لا شيء يثير الأسى فى المشهد العربى الراهن قدر استمرار التشبث بأفكار العصر الجاهلى ونحن فى القرن الحادى والعشرون حيث مازال بيننا قادة ومفكرون يعيشون ويتعيشون بأفكار الجاهلية التى لا مجال فيها لأى مساحة ولو محدودة للخلاف فى الرأى تحت مظلة الود والاحترام المتبادل بل هناك من لا يزالون يصنفون من يختلفون معهم فى الرأى على أنهم أعداء. لقد تحولت حياتنا إلى صراخ وزعيق وسباب واتهامات تنطلق عبر مئات الفضائيات لكى تتوه الحقائق وتسود الأكاذيب وتتعمق الفتن. أصبحنا وللأسف الشديد أمة «الإخوة الأعداء» التى يشار إليها بأنها أصبحت عنوانا للحروب العبثية والصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية وميدانا فسيحا لأرواح تزهق ودماء تسفك وبيوت وعمائر تتهدم على رءوس قاطنيها وأغلبهم شيوخ عجائز ونساء أرامل وأطفال يتامي. ما الذى جنيناه من سنوات الفوضى والخراب تحت رايات مضللة باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان.. ألم يكن بمقدورنا أن نختلف ليس فقط حول الوسائل والآليات التى تحقق أهدافنا ومقاصدنا فى العيش الكريم بل ونختلف أيضا حول المباديء والرؤى التى تصل بنا إلى ما نريد دون اقتتال ودون صراع ودون وصاية من أى فصيل يزعم أنه وحده الذى يمتلك الحقيقة ومن حقه أن يفرضها على الجميع بالقوة والإكراه. ويا أمة «الإخوة الأعداء» كفانا ما حل بنا وهيا للخروج بأمتنا من أجواء «الهجاء» التى لم يعد هذا زمانها ولا مكانها الصحيح وأن نتجه بصدق نحو أجواء جديدة حتى نستطيع أن نغلق صفحة السنوات السبع العجاف ونتمكن من إزالة كل السحب والغيوم من سماء الأمة! ولم أكن فى سطر واحد مما كتبت بعيدا عن أجواء اللطمة القاسية التى وجهها الرئيس الأمريكى ترامب للأمة العربية والإسلامية باعتماد القدس عاصمة لإسرائيل.. وهى لطمة لم يكن ليجرؤ على اتخاذها لولا ما جرى لنا فى السنوات الأخيرة وأصبح يشار إلينا بأننا أمة الإخوة الأعداء! خير الكلام: من لانت كلمته وجبت محبته والبشاشة مصيدة المودة ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله