عاجل | أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر.. أرقام قياسية يحققها المعدن الأصفر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    بعد ليلة دامية، القوات السورية والفصائل الكردية تتوصل إلى اتفاق في حلب    مشيرة إسماعيل: عشت أجواء حرب أكتوبر وسط الجنود على الجبهة وحضرت كل المعارك من تاني يوم (فيديو)    ماجد الكدواني: شخصيتي في «فيها إيه يعني» تشبهني.. إنسان عاوز يرضي الكل    نائب رئيس حزب المؤتمر: الشراكة المصرية السعودية ركيزة استقرار الشرق الأوسط    استطلاعات رأي: غالبية الفرنسيين يؤيدون استقالة ماكرون من منصبه    بعثة منتخب مصر تصل إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في تصفيات كأس العالم (صور)    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    بلاغ كاذب.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بناهيا | صور    تحميل التقييمات الأسبوعية 2025-2026 لجميع المراحل الدراسية (PDF).. رابط مباشر    بعد تغيير أسعار الفائدة.. أعلى عائد على شهادات الادخار المتاحة حاليًا بالبنوك (تفاصيل)    وزيرة التخطيط: هدفنا تحسين جودة حياة المواطن.. وسقف الاستثمارات الحكومية رفع مساهمة القطاع الخاص ل57%    "القاهرة الدولي للمونودراما" يكرّم رياض الخولي ورافايل بينيتو.. ويعلن جوائز الدورة الثامنة    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    غادة عادل: شخصيتي في «فيها إيه يعني» هدية من ربنا لايمكن أرفضها    جريمة في قلب التاريخ.. سرقة لوحة أثرية من سقارة بطريقة غامضة    قرار جديد بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    توتر متجدد بين موسكو وواشنطن بعد تصريحات ترامب حول تسليح أوكرانيا    النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    التموين: صادرات السكر البني إلى دول الكوميسا بلغت 40 ألف طن العام الماضي    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    ترامب يُعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد    أيمن عاشور: خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتصويت غير مسبوق منذ 80 عاماً    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    اشتغالة تطوير الإعلام!    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    روسيا: إسقاط 8 مسيّرات وصواريخ أوكرانية في هجمات ليلية    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الصاغة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    حوار| من الطائرة الانتحارية إلى صيحات النصر.. بطل الصاعقة يكشف كواليس حرب الاستنزاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشاعر ا بن زيدون المخزومي)
نشر في شموس يوم 29 - 08 - 2016


المجلد السادس – الجزء الاول
بقلم د فالح الكيلاني – العراق
هو ابو الوليد احمد بن عبد الله بن احمد بن غالب بن زيدون المخزومي .
ولد في جانب الرصافة من مدينة قرطبة بتاريخ الاول من رجب سنة\ 394 هجرية \ الخامس من ابريل (نيسان) سنة 1003 ميلادية وكانت قرطبة انذاك عاصمة البلاد ومنارة ا لعلم والادب والثقافة قرطبة نشأ في مدينة الرصافة وهي جزء من قرطبة ومجاورة لها وقد بناها عبد الرحمن الداخل عندما دخل الاندلس وحكمها وتعلم علومه الأولى بها ومات والده وهو فتى صغير فكفله جده وتولى تربيته وأكمل تعليمه في قرطبة فدرس الشعر والادب العربي حتى برع فيه وتمرس عليه وهو من أسرة من فقهاء قرطبة من بني مخزوم ، أبوه فقيه من بني مخزوم القرشية ، وجده لأمه صاحب الأحكام الوزير أبو بكر محمد ،وهو من بيت حسب ونسب كان والده ذا جاه عريض ومال وضياع .. وله المشورة المحترمة العالية في قرطبة وتولى جده لأمه القضاء بمدينة( سالم) ثم أحكام الشرطة والسوق في قرطبة . تعلَّم ابن زيدون في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس يَفِدُ إليها طلاب العلم من الممالك الإسلامية والنصرانية على السواء.. ولمع بين أقرانه كشاعر وكاتب .. وكان الشعر بداية تعرُّفه بولادة بنت المستكفي الخليفة الأموي الضعيف المعروف بالتخلف والركاكة الذي يقاول فيه ابو حيان التوحيدي ( كان مشتهرًا بالشرب والبطالة، سقيم السر والعلانية، أسير الشهوة، عاهر الخلوة).
احب ابن زيدون الشاعر ة والاديبة ولادة ابنة الخليفة المستكفي التي كانت شاعرة اديبة تعقد الندوات والمجالس الادبية والشعرية في بيتها وبادلته حبا بحب وقد انشد في حبها الشعر الكثير شعرا فياضا عاطفة وحنانا وشوقا ولوعة وولها . الامرالذي جعلنا نتغنى في شعره الى وقتنا هذا وسيبقى خالدا للاجيال بعدنا حبا صادقا
فراح يتقرب منها حتى نال منزلة في قلبها فبادلته الحب
وكتبت له تقول :-
ترقب إذا جن الظلام زيارتي
فإني رأيت الليل أكتم للسر
وبي منك ما لو كان للبدر ما بدا
وبالليل ما أدجى وبالنجم لم يسر.
وتواصلت لقا آتهما حتى دخل الوشاة بينهما و فرقت بينهما الأيام ففاض الوجد والحنين بعشيقته فكتبت إليه تقول:
ألا هل لنا من بعد هذا التفرق
سبيل فيشكو كل صب بما لقي
وقد كنت أوقاتالتزاور في الشتا
أبيت على جمر من الشوق المحرق
تمر الليالي لاأرى البين ينقضي
ولا الصبر من رق التشوق معتقي
سقا الله أرضا قد غدت لك منزلا
بكل سكون هاطل الوبل معدق
ولما علمت ولادة بإن حبيبها قد تولع بغيرها او هكذاصوره لها الوشاة والحاقدين عليهما فمالت عنه كل الميل فأحبت الوزير ابي عامر ابن عبدوس فندم ابن زيدون وراح يتوسل بغير جدوى وينظم الشعر مهددا الوزير ابا عامر شاكيا إلى ولادة تباريح الهوى ، وكتب إلى الوزير ابن زيدون رسالته المعروفة بالرسالة الهزلية سخر فيها منه على لسان حبيبته، فلم يلبث الوزير أن عمل على سجن الشاعر، فتم سجنه . فراح ابن زيدون في سجنه يكتب الشعر مسترحما ،و كتب إلى أبي حزم رسالته المعروفه بالرسالة الجدية مستعطفا ولكن لم يجد اذنا تصغي ولا قلبا يرحم قلبه فصمم على الهرب ، ففر من السجن في ليلة عيد الأضحى وظل متخفيا عن الانظار حتى عفا عنه ابو حزم فبعث إلى ولادة بقصيدته المشهورة بالنونية والتي تعتبر من روائع الشعر العربي وعيونه في الادب و التي من أجلها كتبت عنه وجمعت مااستطعت جمعه من عدة مؤلفات والتي يقول في مطلعها:-
أضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
الغزل عند ابن زيدون حاجة في النفس يلبي القلب نداءها ، وشوق جامح يسير في ركابه ،وثورة في الفؤاد يندفع في تيارها، فهو رجل المرأة الغاوية يهواها إلى حد الجنون والوله ويريدها ابدا طوع هواه ، ويوجه نحوها جميع ذاته وقواه ، في ترف أندلسي ، وجماح نواسي ، وقد عانى من لوعة الحب الوانا من الألم والشوق العظيم ، وقاسى في سبيل حبها أمرّ العذاب ، فعرفها رفيقة حياة، ولقي في أس هواها الف حرارة ومرارة ، فراح يسكب نفسه حسرات ، ويعصرلباب قلبه ويرسله تأوّهات وزفرات ، وإذا قصائد ه مزيج من شوق ، وذكرى , وألم ، وأمل وإذا غزله حافل بالاستعطاف والاسترحام، حافل بالمناجيات الحرّى ، والنداءات السكرى ، وإذا الأقوال منثورة مع كل نسيم ، مرددة مع كل صدى ، وإذا كل كلمة فيها رسالة حبّ وغرام ، وكل لفظة لوعة واطلاقة سهام لاحظ قوله :
إليكِ منَ الأنامِ غدا ارتياحي
وأنتِ على الزّمانِ مدى اقتراحي
وما اعترضتْ همومُ النّفسِ إلاّ
وَمِنْ ذُكْرَاكِ رَيْحاني وَرَاحي
فديْتُكِ إنّ صبرِي عنكِ صبرِي
لدى عطشِي على الماء القراحِ
وَلي أملٌ لَوِ الوَاشُونَ كَفُّوا
لأطْلَعَ غَرْسُهُ ثَمَرَ النّجَاحِ
وأعجبُ كيفَ يغلبُني عدوٌّ
رضَاكِ عليهِ منْ أمضَى سلاحِ !
وَلمَّا أنْ جَلَتْكِ ليَ اخْتِلاساً
أكُفُّ الدّهْرِ للحَيْنِ المُتَاحِ
رأيْتُ الشّمسَ تطلعُ منْ نقابٍ
وغصنَ البانِ يرفُلُ في وشاحِ
فُؤادي مِن أسى ً بكِ غيرُ خالٍ
وقلبي عن هوى ً لكِ غيرُ صاحِ
وأنْ تهدِي السّلامَ إليَ غبّاً
ولَوْ في بعضِ أنفاسِ الرّياحِ
هكذا كان غزل ابن زيدون روحا متململا ، وكيانا تتقاذفها الامواج ، و كان شعره بحر من العاطفة والوجدان ، يترقرق ترقرق الماء الزلال ، في صفاء البلور ، ولين الأعشاب على ضفاف الغدران و الانهار، وفي عذوبة تتماوج على اعطافها كل معاني الموسيقى الساحرة التي هي السحر الحلال ، موسيقى تنام على أوتارها الدهور ويغفو بين حناياها النور والجمال , و كانت الفاظه سهولة تنمو في أجواء الطبيعة الزاهية ، فتمتزج بها امتزاج الارواح بالارواح ، وإذا كل شيء في القصيدة حي نابض، وإذا كل شيء رونق وجمال، وكل شيء حلقة نورانية بين الذكرى والآمال . وفيها يقول:
إنّي ذكرْتُكِ بالزّهراء مشتاقا
والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ في أصائِلِهِ
كأنهُ رَقّ لي فاعْتَلّ إشْفَاقَا
والرّوضُ عن مائِه الفضّيّ مبتسمٌ
كما شقَقتَ عنِ اللَّبّاتِ أطواقَا
يَوْمٌ كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ
بتْنَا لها حينَ نامَ الدّهرُ سرّاقَا
نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ
جالَ النّدَى فيهِ حتى مالَ أعناقَا
كَأنّ أعْيُنَهُ إذْ عايَنَتْ أرَقى
بَكَتْ لِما بي فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا
وردٌ تألّقَ في ضاحي منابتِهِ
فازْدادَ منهُ الضّحى في العينِ إشراقَا
سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ
وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا
كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا
إليكِ لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا
فهو شاعر الاندلس وبلبلها الغرّيد كان شاعر العبقرية التي تعطي النفس من خلال الطبيعة التى تصف سناءها وشذاها ،وتعصر القلب في كؤوس الحب التي ترتشفه خالصا ، وتصعّد الزفرات والآمال أنغام سحر وروعة ،وتعتصر اللغة لتستخرج منها كل ممكناتها الشعرية والموسيقية لتشدو الحانها الشجية وقد ملكت على العرب ألبابهم في عصورهم القديمة والحديثة .
اما في حياته العامة ومناصبه :
كان ابن زيدون من الصفوة المرموقة من شباب قرطبة ؛ ومن ثم كان من الطبيعيّ أن يشارك في مسيرة الأحداث التي تمر بها .وقد ساهم بدور رئيسي في إلغاء الخلافة الأموية بقرطبة ، و شارك في تأسيس حكومة جمهورية بزعامة ( ابن جهور) وإن كان لم يشارك في ذلك بالسيف والقتال فقد كان دوره رئيسيا في توجيه السياسة وتحريك الجماهير وذلك باعتباره شاعراً معروفا ً ذائع الصيت وأحد أعلام مدينة (قرطبة ) ومن أبرز أدبائها المعروفين ، فسخر جاهه وثراءه وبيانه في توجيه الرأي العام وتحريك الناس نحو الوجهة التي يريد.
حظي ابن زيدون بمنصب الوزارة في عند ( ابن جهور ) واعتمد عليه الحاكم الجديد في سفارته بينه وبين الملوك المجاورين ، إلا أن هذا لم يشف طموح ( ابن زيدون ) بحيث يكون ظلاً للحاكم اذ كان طموحا. فاستغل اعداؤه هذا الطموح فأوغروا عليه صدر صديقه القديم ونجحوا في الوقيعة بينهما حتى انتهت العلاقة بين الشاعر والأمير إلى مصيرها المحتوم . يقول في قصيدته :
وَيَهتاجُ قَصرُ الفارِسِيِّ صَبابَةً
لِقَلبِيَ لاتَألو زِنادَ الأَسى قَدحا
وَلَيسَ ذَميماً عَهدُ مَجلِسِ ناصِحٍ
فَأَقبَلَ في فَرطِ الوَلوعِ بِهِ نُصحا
كَأَنِّيَ لَم أَشهَد لَدى عَينِ شَهدَةٍ
نِزالَ عِتابٍ كانَ آخِرُهُ الفَتحا
وَقائِعُ جانيها التَجَنّي فَإِن مَشى
سَفيرُ خُضوعٍ بَينَنا أَكَّدَ الصُلحا
فقد ترقى ابن زيدون في الادارة الى ان تمكن من ادارة الدولة سياسيا واصبح مشرفا على الديوان فيها فقد تولى ابن زيدون الوزارة لأبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة، وكان سفيره إلى أمراء الطوائف في الأندلس ثم اتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، فحبسه حاول ابن زيدون استعطاف ابن جهور برسائله فلم يعطف عليه. وفي عام \441 هجرية \ 1050 ميلادية ، تمكن ابن زيدون من الهرب من سجنه ولحق ببلاط المعتضد بالله .
انتقل الى مدينة بلنسية ثم الى الزهراء ثم استقر به المقام في مدينة اشبيلية فتلقاه اميرها المعتضد بالله بلقاء حسن فاكرمه ونعمه واستوزه فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً ولقب بذي الوزارتين واقر بقاءه في منصبه ثم اثبته المعتمد بن عباد في حكمه ايضا ثم زادت مكانته وارتفعت في عهد المعتمد بن المعتضد، ودان له السرور وأصبحت حياته كلها أفراحًا لا يشوبها سوى حساده في بلاط المعتمد مثل (ابن عمار) و (ابن مرتين) اللذين كانا سببًا في هلاكه إذ ثارت العامة في أشبيلية على اليهود فاقترحا على المعتمد بن عباد إرسال ابن زيدون لتهدئة الموقف، واضطر ابن زيدون لتنفيذ أمر المعتمد رغم مرضه وكبر سنه، فأجهده ذلك وزاد المرض عليه فدهمه الموت وبقي في اشبيلية حتى وافاه الاجل.
توفي الشاعر ابن زيدون في الخامس عشر من رجب سنة \ 463 هجرية \1078ميلادية عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عاما .
يمتاز شعره بسلاسة النظم وعذوبته وسهولة اللفظ ورقة المعاني وحسن الصناعة الشعرية وبراعتها ويعتبر متنبي بلاد الاندلس لتماثل شعره بشعرالمتنبي وتقليده اياه وقد نظم في اغلب الاغراض الشعرية وخاصة في الغزل .
ومن قوله في حب ولاده بعد ان هجرته واحبت غيره لكنه بقى محبا لها ذاكرا شوقه حبه ولوعته اليها هذه الابيات من قصيدة تعد من روائع وعيون الشعر العربي يقول فيها :-
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا
وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا
حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم
حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا
أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا
بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا
وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم
رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد بنا،
ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه
وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا
شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا
يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ
سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا
وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية
قطوفُها فجنينا منه ما شِينا
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
ا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا
أن طالما غيَّر النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا
واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا
إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا
ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا
من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا
فهل أرى الدهر يَقصينا مُساعَفةً
منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا
ربيب ملك كأن الله أنشأه
مسكًا وقدَّر إنشاء الورى طينا
أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه
مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا
إذا تَأَوَّد آدته رفاهيَة تُومُ
العُقُود وأَدْمَته البُرى لِينا
كانت له الشمسُ ظِئْرًا في أَكِلَّتِه
بل ما تَجَلَّى لها إلا أحايينا
كأنما أثبتت في صحن وجنته
زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينا
ما ضَرَّ أن لم نكن أكفاءَه شرفًا
وفي المودة كافٍ من تَكَافينا
يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا
وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا
ويا حياةً تَمَلَّيْنا بزهرتها
مُنًى ضُرُوبًا ولذَّاتٍ أفانِينا
ويا نعيمًا خَطَرْنا من غَضَارته
في وَشْي نُعمى سَحَبْنا ذَيْلَه حِينا
لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة
فقدرك المعتلى عن ذاك يُغنينا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ
فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا
يا جنةَ الخلد أُبدلنا بسَلْسِلها
والكوثر العذب زَقُّومًا وغِسلينا
كأننا لم نَبِت والوصل ثالثنا
والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينا
سِرَّانِ في خاطرِ الظَّلْماء يَكتُمُنا
حتى يكاد لسان الصبح يُفشينا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
عنه النُّهَى وتَركْنا الصبر ناسِينا
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّوى سُوَرًا
مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا
أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله
شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا
لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه
سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ
لكن عدتنا على كره عوادينا
نأسى عليك إذا حُثَّت مُشَعْشَعةً
فينا الشَّمُول وغنَّانا مُغَنِّينا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى من شمائلنا
سِيمَا ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً
فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا
فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا
ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا
ولو صَبَا نَحْوَنا من عُلْوِ مَطْلَعِه
بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشاكِ يُصْبِينا
أَوْلِي وفاءً وإن لم تَبْذُلِي صِلَةً
فالطيفُ يُقْنِعُنا والذِّكْرُ يَكْفِينا
وفي الجوابِ متاعٌ لو شفعتِ به
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْتِ تُولِينا
عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ
صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا
اميرالبيان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلدروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.