حصل نيرودا على عدد من الجوائز المهمة، من بينها جائزة السلام الدولية عام 1950،وجائزة لينين للسلام عام 1953، وجائزة نوبل فى الأدب عام 1971 أيام ربما تفصلنا عن حل لغز وفاة واحد من أهم الشخصيات الأدبية فى القرن العشرين، بابلو نيرودا الشاعر التشيلى الحاصل على نوبل، الذى رحل فى أواخر سبتمبر عام 1973 . فبعد 44 سنة على رحيله أعلنت أسرة نيرودا أن لجنة من الخبراء الدوليين ستجتمع فى تشيلى بعد ايام خلال أكتوبر الجارى ، لإعلان قرارهم النهائى فى وفاة الشاعر الكبير وما إذا كان تعرض للقتل بالسم من قبل نظام الديكتاتور التشيلى أوجستو بينوشيه (1973 - 1990) اللجنة التى تتكون من خبراء من كندا والدانمارك والولاياتالمتحدة و أسبانيا و تشيلى سيجتمعون فى العاصمة سانتياجو قبل منتصف أكتوبر، لدراسة آخر التحاليل وكتابة تقرير نهائى للقاضى ماريو كاروزا، ليغلق ملف القضية التى أعيد فتحها قبل أربع سنوات كاملة، بحسب صحيفة لوفيجارو الفرنسية. وكان الشاعر الحاصل على جائزة نوبل فى الأدب فى عام1971 قد توفى فى إحدى العيادات فى سنتياجو عام 1973، بعد أيام فقط من الانقلاب العسكرى الذى أطاح بالرئيس الاشتراكى سلفادور أليندي، والذى كان نيرودا مقربا منه، وقد خضعت رفاته للعديد من الفحوصات والتحاليل على مدار السنوات الأخيرة. فقد تم استخراج الجثة فى عام 2013، ولم يتم إعادة دفنها إلا فى عام 2016، من دون الوصول إلى حل نهائى للغز الوفاة الغامضة... وإن كان كثير من الخبراء يرجحون نظرية الاغتيال. و فى مايو 2014، كشف فريق من الخبراء الإسبان وجودا كثيفا للبكتيريا العنقودية الذهبية، التى رجحوا أن يكون نيرودا قد حُقن بها على أيدى عملاء بينوشيه. وقد تم تكليف أربعة مختبرات فى الولاياتالمتحدة، والنرويج، وأسبانيا والدانمارك، لتحليل الحامض النووى (دى إن إيه)، للرفات لمعرفة طبيعة تلك البكتيريا. بحسب شهادة الوفاة الصادرة عن المجلس العسكرى ، فإن الشاعر صاحب نوبل توفى عن عمر 69 عاما بسبب سرطان البروستاتا. ولكن فى عام 2011، ادعى مانويل أرايا، السائق الخاص لنيرودا، أن الوفاة نتجت عن حقنة غامضة حقن بها الشاعر التشيلى فى اليوم السابق على الوفاة، قبل أن يغادر إلى المكسيك، منفاه الاختيارى الذى كان ينوى أن يقود المعارضة منه ضد نظام بينوشيه. ثم كانت وفاة الرئيس الأسبق إدواردو فراى (1964 – 1970)، فى العيادة نفسها فى عام 1982، لتعزز من نظرية تعرض نيرودا للاغتيال. وبعيدا عن لجنة التحقيق فى مقتله شهد هذا العام عرض فيلم جديد بعنوان نيرودا للمخرج بابلو لاران، الذى اشتهر منذ ترشيحه للأوسكار عن بفيلمه «جاكى». أما فيلمه الجديد فعن شاعر تشيلى الأشهر ، فقد رشح للمشاركة باسم تشيلي، فى مسابقة أفضل فيلم أجنبى فى أوسكار هذا العام. ورغم أن الفيلم لم يفز فى المسابقة إلا أنه عمل فنى متميز ينفخ الروح فى صورة البيوجرافى لتنبض حياة. اختار لارين أن يحكى قصة نيرودا من زاوية غريبة.. من خلال شخصية أوسكار بيلوتشونو ، وهو ضابط شرطة يحاول أن يصل للشاعر الهارب، والحوار داخل نفسه يحاكى شعر نيرودا. ويتركنا الفيلم فى النهاية مع أسئلة عن مدى مصداقية الرواية، فى فيلم يتمركز حول فنان مبدع وسياسى متميز يعرف قدره وقدراته دون مبالغة فنيا وسياسيا. ويتم خلال أيام بث الفيلم تليفزيونيا. »لم أفكر أبدا فى حياتى على أنها مقسمة بين الشعر والسياسة»، هذا ما قاله بابلو نيرودا فى خطابه فى 30 سبتمبر عام 1969 ، بمناسبة قبول الترشح للرئاسة عن الحزب الشيوعى التشيلي. »أنا مواطن تشيلى ظل لعقود يعيش سوء الحظ، والمصاعب التى تواجه وجودنا القومى ، مواطن شارك التشيليين فى الأفراح والأتراح جميعها . أنا أنتمى إلى أسرة من الطبقة العاملة ... لم أكن يوما مع أولئك الناس فى السلطة، ودائما ما شعرت بأن مكانى وواجبى هو خدمة الشعب التشيلى بعملى وبأشعارى على السواء. وقد عشت أدافع عنهم وأغنى لهم». وبسبب انقسام اليسار ، انسحب نيرودا من السباق الرئاسى بعد أربعة أشهر من حملة انتخابية صعبة، واستقال ليدعم مرشح حزب الاتحاد الشعبي. ........ اسمه الأصلى ريكاردو إليسير نيفتالى ريس باسوالتو، وفى عام 1923، باع كل ما يملك ليطبع كتابه الأول بعنوان »الغسق»، واختار لنفسه اسم نيرودا الذى استوحاه من اسم الأديب التشيكى يان نيرودا، وذلك تفاديا للصدام مع عائلته، حيث كان والده يرفض كتابته للشعر واشتغاله بالأدب وفى العام التالى وجد ناشرا لديوانه الشهير »20 قصيدة للحب وأغنية واحدة لليأس» وهو الكتاب الذى صنع شهرة نيرودا، الذى ترك دراسته فى سن العشرين ليتفرغ للشعر. وفى عام 1927، بدأ نيرودا رحلة عمل طويلة كدبلوماسى ،بحسب تقليد سائد فى أمريكا اللاتينية بتكريم الشعراء بمناصب دبلوماسية. وبعد العمل كقنصل فخرى فى بورما، صار القنصل التشيلى فى بوينس أيريس، بالأرجنتين عام 1933. وبينما هو هناك، بدأ صداقة مع الشاعر الإسبانى الذى كان يزور الأرجنتين حينها فيدريكر جارسيا لوركا.وبعد انتقاله إلى مدريد فى نهاية ذلك العام، التقى نيرودا كذلك بالكاتب الإسبانى مانويل ألتولاجويري.، وأسسا معا دورية أدبية بعنوان «الحصان الأخضر للشعر» فى عام 1935. ثم نشبت الحرب الأهلية الإسبانية فى عام 1936، لتقطع الطريق السياسى والشعرى لنيرودا. وقد وثق نيرودا السنوات الرهيبة التى انتهت بقتل لوركا فى عام 1937، ونشرها من الجبهة. وأدى تعاطف نيرودا مع الوطنية الإسبانية أثناء الحرب إلى طرده من مدريد فى عام 1937، ثم انتقل إلى باريس وساعد فى توطين اللاجئين الإسبان فى تشيلي. وعاد نيرودا إلى تشيلى فى عام 1938، حيث جدد نشاطه السياسى واستأنف إنتاجه الشعرى بغزارة. ثم عين قنصل تشيلى فى المكسيك فى 1939 ، وظل بها مدة أربع سنوات. ومع عودته إلى تشيلى فى 1943، تم اختياره عضوا بالبرلمان، والتحق بالحزب الشيوعى . وعندما انتقلت السلطة فى تشيلى إلى اليمين، أعلنت الشيوعية كنشاط غير مشروع وطرد نيرودا من البرلمان، واضطر إلى الفرار والاختفاء.خلال تلك السنوات نشر ديوان »النشيد العام»فى عام 1950. وفى العام 1952، الغت السلطات حكما بسجن الكتاب والسياسيين اليساريين، وعاد نيرودا إلى تشيلى وتزوج من ماتيلدا أوروتيا – وهى ثالث زيجاته (بعد ماريا أنطوانيت فوجلزانج وديليا ديل كاريل والتين انتهتا بالطلاق، ولمدة 21 عاما تلت، استمر نيرودا فى عمله الذى كان يمزج ما بين الاهتمامات العامة والخاصة، وصار يعرف باسم شاعر الشعب. فى تلك الأثناء حصل نيرودا على عدد من الجوائز المهمة، من بينها جائزة السلام الدولية عام 1950،وجائزة لينين للسلام عام 1953، وجائزة نوبل فى الأدب عام 1971 اكتشف شاعر الشعب إصابته بالسرطان وهو يمضى مدة خدمته كسفير فى فرنسا، فاستقال من منصبه لينهى رحلته الدبلوماسية. وفى 23 سبتمبر 1973، بعد 12 يوما من هزيمة النظام الديمقراطى التشيلي، مات أعظم شعراء أمريكا اللاتينية منذ داريو فى سانتياجو العاصمة.
قصيدة حب (القصيدة رقم 15)
شعر بابلو نيرودا ترجمة: م.ش.
أحبك هادئة .. كأنما غائبة تسمعيننى من بعيد لكن صوتى لا يَمسّك يبدو أن جفنيك اعتادا التحليق يبدو أن قبلة أغلقت شفتيك
ولأن كل هذه الأشياء ممتلئة بروحي تطلعين أنت من هذه الأشياء ممتلئة بروحي تشبهين روحي كحلم الفراشة ككلمة الحزن
أحبك هادئة كما لو كنت بعيدة كتنهيدة .. كرفيف فراشة تسمعيننى من بعيد ولا يصلك صوتي دعينى أنعم بتلك السكينة سكينة صمتك