وزارة الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا.. اليوم الجمعة    تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة.. عيار 21 ب3080    الفسفور.. أسعار الجمبري اليوم الجمعة3-5-2024 في محافظة قنا    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تجدد غارتها على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين.. ما القصة؟    تموين الغربية يضبط 2000 لتر سولار بمحطة وقود لبيعها بالسوق السوداء بالسنطة    جنازة مهيبة لطالب لقى مصرعه غرقًا بالمنوفية (صور)    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان نجوم دراما رمضان 2024    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    سعر الموز والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 3 مايو 2024    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«داريل » و « فورستر » ذهبا بدون رجعة وبقى « كفافيس»
حرف ( أو) الذى هدم تراث الإسكندرية


سأذهب إلى أرض ثانية وبحر آخر
إلى مدينة أخرى تكون أفضل من تلك المدينة
أينما نظرت حولى بإمعان، رأيت خرائب سوداء من حياتى
حيث العديد من السنين قضيت وهدمت وبددت
لن تجد بلادا ولا بحورا أخرى فسوف تلاحقك المدينة
ستهيم فى نفس الشوارع وستدركك الشيخوخة
سيدب الشيب إلى رأسك
وستصل دوما إلى هذه المدينة
لا تأمل فى بقاع أخرى،
وما من سبيل .. ما دمت قد خربت حياتك هنا..
..........................................................
لم أجد أبلغ من هذه الأبيات التى كتبها شاعر الإسكندرية الكبير « قنسطنطين كفافيس » لأصف الحال الذى وصلت اليه الإسكندرية، وكأنه كان يتنبأ بما ستكون عليه عروس البحر فى قصيدته الشهيرة «المدينة»، فالمدينة التى كانت لؤلؤة بين المدن ، وعروسا بين الصبايا والفتيات ، ورمز الأناقة والسحر والجمال فى عصر مضى ، فقدت بريقها وخلعت عنها سحرها وفتنتها ، وأخذ سحرها ينطفئ فى كل يوم تدك فيه معاول الهدم والجهل والطمع قصراً أو فيلا أو رمزاً من رموزها، ولم يعد غريباً أن يستيقظ السكندريون كل يوم على هزة المعدات الثقيلة وهى تدك جزءاً من ذكريات صباهم وأحلامهم ، وتستبدل بالمبانى الأنيقة ذات التصاميم الجميلة والحكايات الناعمة مبان خرسانية وكتلا صماء لا تحمل بين ثناياها قلباً أو روحاً ، فقط هى كتل أسمنتية حجرية لا تحكى أى حكايات ولا تسمع ولا ترى .
لم يعد غريباً أن تطوى الإسكندرية كل يوم صفحة من صفحات الجمال ،، فتراث المدينة وتاريخها ينهار بفعل الجهل والطمع ، فأمس سقطت فيلا «أجيون» ثم فيلا «زيرينيا» بشارع عبد السلام عارف ثم فيلا « عبود باشا» ملك السكر ثم فيلا «النقيب» حيث كانت تعيش الملكة ناريمان ، وفى غفلة من الزمن دُكت فيلا «شيكوريل»ثم لحقت بها فيلا « سليم وبشارة تقلا» مؤسسى الأهرام ثم خلال هذا الأسبوع نجح الطمع فى أن يذبح فيلا «أمبرون»التى يطلق عليها «فيلا داريل» لان الروائى الكبير صاحب رباعية الاسكندرية الشهيره عاش فيها ولا عزاء للسكندريين والمثقفين والفنانين وأصحاب الذكريات ،،، والمجد كل المجد لرأس المال والمقاولين .
حزن مدينة
يقول الأثرى أحمد عبد الفتاح أن الإسكندرية تعيش أتعس أيامها فهى تعانى حالة من الصراع بين الأصالة والثقافة التراث من جانب والعشوائية والتخبط والجشع من جانب آخر ، وقد فقد عشاقها ودراويشها حماسهم وفترت همتهم فى الدفاع عن العروس التى خلعت ملايتها اللف وقررت أن تقدم على الإنتحار غرقاً بين أكوام الحجارة والكتل الأسمنتية بعد أن فقدت هويتها وبطاقتها الشخصية ،
فقد فقدت المدينة خلال هذا الشهر قصرين كانا من أروع قصور المدينة هما قصر سليم وبشارة تقلا مؤسسى الأهرام والذى أستخدم لسنوات كمقر للحزب الوطنى .وكان المثقفون يسعون لتحويله إلى متحف لتاريخ الصحافة السكندرية ، ثم بعده بأيام سقطت وبغير رجعت لؤلؤة منطقة محرم بك وهى فيلا «أمبرون» ولم يشفع لها أنها شهدت سنوات من عمر الكاتب الإنجليزي «لوارنس داريل» الذى رُشح مرتين لجائزة نوبل وفيها كتب جزء من أشهر أعماله، من رباعية الإسكندرية مستلهماً روح المدينة القديمة وسارداً الحكايات عن شوارعها وحواريها وناسها، كما عاش فيها بعض الوقت الملك الإيطالى فيكتور عمانوئيل إبان الحرب العالمية الثانية بناء على دعوة من صاحبها أمبرون الإيطالى ،
ولن تكون فيلا «أمبرون» الأخيرة فى سلسلة هدم التاريخ العمرانى للمدينة رغم كل محاولات إنقاذها بالقانون مرة والقوة مرة ثانية والضغط العالمى مرة ثالثة فقد كتبت كبريات الصحف البريطانية تدعو مجتمع المثقفين العالمى لإنقاذها ، ومن قبل ثارت حملة فى فرنسا لإنقاذ فيلا «أجيون »التى أنشأها «أوجست بيريية » وأيضاً لم تفلح فى إنقاذ الفيلا التى حل محلها برج ليس به أى حياة ، كل هذه الضغوط لم تثمر عن نجاح حقيقى وكل ما فعلته كان تأخير الهدم لعدة سنوات والذى حدث فى النهاية .
والحكاية ترجع لسنوات مضت كما يقول عبد الفتاح حينما بدأت المبانى التراثية للإسكندرية تتساقط بفعل الجهل والجشع دون أن يتدخل أحد لمنعها، ففى غضون سنوات قليلة فقدت المدينة كثيراً من معالمها الرئيسية وملامحها العمرانية مما ينذر بمحو كل التراث المعمارى الذى كان يميز المدينة و الذى شارك فيه البناءون الايطاليون والفرنسيون . ولهذا السبب صدر القانون رقم144 لسنة 2006 بشأن الحفاظ على التراث المعمارى للمدينة والذي ينص صراحة على معاقبة كل من هدم كليا أو جزئيا مبنى أو منشأة بالحبس والغرامة لمدد متفاوتة ومبالغ قد تصل الى أرقام كبيرة، ورغم ذلك لم يرتدع المخربون ولم يقدم أحدهم للمحاكمة وإذا حدث وتم تقديمه كان يقدم شخص يطلق عليه «كحول »أو كبش فداء كما حدث فى حالة فيلا «شيكوريل »التى لم تحصل على قرار هدم ومع ذلك تم هدمها فكانت النتيجة حبس المهندس خمس سنوات وغرامة مليون جنيه وإنتهت القصة على ذلك ووقف العمارة المخالفة متحدية القانون ويدور كثيراً من الهمس حول من وراء هذه المخالفات .
من »فورستر» إلى »داريل » يا قلبى لا تحزن !
الدكتور مهندس محمد أبو الخير عضو مبادرة «انقذوا الإسكندرية يقول للأهرام: إن المبادرة تحاول حماية المبانى التراثية و كان عددها 1135 مبنى قبل موجة الهدم الأخيرة المحمومة والتصدى لها ، وقد فشلنا فى إنقاذ فيلات «أجيون» و«أمبرون» و«غرة» و «شيكوريل» بل إن التخريب طال «سينما ريالتو» التى كانت جزءا من ذاكرة المدينة السينمائية و صدر لها قرار ترميم فإذا بالشركة تهدمها بحجة سوء حالتها، و كذلك فيلا «النقيب » التى تم رفعها من قوائم التراث بناء على حكم محكمة القضاء الإدارى وتم هدمها وهى التى كانت تقيم بداخلها ناريمان ملكة مصر السابقة بعد زواجها بالدكتور أدهم النقيب. وكذلك الفيلا الشهيرة ب (89 شارع عبد السلام عارف) وقد تم هدمها رغم كونها مسجلة بقائمة التراث فى ساعات معدودة قبل أن ينتبه المسئولون , وصولا لهدم فيلا «أجيون»التى أثارت ضجة شديدة على مستوى العالم لكونها من تصميم الفرنسى «أوجوست بيريه»رائد استخدام الخرسانة المسلحة ، ثم هدم فيلا الثرى الإيطالى شيكوريل ، ثم « أمبرون»المشيدة على الطراز الإيطالى عام1920 ، ثم محاولة تخريب فندق ماجستيك بالمنشية الذى قام أصحابه بتعلية دورين بدون ترخيص مما أضر بالمبنى الأثرى الذى يسمى الفندق الملوكى لفخامته والذى صممه المعمارى هنرى غرة بك بتأثير فرنسى فى بداية العقد الثانى من القرن العشرين والذى قضى فيه الروائى الانجليزى الشهير فورستر عدة أشهر عام 1915 وشهدت هى أيضاً جزء من إبداعاته ، ويضيف الدكتور أبو الخير أن طابور المبانى التراثية النادرة التى تنتظر الهدم طويل وعلى رأسها فيلتا«سباهى وقرداحى »التى يضع السكندريون أيديهم على قلوبهم خشية أن يذهبا هما أيضاً .
يا حكومة .. الحقينا !
ويعود أحمد عبدالفتاح المشرف ليقول أن الفيلات والقصور التى نجت من هذه المذبحة هى التى تقع تحت سيطرة الحكومة ،وبالتحديد تلك التى تحولت الى مصالح حكومية ومدارس فعلى سبيل المثال أنقذت وزارة التربية والتعليم عددا من الفيلات فى منطقة محرم بك بتحويلها الى مدارس ومخازن تعليمية مثل قصر الثرى «لوران »الذى تحول الى مدرسة تجارية للبنات وفيلا «منشا »التى تحولت الى أكاديمية السادات ، كما نجت أيضاً القصور التى تحولت الى مبان تابعة للقنصليات الأجنبية مثل مبنى المعهد السويدى فى منطقة بحرى وقصر «سلفاجو» الذى تحول الى المركز الروسى والقنصلية الأسبانية فى شارع فؤاد وقصر «باسيلى باشا » الذى أصبح المركز الأمريكى ومعهد جوتة الألمانى وقصر «سرسق »الذى تحول الى بنك … أما أهم ما تم إنقاذة فكان بيت الشاعر اليونانى »كفافيس »الذى إشترته الحكومة اليونانية وحولته الى متحف ليقف شاهداً على صمت وعجز الحكومة المصرية فى حفظ ذكرى أدبائها وفنانيها ومثقفيها وهى التى لم تستطع حماية بيت سيد درويش فى كوم الدكة أو بيت الرئيس عبد الناصر .
ويضيف عبد الفتاح أن الفكرة هنا تكمن فى ضرورة التدخل السريع لإنقاذ منطقين من أهم مناطق الإسكندرية أولهما حى كفر عبده الذى يضم عددا كبيرا من القصور والفيلات الأثرية قبل أن يتم بيعها بملايين الجنيهات وهدمها إذ يضم فيلا الأميرة فايزة شقيقة الملك فاروق، وقصر «قرداحى » ذلك القصر الغامض
الذى يقبع خلف آسوار عالية وفى وسط غابة كثيفة ولكن تقول المصادر عنه أنه بنى على الطراز الكلاسيكى عام 1905 المحدث وهو نسخة من الفيلا التى كان يمتلكها القيصر ڤليلهلم الثانى و كان من المفترض أن ينزل فيه قيصر المانيا حين يزور الإسكندرية وهى الزيارة التى لم تحدث أبدا و بعد الحرب العالمية الأولى تم عرض القصر للبيع واشتراه جورج قرداحى بك الذى كان تاجر قطن ثريا ومن كبار ملاك الأراضى اللبنانيين المهاجرين لمصر وكان قد اشترى عدة أراض وقام بتطويرعدة مبان فى المنشية وشارع رشيد .. أما عن القصر نفسه فهو تحفة معمارية اذ تشبه شرفته أحد مبانى «الأكروبوليس» فى أثينا ،وهى الشرفة التى تحملها التماثيل كما يضم القصر من داخله عدة تماثيل للألهة اليونانية من الرخام المجلوب خصيصاً من اليونان بالإضافة الى لوحات فى أسقف الغرف لمناظر أسطورية وخاصة فى غرفة المعيشة والطعام .. وبحسب عبد الفتاح فأن سكان الشارع يتحدثون عن أن الفيلا فى طريقها للهدم ..ولذا لابد من إستصدار تشريع عاجل ينقذ مثل هذه الفيلات والقصور، ووقف إصدار أى تصاريح بالترخيص للبناء أو الهدم مؤقتا حتى صدور هذا التشريع ، أما المنطقة الثانية فهى التى يقع ضمن نطاقها شارع فؤاد وكوم الدكة فهى تعانى من نفس المشكلة وخصوصاً أنها تضم الكثير من المبانى الجميلة التى كان يقطنها الشوام والأرمن والإيطاليين واليونانيين .
المشكلة معقدة
الدكتور محمد عوض رئيس اللجنة الفنية للحفاظ على التراث المعمارى يرى أن المشكلة متشابكة ومعقدة وذات أبعاد كثيرة فبداية هناك عدد كبير من المبانى التاريخية هدمت من قبل أصحابها قبل محوها من قائمة التراث فى الإسكندرية ويبلغ عددها 30 مبنى أبرزها فيلا «أجيون، ودير «سانت كلير»، وفيلا «النقيب »بالإضافة إلى مبان تعرضت للهدم قبل البت فى التظلم المقدم من أصحابها إلى القضاء، ويبلغ عددهم 17 مبني، فى حين بلغ عدد المبانى التى شوهت وخربت، وهدمت أجزاء منها 22 مبني وأضاف آن لجنة «الحفاظ على المبانى والمناطق التراثية بالإسكندرية” طالبت أكثر من مرة ،وعلى مدار سنوات بالحفاظ على 1135 مبني، منها 1109مبان ذات طراز معمارى مميز، و10مرتبطة بشخصيات تاريخية مثل فى حالة فيلا «تقلا »التى هدمت ، و8 تمثل مزارات سياحية، و6 مرتبطة بالتاريخ القومي، ومبنيين يمثلان حقبة تاريخية ، وقد شهدت الفترة الأخيرة هدم العشرات من المبان التراثية التى ترسم ملامح المدينة العمرانية والحضارية ، كما تم إخراج 36 مبنى من مجلد التراث مما يسمح بهدمها بدون خوف ، ولذا أرى أنه لحل هذه المشكلة ومنع هدم هذه المبان يجب إقامة جسور بين وزارة الثقافة والمحليات من ناحية وهيئة قضايا الدولة من ناحية أخرى -وهى الجهة المنوط بها الدفاع عن هذا النوع من القضايا- لإطلاعها على أهمية هذا التراث المعمارى لمصر حتى يتم حل المشكلة من جذورها .ويضيف أن القضايا المرفوعة فى هيئة قضايا الدولة لا تصل إلينا فى لجنة حماية التراث ولا نعرفها إلا بعد مرور مدة الطعن وبالتالى يسقط الحق فى ايقاف الهدم . كما يجب تحديث قائمة المبانى التراثية لإيقاف قرارات الهدم ومتابعة المخالفات بطريقة رسمية وتفعيل قانون التراث ودفع التعويضات والنظر فى موضوع الإيجارات الضئيلة لهذه المبانى الهامة مما يغرى أصحابها بهدمها وأكد عوض أن القائمين على الأمور لا يهتمون كثيراً بالحفاظ على التراث ولذا نحن فى ورطة بسبب الاستهتار رغم أننا نسمع كثير من التصريحات عن الحفاظ على التراث وتشكيل لجان وتفعيل قرارات ولكن لا شئ يحدث على أرض الواقع والهدم والتدمير مازال مستمراً .أما محمد أبو الخير فقد قال فى تصريح سابق أنه قد تم رصد إخراج أكثر من 36 مبنى من قائمة الحفاظ على المبانى التراثية بالإسكندرية تمهيداً لهدمهما مما يشى بكارثة على وشك الحدوث ،بخلاف المناطق والشوارع التراثية التى تتعرض للتخريب الممنهج مما يدفعنا لضرورة وضع آلية حقيقية وواضحة للحفاظ على هذة المبان وفى الوقت نفسه تعويض ملاكها خاصة أن ما يحدث حاليا لا يهدد التراث العمرانى والحضارى فقط بل يمتد الى تاريخ الأمة وثقافتها وحضارتها لذا لابد من إستعجال إصدار تشريع من البرلمان يحمى هذا التراث، ويتصدى لمافيا الهدم والتخريب خاصة وأن المادة 50 فى باب الحقوق والحريات من الدستور المصرى تنص صراحة على أن تراث مصر الحضارى والثقافى والمادى والمعنوي، بجميع تنوعاته ومراحله ، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافى المعاصر المعمارى والأدبى والفنى بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أى من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.
حل عادل
ويقول عاشق المدينة القديمة أحمد عبد الفتاح أن المشكلة الأساسية تكمن فى إستغلال أصحاب الفيلات ومحاموهم للثغرات فى قانون رقم 144 لسنة 2006 والتى تتضمن المادة الثانية من اللائحة التنفيذية ثغرة هى حرف ( أو ) الذى سقط من القرار الذى نشرته الجريدة الرسمية والذى يقول »الحفاظ على التراث المعمارى المميز أو المبان ذات العلاقة بالشخصيات التاريخية والقومية ، سقط حرف ( لو ) فدخلت منه الفهلوة وخرج التراث ولذا فنحن نطالب بتدارك هذا الخطأ كما أن هناك تلاعب يتم بالتواطؤ مع الأحياء فى ترقيم المبان وإعطائها أرقام مخالفة للموجود فى المجلد تحت مسمى رقم الصفيحة ورقم المبنى وبالتالى يتم التلاعب بالقانون ، ولذا لابد من وضع تشريع عادل يوازن ما بين مصلحة الدولة فى الحفاظ على تراثها الحضارى وهويتها الثقافية ومصلحة صاحب العقار الذى يجد بين يدية ثروة غير مفعلة فيقع ضحية لجشع المقاولين ويبيعهم العقار الذى يملكه ولا يدرك قيمته ، فلابد هنا من تعويض عادل للملاك أو مساعدتهم فى تشغيل هذا العقار بما يضمن لهم موارد مربحة ويحافظ عليه فى ذات الوقت بتحويلة لمركز ثقافى أو فنى أو فندقى بالإضافة لنشر الوعى بين المواطنين بأهمية هذه المبان وتشجيعهم للإبلاغ عن محاولات هدمها بتقديم مكافأة لهم أو حتى بتشجيع الدولة للتدخل وشراء هذه المبان ، فالتجربة أثبتت أن القصور الموجودة فى حوزة الدولة أصبحت فى أمان من التخريب مثل مبنى مجلس الدولة والجهاز المركزى للمحاسبات ( قصر سيلفاجو ) ،، أما فى حالة الهدم بدون الحصول على ترخيص وبالمخالفة للقانون فيجب سحب ملكية الأرض وتحويلها الى حديقة كمنفعة عامة ومعاقبة مرتكبى هذا الجرم بشكل يردع من يحاول تقليده .. وفى تطور سريع للأحداث ولإيقاف موجة الغضب التى إشتعلت فى الإسكندرية بين المثقين والمعماريين فقد أصدر الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية قراراً بوقف تراخيص الهدم لحين البت فى موضوع الفيلات والقصور التراثية كما أمر بتشكيل لجنة لفحص ملفات القصور التى هدمت والتى تستعد للهدم للتأكد من عدم إنتهاكها للقانون وإستدعاء الخبراء القانونيين لإيجاد حلول لهذا المأزق الحضارى بإستلهام الحلول من التجارب السابقة لمدن مرت بهذه المشكلات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.