ونحن نعيش فرحة الاحتفال بعيد الأضحى المبارك وأداء ملايين المسلمين فريضة الحج وصعود منى والوقوف على عرفة والطواف حول الكعبة علينا أن نعى وأن نتذكر أن عظمة الإسلام الحقيقية تكمن فى أنه لم يكن مجرد رسالة سماوية تنص على التعاليم الدينية فقط وإنما فى أنه جاء بمنزلة رسالة استنارة للبشرية من أجل الخروج من ظلمات التعصب والجمود الفكرى إلى أنوار السماحة والإخاء. وأقول صراحة: إن الذى يدعونى إلى الدق بشدة مجددا حول جوهر الاسلام اننا وبعد أكثر من 14 قرنا مع الإسلام مازال بيننا من يعيشون بأفكار الجاهلية التى لا مجال فيها للخلاف فى الرأى تحت مظلة الود والاحترام المتبادل الذى يدعو إليه الاسلام. والحقيقة اننى كنت أتمنى أن أستمع فى خطبة العيد إلى نداء يتردد على منابر كل مساجد الأمة من أجل حوار مفتوح حول سؤال ضرورى هو: كيف نتدارك ما فاتنا وأن نحمى الأجيال الجديدة من هذه الآفة المتوارثة التى يعود إليها جانب كبير من مسئولية التفكك والتشتت والانقسام. أتحدث عن خطاب دينى عقيم لابد أن نسعى لتجديده حتى نعرى ونحاصر الزنادقة الذين يضعون من يختلف معهم فى الرأى فى خانة الأعداء الذين تجب ملاحقتهم بدءا من اتهامهم بالجهل وانتهاء بنعتهم بالإلحاد! إن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى أى مساس بثوابت العقيدة وإنما هو دعوة لوقفة صريحة مع النفس والذات حماية لحرية الرأى وحرية الاعتقاد كما تنص الشريعة الاسلامية والتى لا يجوز تحت راياتها وباسمها أن يتحول الخلاف فى الرأى إلى تراشق مهين وتنابذ فج وتطاول جارح أو أن يدعى أحد الحق وحده فى امتلاك الرؤية الصحيحة والتفسير السديد لأى قضية. تجديد الخطاب الدينى هو سبيلنا للخروج من أجواء الهجاء والصراخ والزعيق بعد أن أعادت الفضائيات إحياء الأجواء القديمة لسوق عكاظ عندما كان الحابل يختلط بالنابل وتتوه الحقائق بتأثير الكلمات الساحرة والمفردات الخادعة لشعراء الزمن القديم. خير الكلام: اللسان سيف قاطع لا يؤمن حده! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله