خرج جمال عبدالناصر من حرب السويس بطلا قوميا وعربيا وتغيرت خريطة المنطقة بدخول الاتحاد السوفيتي شريكا في بناء السد العالي الذي أصبح رمزا تجسدت فيه أهداف المصريين, وبدأ عبدالناصر مخلصا أكبر عملية إصلاح ونهضة تشهدها مصر التي كانت في ذلك الوقت أغني دول المنطقة وعدد سكانها معقول( نحو عشرين مليونا) وقيمها وأخلاقها وقدراتها قوية بفضل الطبقة المتوسطة التي تولت حماية هذه القيم فنا وثقافة وأخلاقا وسلوكا.. وشكل عبدالناصر وزارة الإصلاح بتعيين عدد من التكنوقراطيين المدنيين الذين لا ماضي سياسي لهم ولا صراعات عسكرية, وبدأت العجلة تدور بوضع أول خطة تنمية كانت لثلاث سنوات( من57 إلي60) ولكن وقبل أن تغادر طائرة التنمية الممر وتنطلق محلقة في فضاء الأحلام والأمل جاءت سوريا! كان لسوريا تأثير سابق علي مصر, فمن الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا بداية من انقلاب حسني الزعيم في مارس49 ثم انقلاب سامي الحناوي في أغسطس عام49 نفسه, ثم أديب الشيشكلي في ديسمبر العام نفسه(3 انقلابات في تسعة أشهر) تأثيرا كبيرا في جمال عبدالناصر وزملائه حرك فكرة القيام بانقلاب في مصر. ومن بداية عام58 برز دور سوريا مع مصر عندما جاء عدد من قادتها إلي عبدالناصر يلحون في ضرورة تحقيق وحدة عاجلة مع سوريا, وإلا فإن سوريا ستضيع وتقع في قبضة الخطر الشيوعي باستيلاء الضباط الشيوعيين علي الحكم, وقد حاول عبدالناصر بشدة الاعتذار فلم يكن قد شاهد سوريا من قبل, ولكن إغراءات الضباط السوريين من جهة ونداءات الزعامة العربية من جهة أخري جعلته يستسلم ويقبل. وتحققت الوحدة التي بدأت بتغيير اسم مصر بكل تاريخها إلي الإقليم الجنوبي ودخلنا مشكلات الوحدة وتغيير الدستور والوزارة, وبعد39 شهرا( في سبتمبر61) نجح السوريون في التآمر علي الوحدة وكان جرح الانفصال الذي غير تاريخ عبدالناصر ومصر! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر