ضياء داوود: التمديد للحكومة الحالية يتجاوز حدود المنطق واستقرار البلاد    وزير العمل يلتقي مُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    إطلاق اسم الشيخ محمد رفعت على المسابقة العالمية الحادية والثلاثين للقرآن الكريم    مؤتمر "العلم والإيمان" يجمع المجمع العلمى والأزهر والإفتاء والكنيسة الأسقفية على مائدة واحدة    «بنك مصر» شريكًا استراتيجيًا ومستثمرًا رئيسيًا في مشروع بالمزاد أول منصة رقمية للمزادات العلنية في مصر    «المركزي» يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لتوفيق أوضاعها في التعامل مع شركات نقل الأموال    البورصة المصرية.. «EGX30» يتراجع وحيدًا في منتصف التعاملات    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    رئيسا البورصة المصرية والرقابة المالية يشهدان بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع    كارثة إنسانية جديدة ضد شعب فلسطين.. هجوم قوات الاحتلال على رفح الفلسطينية تحد صارخ لإرادة المجتمع الدولي.. سياسيون: مصر لن تتراجع عن جهودها في تفعيل الهدنة ولإرساء السلام    بيان مشترك..الصين وفرنسا تدعمان إنشاء دولة فلسطين المستقلة    تين هاج بعد رباعية كريستال بالاس: هذا فقط ما أفكر فيه    ضبط 4 أطنان أسماك ودواجن منتهية الصلاحية بالشرقية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    دم المصريين خط أحمر| «السرب» ملحمة وطنية تليق بالفن المصري    أمين الفتوى يحذر من فوبيا جديدة منتشرة (فيديو)    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بالقرى    الكبد الدهني.. احذر هذه الأعراض المبكرة    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    العراق تقدم مشروع قانون لحماية النازحين داخلياً فى الدول العربية    الأردن.. الخصاونة يستقبل رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للمملكة    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    هل يشبه حورية البحر أم الطاووس؟.. جدل بسبب فستان هذه النجمة في حفل met gala 2024    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    بأمريكا.. وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلاً غنائيًا    أوكرانيا تعلن القبض على "عملاء" لروسيا خططوا لاغتيال زيلينسكي ومسؤولين كبار    مسؤول إسرائيلي: اجتياح رفح يهدف للضغط على حماس    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    وزير الصحة يتفقد مستشفى حروق أهل مصر.. ويؤكد: صرح طبي متميز يٌضاف للمنظومة الصحية في مصر    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    تريلا دخلت في الموتوسيكل.. إصابة شقيقين في حادث بالشرقية    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    سعر الأرز اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في الأسواق    عاجل:- التعليم تعلن موعد تسليم أرقام جلوس امتحانات الثانوية العامة 2024    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام.. والسلطة الدينية (3)

المتاجرون بالدين عندنا ممن ينتمون لجماعات الإسلام السياسى وممن يعملون فى بعض المؤسسات الدينية التابعة للدولة يتناقضون مع أنفسهم حين يزعمون أن الإسلام ليست فيه سلطة دينية، فى الوقت الذى يرفعون فيه الشعار الذى رفعه الخوارج: لا حكم إلا لله! ويواصلون فيه سعيهم الملهوف إلى السلطة لينوبوا عن الله فى الحكم!
وهناك من يظن أن هؤلاء قلة متطرفة تسير فى الطريق الذى سار فيه سيد قطب وابتعد فيه عن طريق الإخوان الذين لا يريدون بحسب هذا الظن إلا تطبيق أحكام الشريعة وإحلالها محل القوانين الوضعية، دون أن يلجأوا فى ذلك للعنف أو يهدموا الدولة الوطنية. لكن الذين يظنون هذا الظن لا يخدعون إلا أمثالهم. وما علينا إلا أن نعود لشعارات الإخوان لنتأكد من أنها هى الأصل الذى نقلت عنه كل الجماعات الإرهابية شعاراتها.
ولنتذكر قبل كل شيء أن جماعة الإخوان نشأت فى العشرينيات الأخيرة من القرن الماضى كرد فعل على قيام الدولة الوطنية المصرية بعد ثورة 1919 وعلى إعلان الدستور الذى نص على أن «جميع السلطات مصدرها الأمة»، كما أنها كانت ردا على إعلان الجمهورية فى تركيا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية التى كانت تعتبر استمرارا للخلافة الإسلامية، وكانت بهذه الصفة تفرض سيادتها على مصر.
حسن البنا اعتبر سقوط الإمبراطورية العثمانية انتصارا للغرب المسيحي، كما اعتبر قيام الدولة المصرية بمقوماتها الوطنية ونظامها الديمقراطى خروجا على الإسلام، ومن هنا وضع شعاراته ليكون كل منها ردا أو بالأحرى نقضا لمبدأ من المبادئ التى قامت على أساسها الدولة الوطنية سواء فى مصر أو فى تركيا. فإذا كان الوطن واستقلاله هو الغاية التى أشعلت حماسة المصريين وحركتهم للثورة على المحتلين الأجانب، فحسن البنا يسقط الوطن ويضع الله فى مكانه ويقول: الله غايتنا! كأن الدين والوطن فى نظره هو وأمثاله لا يجتمعان. وكأن علينا أن نختار انتماء واحدا من الانتماءين. إذا اخترنا الوطن تخلينا عن الإسلام، وإذا اخترنا الإسلام تخلينا عن الوطن وقلنا لمصر «طظ!» كما فعل مهدى عاكف خليفة حسن البنا الذى وصل به تنكره لوطنه إلى حد استخدام هذه العبارة البذيئة!
والواقع أن مسألة الانتماء للدين والوطن كانت فى ذلك الوقت مطروحة على المصريين الذين كان عليهم أن يتحرروا من الاحتلال البريطاني. لكن الحركة الوطنية المصرية لم تكن اتجاها واحدا. الحزب الوطنى بزعامة مصطفى كامل يحارب الإنجليز، لكنه كان مع بقاء مصر تحت السيادة العثمانية، لأن مصر الداخلة فى إمبراطورية العثمانيين لا تحارب الإنجليز وحدها. بل تستعين عليهم بالأتراك ولأن ارتباط مصر بالسلطنة العثمانية يرضى عواطف المصريين الدينية ويشجعهم على محاربة الإنجليز. أما زعماء حزبى الأمة والوفد فكانوا يطالبون بالاستقلال التام عن الإنجليز وعن الأتراك معا. لأن التبعية للأتراك الذين احتلوا مصر أربعمائة سنة ليست أفضل من التبعية لغيرهم. وقد دخل الإنجليز مصر تحت سمع الأتراك وبصرهم وظلوا يحتلونها عاما بعد عام دون أن يحرك هؤلاء ساكنا، فضلا عن أن التمييز بين الأتراك والإنجليز لا يساعد المصريين على أن يقفوا جميعا متحدين مسلمين ومسيحيين تحت راية النضال الوطنى فى سبيل الحرية التى لا يصح لا فى العقل ولا فى النقل أن يتنازلوا عنها للأتراك حتى يحصلوا عليها من الإنجليز. فالحرية لاتتعارض مع الدين. وهى ليست قيمة سياسية فقط وإنما هى قيمة دينية أيضا، لأنها شرط وجود لا يكون بدونه اختيار، ولا تكون مسئولية. وإذن فالحرية شرط لصحة الاعتقاد وأداء الواجب المترتب عليه. ومن هنا نصت كل الدساتير على احترام حرية الرأى وحرية العقيدة، لأن الحرية لا تتجزأ ولا تكون مضمونة مصونة إلا فى وطن حر ونظام ديمقراطى يحترم حقنا فى أن نختلف ويضمن لنا أن نظل مع اختلافنا متحدين متضامنين طالما عرفنا للدين حقه وللوطن حقه، وهذا ما عبرت عنه الثورة المصرية، ثورة 1919، فى شعارها الملهم الذى استظل بظله سعد زغلول، والنحاس، وعبد العزيز فهمي، وأحمد لطفى السيد، ومكرم عبيد، وويصا واصف، وتوفيق أندراوس، وفخرى عبد النور: الدين لله، والوطن للجميع، وما عبر عنه شعراء الثورة وفنانوها فى أغانيهم وأناشيدهم كما فعل سيد درويش فى لحن «السياس» من أوبريت «قولوله» وفيه يقول:
إن كنت صحيح بدك تخدم
مصر أم الدينا وتتقدم
لا تقول نصرانى ولا مسلم
ولا يهودى يا شيخ اتعلم
اللى أوطانهم تجمعهم
عمر الأديان ما تفرقهم!
لكن ثورة 1919 وإن كانت يقظة تاريخية لم تعرفها مصر من قبل لم توقظ كل المصريين الذين عاشوا تحت نير الغزاة الأجانب عصورا متوالية فقد فيها بعضهم شعوره بالزمن وولاءه للوطن واحتمى بانتساب مشكوك فيه للدين جعله يقف من الثورة ومن شعاراتها موقف العداء السافر. فهو عدو لدود للدولة الوطنية، وللديمقراطية، وللمواطنة، ولفصل الدين عن الدولة. وهو على العكس يدافع عن خلافة آل عثمان ويحلم بأن يعيش فى ظلها إلى الأبد. فإن كان الأتراك قد أسقطوها فى بلادهم فهذا الفريق المتخلف من المصريين ينادى بتنصيب الملك فؤاد خليفة، أى نائبا عن الله يحكم باسمه فلا دستور، ولا برلمان، ولا حرية لأن الحكم لله لا شريك له فيه ولا معارضة. وانطلاقا من هذا الفكر المظلم وضع حسن البنا وجماعته شعاراتهم التى نقضوا فى كل منها مبدأ من مبادئ الثورة. فالغاية ليست الوطن وإنما هى الله. والزعيم هو الرسول وليس سعد زغلول. والدستور هو القرآن وليس القانون. أما الطريق إلى السلطة فهو الجهاد، أى السيف. ومن الطبيعى أن تكون أسمى أمنية يتمناها هؤلاء الذين يكرهون مصر، ويكرهون الحرية، ويكرهون العالم كله هى الموت!
لكنهم فى هذا كله ورغم هذا كله لا يرون فى الإسلام سلطة دينية؟!
لمزيد من مقالات أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.