بعيدا عن إعلان «داعش» عن تبنيه من عدمه للعملية الإرهابية التى وقعت صباح أمس الأول الجمعة، باستهداف المصلين فى مسجد الروضة بالعريش، فإن التهديدات التى وجهها التنظيم للطريقة الجريرية الصوفية، وحديثه فى إصدارين إعلاميين له عن استهداف زوايا الطريقة، جعل أصابع الاتهام تتجه نحوه بشكل تلقائى. العملية جاءت بعد انحسار ملحوظ يعانى منه ما يعرف ب«تنظيم ولاية سيناء» التابع ل«داعش»، فبعدما كانت المواجهات فى سيناء مقتصرة على الجيش والشرطة من ناحية، وجناح تنظيم «داعش» فى سيناء من ناحية ثانية، دخل إلى المشهد فصيل جديد يدعى «جند الإسلام» ينافس «داعش» ويحمل فكر تنظيم «القاعدة» الإرهابى. وبث التنظيم الجديد بيانًا صوتيًا قبل شهر، طالب فيه «داعش» بتسليم قيادات منه وهم: أبوصخر، وأبوفهد، وأبوصالح، وأبوأسامة، واصفًا التنظيم ب«الخوارج». الإصدار اعتُبر تهديدًا لوجود «داعش» فى سيناء، المهدد أصلًا بعد العمليات العسكرية المكثفة التى يقوم بها الجيش المصرى، ضد معاقل التنظيم الإرهابى. وبالاستناد إلى التصريحات الداعشية السابقة بخصوص الصوفية، جنبًا إلى جنب مع مزاحمة التنظيم الجديد «جند الإسلام»، والأهم الحصار العسكرى من قوات الجيش المصرى، يمكن تفسير عملية مسجد الروضة فى إطار مساعٍ «داعشية» للعودة إلى دائرة الضوء. خالد رفعت، رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية، قال إن تنظيم «داعش» يدرك مدى الخسائر التى تعرض لها فى الآونة الأخيرة، سواء على المستوى العسكرى، أو على مستوى التنافس مع كيان آخر، وبالتالى كان يبحث عن عملية جديدة يصعد من خلالها إلى صدارة المشهد السيناوى، فما كان منه إلا استهداف تجمع بشرى كبير يحصد منه أكبر عدد من الضحايا. ولفت «رفعت» فى حديث مع «البوابة» إلى أن استهداف «مسجد» على وجه التحديد، وليس كنيسة أو كمينًا أمنيًا، يضع علامة استفهام كبيرة، لا يمكن الإجابة عنها إلا بالقول إن «داعش» لم يكن باستطاعته إلا استهداف مكان مدنى لا يتبع أى مؤسسة أمنية، وهو أمر نابع من ضعف التنظيم وعدم رغبته فى المجازفة باستهداف كمين أمنى لا يسفر عن أى ظهور. الاتجاه إلى توجيه أصابع الاتهام نحو «داعش»، يعضده فى نفس السياق، أن التنظيم قام بتنشيط ديوان الحسبة (جهاز معنى بإجراءات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) فى سوريا، أيضًا من أجل الإعلان عن نفسه، وذلك بعدما نشر النظام السورى أنباء تؤكد انتهاء وجود «داعش» فى البلاد. ونشر التنظيم عبر منابره الإعلامية صورًا لأفراد تابعين له، يرتدون سترات مكتوبًا عليها كلمة «الحسبة»، ويراقبون الشوارع والأسواق لضبط ما يخالف الشريعة الإسلامية، على حسب فهمهم. هذه الصور رآها محمود عزام، الجهادى السابق، فى سياق فرض «داعش» لنفسه، لكنه فى الوقت ذاته قال إن «داعش» له رؤية خاصة تجاه المدنيين، فوقت القوة يزعم أنه يحمى المدنيين ويأخذ بثأرهم، أما فى أوقات الشدة وعدم قدرته على تنفيذ العمليات الإرهابية، فهو يستهدفهم هم أنفسهم، لسهولة قتلهم وعدم وجود حراسة عليهم. وعن احتمالية أن يكون «داعش» اختار مهاجمة الصوفية، بناء على ما سبق أن صدر من التنظيم من هجوم إعلامى على الطريقة الجريرية، قال «عزام» إن «داعش لا يضع فى اعتباره اليوم الخلاف الشرعى مع الصوفية، بقدر ما يسعى إلى الحفاظ على الوجود».