشاعر ابن زيدون لولادة بنت المستكفى وقد أحبا بعضهما حبا حقيقيا، وتحت التمثال حفر نحاته بيتين من الشعر أحدهما لولادة فى حب ابن زيدون قالت فيه: (أغار عليك من نفسى ومنى ومنك ومن زمانك والمكان.. ولو أنى خبأتك فى عيونى إلى يوم القيامة ما كفاني) على حين حفر النحات بيتا آخر قاله ابن زيدون فى ولادة قائلا: (يا من غدوت به فى الناس مشتهرا قلبى عليك يقاسى الهم والفكرا.. إن غبت لم ألقى إنسانا يؤنسنى وإن حضرت فكل الناس قد حضرا).. هذا التناول لقصص الحب يرقى ويهذب سلوك الناس ومشاعرهم ويضفى على الحياة لمسات من الطراوة بدلا من الوعورة والقسوة، إذ ليس من الطبيعى اختطاف المصريين وحصار مشاعرهم أو إجبارهم على إنكارها فى كهف التطرف. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع