شهدت الدولة المصرية واحدة من أعنف العمليات الإرهابية فى تاريخها الحديث والتى تعتبر مجزرة إنسانية كبرى باستشهاد 305 مدنيين فى تفجير مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء، تلك العملية الإرهابية تطرح بعض التساؤلات حول توقيت العملية وأسباب الاستهداف. دفعت تلك العملية العديد من المتابعين للربط بين تلك المذبحة وطبيعة المسجد المستهدف والذى يتبع احدى الطرق الصوفية «الجريرية الأحمدية» وهو ما جعل البعض يتحدث عن أن البعد الطائفى سبب فى عملية الاستهداف، ولكن بتحليل مسارات العملية الإرهابية وطبيعة المنطقة والمكان الجغرافى للمسجد ان ابعاد العملية الارهابية ابعد من عملية استهداف طريقة صوفية ولكنها تحمل رسائل ودلالات متعددة تريد العناصر المتطرفة إرسالها للعديد من الأطراف، وهو ما يمكن إجماله فى رسائل أربع: الرسالة الأولي: رسالة للتنظيمات المتطرفة غير الداعشية بسيناء تأتى العملية الإرهابية الأخيرة بعد أيام قليلة من اصدار تنظيم جند الإسلام بسيناء «أحد التنظيمات الصغيرة التابعة لتنظيم القاعدة» رسالة تهديد ووعيد لتنظيم بيت المقدس يتوعد بمواجهة العناصر الداعشية إذا استمرت تلك العناصر باستهداف المدنيين، هذا البيان تزامن مع إصدار قبيلة الترابين بيانا مشابها بتحذير العناصر الداعشية باستهداف مواطنين سيناويين ومن أبناء القبيلة، وهو ما يرجح احتمالية أن العناصر الداعشية تريد أن تصل رسالة مفادها أن الكلمة الوحيدة فى مسار الحركات المتطرفة بسيناء ستكون لداعش وأن التنظيم لن يرضخ لتهديدات تنظيمية أو قبلية. الرسالة الثانية: رسالة تهديد مجتمعي تسعى العناصر المنفذة للعملية الإرهابية الأخيرة بنشر حالة من الخوف تجاه أبناء سيناء فى محاولة لمنع حدوث أى تعاون بين المواطنين وقوات الأمن، هذا التكتيك هو شبيه بما حدث من قبل تنظيم داعش فى سوريا والعراق فى بداية ظهوره. الرسالة الثالثة : رسالة تنظيمية داخلية يمر تنظيم بيت المقدس والعناصر المتطرفة فى سيناء بحالة تراجع مزدوج من ناحية حدث خلال العام الجارى ضربات عنيفة من قبل القوات الامنية لقيادات وعناصر التنظيم أسفرت عن مقتل قائد التنظيم ( ابو أنس الأنصاري) ومسئول التدريب والدعم «عودة سلامة الحمادين» والعديد من قيادات الصف الأول والثانى بجانب استهداف أكثر من عشرين من العناصر المتطرفة المنشقة عن تنظيم عز الدين القسام والسلفية الجهادية فى قطاع غزة خلال المرحلة الأخيرة، هذا التقدم النوعى لقوات الامن المصرية اثر بشكل مباشر على بنية التنظيم، ومن جهة اخرى بدأت خلال الأشهر الماضية حالة من الجدل داخل التنظيمات التابعة لداعش من حيث اعادة التفكير فى فك الارتباط التنظيمى والعودة مرة اخرى لتنظيم القاعدة او اعادة النظر فى مسار ومستقبل التنظيمات وهو ما ينطبق على تنظيم بيت المقدس فى سيناء ومن ثم تأتى تلك العملية رسالة مزدوجة داخلية للأفراد بأن تنظيم بيت المقدس مازالت له السيطرة ويسير على نهج داعش ومن جهة أخرى رسالة خارجية بأن التنظيم مازال قويا ومتماسكا. الرسالة الرابعة: رسالة دولية مع التراجع الحاد فى قدرات تنظيم داعش فى سوريا والعراق من حيث السيطرة على الأرض والقيام بعمليات إرهابية كبري أثرت فى هذا الوضع على مسار فروع التنظيم بدول المنطقة وهو ما دفع تنظيم بيت المقدس لتوجيه رسالة دولية بأن قدرات داعش بفروعها مازالت قوية وقادرة على التأثير المباشر. فى المجمل، على الرغم من بشاعة حادث استهداف مسجد الروضة والتى تعتبر بمنزلة أحداث 11 سبتمبر مصرية ان صح التوصيف الآن فإن تلك العملية ليست دلالة على قوة التنظيم أكثرة من كونها مجزرة تحمل رسائل سياسية ظاهرها طائفى وجوهرها إثبات وجود. لمزيد من مقالات أحمد كامل البحيرى