حقا إن الإنسان لا يشعر باللوعة والأسى، إلا عندما يدب الموت أو «بعيد عنكم» الفضيحة أو الكارثة والمصيبة والوكسة فى قلب البيت! وهذا ما حدث لنا شلة من الصحفيين على الإعلاميين على الأطباء من الأصدقاء بحكم زمالة المدرسة والكلية والجيرة. لقد فجرت الكارثة التى حدثت لنا قضية مرت أمامنا منذ سنوات ولم نتوقف عندها!! عندما قامت «امرأة» أجرت ساعتين على الهواء يوميا لحسابها من إحدى القنوات إياها لتسب وتلعن وكانت بلا فخر إحدى ضحاياها صديقة دراسة لنا!! إنها قضية إعلامية وغير صحفية.. لكن بما أن الإعلام والصحافة وجهان لعملة واحدة، إذا فسد وجه منها أفسد الآخر، وشوه صورته.. فهذا ما حدث مع الأساتذة الكبار الذين ظنوا أنهم بعيدون عن تلوث ثيابهم فى البرامج إياها المسماة «التوك توك شو». وبما أن الله قد عافانى منذ زمن والحمد لله، وقليل من زملائى الكبار من المشاركة فى تلك المهزلة الإعلامية التى بدأت منذ أكثر من ربع قرن، عندما خرجت علينا القنوات الفضائية المملوكة لأشخاص هدفها الربح والضجة والفضائح، وكله يهون فى سبيل الإعلان، واهو الفرق حرف واحد بين الإعلام والإعلان، لكن النتيجة ملايين أصبحت مليارات فى جيب صاحب القناة، ونجوم الفضائح الذين كانوا من قبل إعلاميين أو صحفيين! و«من ذقنه وافتله»، أصبح هذا شعار وهدف تلك البرامج فى مثل تلك القنوات، واختلط الحابل بالنابل، والدفع أصبح للركب للضيوف من نجوم المجتمع والصحافة والإعلام ليضرب هذا وذاك، دوكهمة يضربون دولهمة، والمعركة حامية والميت هو المشاهد الذى أخذ يدفع من وقته وماله واشتراكه فى تلك القنوات من مشفرة لمعمرة لمدعمة لممولة، وكلما زادت نسبة المشاهدة والفضائح والخناقات والردح من البلكونات الفضائية، زادت نسبة الإعلانات، وكل برغوت لا مؤاخذة على قد دمه، وإذا ترجمناها أصبح كل برنامج على قد إعلاناته والفايدة فى جيب «المقدم المذيع الذى أصبح نجما»، ومن قبله طبعا صاحب القناة.. وممولها!! وبدل قناة واحدة، كانت قد ظهرت منذ ربع قرن أصبحت اثنتين وثلاثا وعشرة وعشرات، والكل يسبح فى بحر الفضائح والغرائز، بدءا من الرياضة والنميمة، انتهاء بالدراما والفن مع الأسف.. وانضرب وجه العملة المسمى بالإعلام وهكذا أصبحنا كلنا نتصف ونقذف ونتهم بالإسفاف والوضاعة والانتهازية واللا أخلاقية، واتفضحنا كلنا بشلة المعلم وأصبحنا كلنا هذا الرجل المسف واختلط الحابل من الإعلام بالنابل من الصحافة والكل عند المشاهد «صابون» عفوا أقصد إعلامي!! ودخلت الراقصات ثم زاحمتنا كل المهن وفتحت القنوات الإعلانية وأصبح الهدف هو «الناس». وبدأت الكارثة تظهر وبعد أن كانت تلك القنوات تؤجر الهواء وتحضر صحفيا أو إعلاميا يحضر بالتالى بإعلاناته ومشاهديه، قررت التأجير مباشرة الهواء لمن يدفع بغض النظر إذا كان. أو كانت إعلاميا أو صحفيا أو طبيبا أو راقصة أو «باش موهندز» أو صاحب مسمط أو تاجر «كل شيء».. «كل شيء» وياريت نأخذ بالنا من كلمة كل شيء وأى شيء. ففوجئنا ببرامج هواؤها مبدع بالملايين لأشخاص مجهولى الهوية وتقوم واحدة منهن «بشرشحة» زميلة لها اختلفت معها على قضية «نسائية» خاصة جدا ونحن المشاهدين نجلس مثل بلاص العسل الفاضى نشاهد ونشاهد وننم ونسأل ونقزقز اللب ويضيع الوقت ومعه أشياء أخرى.. ثم نقلب لنجد طبيبا معه كام مليون! يستأجر هو أيضا الهواء «وهات يا دش» وترويج لمنتجاته وإبداعاته وافتكاساته «واحنا قاعدين»!!! وعلى رأى أحمد بهاء الدين عندما قال عن الانفتاح «سداح مداح» وكأنه كان يقرأ غيب الانفتاح الاقتصادى والإعلامى والسياسى والفكرى والثقافى.. وبالمناسبة يا مشاهدي برامج التوك شو إذا كنتم لا تعلمون، من هو.. أحمد بهاء الدين؟ لقد كان كاتبا صحفيا مفكرا عظيما أيام السادات، ومن قبله جمال عبد الناصر. أقدم هذه القضية الإرهابية لأولى الأمر وعلى رأى البرنامج الذى كانت تقدمه واحدة لا أذكر اسمها «قبل أن تحاسبوا» من المولى عز وجل، فالكلمة مقدسة لا يمكن أن تعامل وتؤجر وتباع فى سوق النخاسة الإعلانية.