قبل أن تنتشر الفضائيات فى مصر والعالم العربى كان من الصعب أن تسمع لفظا أو عبارة خارجة من مذيع أو مقدم برامج..لأن لقب إعلامى الذى يوصف به كل من هب ودب لم يكن رائجا كان مقدم البرامج مقدم برامج والصحفى صحفيا والناقد- أيام ما كان عندنا نقاد- ناقدا. ومع التحولات التى أحدثتها ثورة التكنولوجيا فى العالم وأصيبت بها مصر اصابة فى العقل، اختلطت المسميات، وامتلأت جداول نقابة الصحفيين حتى أصبحت بالآلاف ووصل عدد القنوات الفضائية المائة قناة تبث من مصر ومن خارجها، فاختلط الحابل بالنابل وتم تأصيل لقب إعلامى لتجده هو الرسمى لكل من يقدم برنامجا تليفزيونيا، أو يعمل فى هذا المجال، بل وكل من يدخل من البوابة الرئيسية لمدينة الإنتاج الإعلامى..هذه السطور المملة فرضت نفسها علي قبل أن اكتب عن الخيبة التى نعيشها وهى أننا أحترفنا تشويه كل شىء لا لشىء سوى ان المصالح الخاصة تلعب دورها بقوة. فإن تعارضت مصالح إعلامى من بتوع اليومين دول مع فكر ثورة 25 يناير تبقى ثورة مغشوشة، كأن بها سما قاتلا، لا تتحدث عنها، ولا تقترب منها، وإن تحدثت عن فترة حكم مبارك وكنت ممن ظلموا فى عصره ستقول انه عصر الفساد والقهر..وأن كان الإعلامى ممن قبلوا يد جمال مبارك واستفادوا من زمنه مؤكد أن برامجهم ستتعامل مع الأمور بحساسية..كما يفعل أحد الصحفيين الكبار وهو يقدم برنامجا وله صور وهو يقبل فيها يد جمال مبارك.. هذا الرجل الذى وصف فى فترات طويلة بأنه متلون..أجاد رسم الوجه القبيح للإعلام المدافع عن ثورة يناير مع أنه كان مدافعا عنها فى البداية، ثم راح يغير الصورة ليسب ويهاجم عصر مبارك، ثم اكتشف أن الأوراق "تلخبطت" وهوه مش عارف يعمل ايه..يبقى مع مين ضد مين..وقف فترة على الحياد، ثم عاد هذه الأيام مع حزب الساعين لمقاعد البرلمان مكونين "لوبى" هدفه تشويه كل ما له علاقة بالإعلام النظيف.. أجدنا أن نشوه كل شىء وأعتقد أن حالة التشويه واللخبطة التى حدثت للشباب ممن عزفوا عن الانتخابات البرلمانية فى المرحلة الأولى واعادتها كان هذه المسمى بالإعلام اذا جاز أن نطلق على برامج التوك شو بإعلام السبب الرئيسى..لم يعد الشباب يعرفون الصالح من الطالح، الكويس من الوحش الصورة التى رسمها الإعلام لهم قاتمة، تشويه فى الرموز والاحداث والمواقف والناس وتخوين وتلفيق وكلام فاضى حتى على شاشات التليفزيون المصرى الذى لم نعتد منه أن يجلس ضيفا ليسب ويهاجم وهو غير مدرك لما يقول وثقافته لا تؤهله حتى لأن يعى أبعاد علاقات دول أو رؤسائها، والكارثة هى اللقب الذى يسبق كل هؤلاء "الإعلامى الكبير" و"الناقد المخضرم"و..و..ألقاب ما أنزل الله بها من سلطان وكأنه طرابيش الباشاوية أو الباكوية إذا لم تمنح له صار انسانا عاديا. ناهيك طبعا عما حدث فى أزمة مثل ريهام سعيد التى نتمنى أن تكون هى القشة التى قصمت ظهر ما نسميه إعلام الفضائح وكشف عورات الناس، نتمنى أن يعى وائل الابراشى هذا الدرس ويتوقف ويعى خالد صلاح وأحمد موسى وتوفيق عكاشة ولميس الحديدى وخيرى رمضان وعمرو أديب ويوسف الحسينى هذا الدرس القاسى..وجه مصر يتم تشويهه بسبب ما يقال فى برامجكم فارحموا هذا الوطن نحبه لا نتمنى أن نتحول الى لبانة فى فم كل انسان ليس مصريا..ارحموا هذا البلد وكفانا تشويها فى كل شىء وفى صورة هذا البلد.